الحوكمة.. كأحد مفاهيم الليبرالية الجديدة

الدكتور ذوالفقار عبود
يُسوِق مروجو الليبرالية الجديدة (Neoliberalism) لنهجهم الاقتصادي من خلال الادعاء بالعلاقة الجدلية ما بين الحرية السياسية والاجتماعية والحرية الاقتصادية أيضاً.
ظهر مفهوم الليبرالية الجديدة أو النيوليبرالية (Neoliberalism) في أواخر القرن التاسع عشر، ليشير إلى فلسفة اقتصادية تدعم رأسمالية السوق الحرة، والحد من تدخل الدولة في الاقتصاد.
سعت النيوليبرالية إلى تحويل قيادة الاقتصاد من يد القطاع العام إلى يد القطاع الخاص، ويُجادل منظرو النيوليبرالية بأنه يمكن إحراز تقدم اجتماعي واقتصادي أكبر في المجتمعات الحرة عندما يتم تحديد تدخل الحكومة في الاقتصاد إلى الحد الأدنى.
ترتبط الليبرالية الجديدة بسياسات تزعم السعي نحو التحرر الاقتصادي، ومن هذه السياسات:
– إلغاء القيود التنظيمية على التعاملات التجارية (إلغاء التسعير الإداري أو تسعير الحكومة للسلع في الأسواق).
– الحد من نفوذ الدولة في مجال الاقتصاد عبر إجراءات منها الخصخصة (بيع القطاع العام إلى القطاع الخاص)، والتقشف (خفض الإنفاق العام بتقليص الخدمات العامة).
– خفض الإنفاق الحكومي وتقييد الملكيات العامة بهدف زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد والمجتمع.
– تخفيض الضرائب.
اللبيبرالية: هي فلسفة سياسية تقوم على مبادئ الحرية والمساواة، ومنها:
– الليبرالية الكلاسيكية التي تركز على مبدأ الحرية بشكل عام.
– الليبرالية الاجتماعية (أو الاشتراكية اليسارية) التي تركز على مبدأ المساواة.
– الليبرالية الاقتصادية التي تمثل السياسات الاقتصادية في الليبرالية الكلاسيكية، وتدعم ما يسمى اقتصاد عدم التدخل (عدم تدخل الدولة) وتدعم التجارة الحرة والمنافسة في الأسواق.
ويعتقد أنصار الليبرالية الاقتصادية أنه لا يمكن فصل الحرية السياسية والاجتماعية عن الحرية الاقتصادية، في حين يعارض أنصار الليبرالية الاجتماعية (الاشتراكية) مبدأ الليبرالية الاقتصادية، لأنه يدعم الرأسمالية ويركز على القطاع الخاص بدلاً من القطاع العام.
لقد ظهر مصطلح الليبرالية الجديدة رسمياً عام 1889 على يد الاقتصادي الفرنسي شارل جِيد. وبدأ انتشار الفلسفة النيوليبرالية عام 1930 بين علماء الاقتصاد الأوروبيين في محاولة منهم لإحياء وتجديد الأفكار الأساسية في الليبرالية الكلاسيكية مع تراجع شعبيتها بشكل واضح في أعقاب أزمة الكساد الكبير (Great Depression)‏ والتي هي أطول فترة ركود اقتصادي في تاريخ الغرب، حيث انخفض الإنفاق الاستهلاكي بشكل كبير مقابل ارتفاع هائل في أسعار الأسهم وارتفاع معدلات البطالة والفقر، ونُظر إلى هذا الكساد على أنه فشل واضح لسياسات الليبرالية الاقتصادية.
منذ ذلك الحين، استُخدم مصطلح النيوليبرالية للدلالة على عدة معانٍ،  فاستخدمه علماء الاجتماع لوصف التحولات في المجتمع بسبب الإصلاحات القائمة في الأسواق لعقود بعد الكساد الكبير، لذلك صُنفت النيوليبرالية آنذاك على أنها أيديولوجية غير متجانسة، لأن هذا المصطلح من الممكن أن يحمل معاني متعددة تبعا للسياق الذي يستخدم فيه.
مع مطلع عام 1980، بدأ المصطلح يتخذ دلالات سلبية، وتم استخدامه بشكل أساسي من قبل منتقدي رأسمالية عدم التدخل.
ولم يصبح مصطلح النيوليبرالية عالمياً حتى عام 1994، بعد مضي عامين على اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (North  America Free  TradeAgreement – NAFTA) التي وُقِعت بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا وهدفت لتسهيل التعاملات التجارية بين هذه الدول الثلاث عن طريق رفع القيود التجارية وزيادة فرص الاستثمار، وباتت النيوليبرالية تُعرَف على أنها امتداد الأسواق التنافسية إلى جميع مجالات الحياة بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والمجتمع.
الفرق بين الليبرالية والنيوليبرالية:
قد يبدو المصطلحان متشابهين، إذ إن كليهما يدعو إلى رأسمالية السوق الحرة.
ورغم أن النيوليبرالية تدعو أيضاً إلى سياسة اقتصادية قائمة على عدم التدخل من الحكومات، فإنها تدعو كذلك إلى بناء دولة قوية تستطيع أن تحقق ما تسميه إصلاحات في السوق، إذ ستنعكس تلك الإصلاحات على جوانب المجتمع كافة.
وفي حين أن الليبرالية ترفض التدخل الحكومي تماماً، فإن النيوليبرالية تسمح بتدخل الحكومة في الاقتصاد لكن بهدف دعم الأسواق الحرة العالمية.
ويجادل مؤيدو النيوليبرالية بأن تحقيق مزيد من الحرية الاقتصادية يعني بالضرورة مزيداً من التقدم الاقتصادي والاجتماعي للأفراد، وبرأيهم فإن تطبيق النظام النيوليبرالي، سيؤدي إلى:
– دعم المشاريع الحرة والمنافسة، وإلغاء القيود التنظيمية، وزيادة المسؤولية الفردية.
– تحديد سيطرة الحكومة على الصناعة وتعزيز ملكية القطاع الخاص للأعمال التجارية والممتلكات.
– التخصيص الفعال للموارد.
– تشجيع العولمة بوصفها بديلاً عن الأسواق الموجًهة أو المخططة.
– تخفيض الإنفاق الحكومي، وبالتالي تخفيض الضرائب.

– سيطرة حكومية أقل على النشاط الاقتصادي ما يعني أداء أكثر فاعلية للاقتصاد.
– زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد.
– إضعاف جماعات الضغط من نقابات ومنظمات، وتأمين مرونة أكبر في عمليات التوظيف.
– ضمان تدخل الحكومة عند الحاجة للمساعدة في تنفيذ أنشطة السوق الحرة وضمان استدامتها وحمايتها.
من الانتقادات التي يواجهها النموذج النيوليبرالي في الاقتصاد:
1- خصخصة الخدمات العامة من تعليم وصحة وطاقة.. فالدعوة إلى نهج السوق الحرة في مجالات مثل الصحة والتعليم ليست سوى دعوات مضللة، لأن هذه الخدمات عامة، وفي حين أن مضمار الصناعة والتجارة قائم على الربح بالدرجة الأولى، فإن تلبية الخدمات العامة ينبغي ألا تكون قائمة على دافع تحصيل الأرباح.
والأهم من ذلك، أن اعتماد نهج السوق الحرة في مجالي الصحة والتعليم قد يؤدي إلى زيادة عدم المساواة، فالأفراد غير القادرين على دفع تكاليف الصحة والتعليم لن يحصلوا على فرص متساوية مثل من يمتلكون المال. كما أن خصخصة مجالات عامة مثل الصحة والتعليم ستؤدي إلى إضعاف الموارد الضرورية لصحة الاقتصاد على المدى الطويل.
2- تشجيع الاحتكار: حيث أن سياسات النيوليبرالية تشجع الاحتكار، ما يزيد من أرباح الشركات على حساب الفوائد التي تعود على المستهلكين. وهذا النهج الاقتصادي يحول المواطنين لمستهلكين فقط، وبدلاً من تعزيز المجتمعات، تعزز النيوليبرالية الأسواق، وتتركز القوة في أيدي المتحكمين فيها. وهو ما ينجم عنه مجتمع مفكك تحتكر مصادر الإنتاج فيه نخبة رأس المال، بينما يشعر بقية المواطنين بالعجز الاقتصادي وعدم القدرة على الانخراط في مجتمع رأس المال.
3- زيادة عدم الاستقرار المالي: خلافاً لما يدعيه النيوليبراليون، فإن إلغاء القيود التنظيمية على رأس المال لم يساعد بالضرورة في التنمية الاقتصادية، بل أدى تحرير رأس المال إلى زيادة عدم الاستقرار المالي.
ويكشف تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي بشأن النيوليبرالية عن أن الزيادة في تدفقات رأس المال كانت عاملاً في زيادة مخاطر عدم الاستقرار الاقتصادي في العديد من الدول.
وعلى سبيل المثال، يؤكد الاقتصاديان ديفيد هويل ومامادو ديالو أن السياسات النيوليبرالية أسهمت في زيادة عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يحصل حوالي 30% من العمال على أجور منخفضة، في حين تعاني 35% من القوى العاملة البطالة الجزئية.
4- تكريس عدم المساواة: السياسات النيوليبرالية تزيد من عدم المساواة وتوسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في المجتمع.
فالتفاوت الكبير في الثروة والدخل بين الأفراد في الدول التي تتبنى هذه السياسات قد تعيق آفاق النمو طويلة الأجل للاقتصاد، خاصةً أن أصحاب الدخول المنخفضة لديهم قدرة إنفاق محدودة، في حين أن الذين يصبحون أكثر ثراء لديهم ميل أعلى للادخار. ووفقاً لهذا السيناريو، لا تتدفق الثروة  إلا باتجاه الأغنياء.
ويجادل الاقتصادي دين بيكر، الباحث في مركز البحوث الاقتصادية والسياسية (CEPR)، بأن ارتفاع عدم المساواة في الولايات المتحدة كان بشكل أساسي بسبب سلسلة من خيارات السياسات النيوليبرالية، بما في ذلك التحيز المناهض للتضخم ومناهضة النقابات والتربح من قطاعات عامة، مثل قطاع الرعاية الصحية.
5- العولمة وترسيخ الإمبريالية: تدعي النيوليبرالية بالتركيز على الكفاءة الاقتصادية، والاستعاضة عن الشركات المملوكة للحكومة بشركات خاصة، الأمر الذي يشجع العولمة، وهو ما قد يحرم الدول ذات السيادة من الحق في تقرير المصير.
أما ادعاء أن الخصخصة قد تزيد الإنتاجية، فإنه لا ضمانة بأن التحسن سيكون مستداماً.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سياسات النيوليبرالية معادية للديمقراطية، ويمكن أن تؤدي إلى الاستغلال والظلم الاجتماعي، وقد يكون الفقر أحد تبعاتها.
كما أن النيوليبرالية تشجع على الإمبريالية. فقد اتهمت روث بليكلي، أستاذة السياسة والعلاقات الدولية في جامعة شيفيلد، الولايات المتحدة وحلفاءها بالإرهاب والقتل الجماعي خلال فترة الحرب الباردة، كوسيلة لدعم وتعزيز توسع الرأسمالية والنيوليبرالية في الدول النامية.
ويجادل الجغرافي ديفيد هارفي بأن النيوليبرالية تشجع شكلاً غير مباشر من الإمبريالية يركز على استخراج الموارد من البلدان النامية عبر مؤسسات دولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من خلال تقديم قروض مشروطة إلى الدول النامية. حيث تضع هذه المؤسسات الدولية شروطاً للحصول على القروض تضمن الثراء للدول المتقدمة، وعلى سبيل المثال، للحصول على قرض يجب أن تكون لدى الدولة احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، ما يدفعها إلى شراء سندات الخزانة الأميركية.
وبحسب تعليق الخبير الاقتصادي جوزيف ستيغليتز “نحن في عالم غريب تدعم فيه البلدان الفقيرة -في الواقع- تلك البلدان الغنية.
أوهام الحوكمة في الليبرالية الجديدة..

تبشر النيوليبرالية بنموذج جديد للدولة، تمارَس فيه السلطة على أساس مبدأ الحوكمة (governance)، أي على نمط الشركات المساهمة في النظام الرأسمالي ذي التقاليد الأنغلوساكسونية، حيث يمارِسُ مالكو الأسهم نوعاً من الرقابة والتوجيه عند توزيع الأرباح، بهدف دفع المديرين في مجلس الإدارة إلى العمل على تحقيق أقصى قدر من الربح للمؤسسات التي يتولون تسييرها.
نموذج الحوكمة الذي تبشر به الليبرالية الجديدة، يهدف إلى تقليص دور الدولة، بحيث تكون مهمتها القيام بتسيير الأمور تحت توجيه ورقابة الطبقة الاجتماعية التي يوازي وضعها في الدولة وضع مالكي الأسهم بالنسبة للمديرين في الشركات المساهمة الكبرى.
مصطلح الحوكمة (Governance) في اللغة  الإنجليزية يفيد  معنى الرقابة والتوجيه والتدبير، وفي نفس الوقت يفيد معنى السيطرة وممارسة السلطة، وهو غير مصطلح الحكومة بمعنى الجهاز التنفيذي للدولة (الوزارة) أو ( government)، كما أنه لا يدخل في علاقة اشتقاقية مع اللفظ الإنجليزي الذي يفيد معنى إصدار الحكم.
معنى الرقابة هنا يفيد تلك العلاقة التي قد تكون من أعلى إلى أسفل، أو من أسفل إلى أعلى. وهذا ما يلح منظرو الليبرالية الجديدة عليه، إذ يؤكدون أن المقصود بالـحوكمة هو الجمع بين الرقابة من أعلى (الدولة) والرقابة من أسفل (منظمات المجتمع المدني ..). كما يحيل معنى الحوكمة إلى عملية ممارسة السلطة بالمعنى الشامل للكلمة، فهو يضم ليس فقط الحكومة التي تتألف من مؤسسات وفاعلين مكلفين بممارسة السلطة، بل يشمل أيضا عناصر مماثلة تنتمي إلى القطاع الخاص والمجتمع المدني.
إن مفهوم الحوكمة يراد به الإمساك بظاهرة معقدة، قوامها آليات ومؤسسات وفاعلين في الدولة، وسوق ومحيط اجتماعي، وأنواع التداخل القائمة بين جميع هذه العناصر، كل ذلك في مقاربة شمولية ومنهجية.
ويجادل مناصرو الحوكمة على أنها تتميز بخصائص أساسية، مثل الشفافية والمسؤولية والفعالية والمشاركة العامة وحكم القانون. وعلى أنها تؤكد على الحرص على أن تسود هذه الخصائص الأساسية المحيط السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ويتضح أن المرجعية المباشرة في هذا التصور للحوكمة هي نفسها النظرية النيوليبرالية. لذلك فالحوكمة لدى الليبراليين الجدد تأتي بديلاً عن الدولة، كما يأتي الفقر مكان الاستغلال.
إن النيوليبرالية كبنية إيديولوجية تمثل أعلى ما أفرزته الرأسمالية في موطنها، تماما كما كانت الماركسية في زمنها، وإن نقل هذه البنية الإيديولوجية أو أجزاء منها إلى العالم العربي يتم في ظروف ما يسمى بـالعولمة وتغير النظام العالمي وصراع الحضارات. لذلك فإن التأثير السلبي الذي تمارسه هذه الظروف على العالم العربي لا يختلف في جوهره عن التأثير السلبي الذي مارسته عليه الحرب الباردة والقطبية الواحدة، والتي أدت إلى تدمير عدة دول عربية منها سورية مع تشديد الحصار المضروب عليها منذ ثلاثة عشر عاماً، كما أن وضع القضية الفلسطينية لم يتغير رغم التنازلات التي قدمها الحكام العرب والفلسطينيون أنفسهم، ورغم احتكامهم إلى الولايات المتحدة وإعلان اعتمادهم على الغرب، وهذا ما توضح في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي دخلت شهرها السادس في ظل ضعف عربي رسمي.
ولا يمكن أن يحدث تغيير حقيقي في الشرق الأوسط في اتجاه التنمية بدون حل القضية الفلسطينية، فالتغيير الإيجابي في إطار هذا النموذج الليبرالي أو ذاك يتطلب الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
كما أن مساندة الغرب للأنظمة العربية التي تعادي الحداثة السياسية والاجتماعية والثقافية وتحاربها ما زالت مساندة قوية ومتواصلة لأنها محكومة باستمرار حاجتها إلى النفط، وليس بإيمانها بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والشعوب.
لذلك فإن مفهوم الحوكمة الذي تنادي به الليبرالية الجديدة وما يرافقه من دعوة إلى اعتماد الشفافية والمسؤولية والاستقامة والجد في العمل هو مفهوم يؤسسه تصور للدولة  كـشركة مساهمة، لها مديرون (الحكومة) ومساهمون (حملة الأسهم وجمعيات المجتمع المدني)؛ والهدف هو تقليص وتحجيم دور الدولة، وهذا إن كان معقولاً ومقبولاً في مجتمع مستقر ومتطور في بنياته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فهو موضوع تساؤل ملح في مجتمع غير مستقر ومتماوج ومضطرب.
من جانب آخر تتجاهل النيوليبرالية  طبقة العمال والمستخدمين، إذ تجعل هدفها الرئيسي تحقيق أقصى ما يمكن من الربح من أجل استقطاب الاستثمارات وهي تنسى أن ذلك لا يمكن أن يكون إلا على حساب الشرائح المتوسطة التي تزداد فقراً، وبالتالي فالنتيجة لن تكون التخفيف من الفقر بل تعميمه.
لذلك فإن الليبرالية الجديدة تتحرك في إطار عام يسمى العولمة، وردود الفعل التي نشاهدها في كل مناسبة ضد العولمة في الولايات المتحدة الأميركية نفسها وفي دول أخرى متقدمة، دليل على أن الليبرالية الجديدة والعولمة معاً قد بدأتا تفرزان نقيضهما، في عقر دارهما.

إن الشرط الضروري الذي من شأنه أن يؤسس نظرياً على الأقل لمصداقية هذا النمط من الدولة الذي تدعو إليه الليبرالية الجديدة، هو وجود شركات تستحوذ على القسط الأكبر من الاقتصاد، أي وجود نظام رأسمالي وطني متطور، تماماً كما كان الشرط الضروري الذي كان يؤسس، من الناحية النظرية، قيام الاشتراكية من منظور ماركسية ماركس وإنجلز، هو وجود بروليتاريا متطورة واعية سياسياً واجتماعياً، والعالم العربي الذي لم يوفر شرط الاشتراكية بالأمس ليس قادرا اليوم على توفير شرط الليبرالية الجديدة.
إن الليبرالية الجديدة والقديمة على السواء ليست مشروعاً للمستقبل، بل هي دوما مشروع الحاضر. ومن المؤكد أن سياساتها وتوجهاتها ستتغير بمجرد أن يتلمس منظروها أن الحاضر آخذ في التغير. فهي تقوم فلسفياً على مذهب التجريبية  (empirism)، وأخلاقياً على مذهب المنفعة  (pragmatism).
*أستاذ بجامعة تشرين

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم