الفنون تؤرّخ ذاكرة الجسد السوري حبراً وشعراً

الملحق الثقافي:          

عبدالله الشاهر: شعر الحرب بلور بنية القصيدة.. والرواية السوريّة أكثر الأجناس الأدبيّة حضوراً في تاريخ أدب الحرب.

لامس الباحثون والمبدعون السوريّون هموم مجتمعهم أثناء الحرب، محاولين أن يؤرخوا الذّاكرة السوريّة التي تختزن المآسي والآلام، فكتبوا بمحابر دمائهم الشّعر والقصّة والرواية والمسرح والدراما والفن التشكيلي، وساهموا في قيامة الإنسان من خلال تجسيد الإبداع فنفض الفن جناحيه من رماد الحرب كطائر الفينيق الأسطورة الذي لا نزال نعيش جموحه في كل مكان وزمان.
في حديثه لصحيفة الثورة بين الدّكتور النّاقد عبدالله الشّاهر وهو الأقرب إلى الأدباء والكتّاب وهو الناقد الباحث في شؤون الأدب وتتبع حالاته في السلم والحرب «أنّ مبدعي سوريّة على اختلاف انتماءاتهم سدّوا شلال الدّماء والخراب بنتاجاتهم بحثاً عن الوطن النقيّ من كل شوائب الإرهاب، هو ما أكدّه الشّاهر مستبشراً بنتاجات أدبيّة ستبوح بها ذاكرة الجّسد السوري، نتاجات المستقبل الأكثر نضجاً ذلك أن ما كتب أقرب إلى ردّة الفعل المباشر واختلاجات روح مجروحة، فلم تكن الحرب على سورية حرباً عادية والقول للشاهر، وذلك أنّ الحرب لها قوانينها وجغرافيتها وزمنها، والذي جرى في سوريّة رهاب استباح كل شيء زحف إلى كل شبر ليأكل الأخضر واليابس في البلاد، إرهاب أريد له أن يوزّع أشلاءنا ويبعثر كياننا والشكل السائد فيه القتل والدّماء والسّرقة والاغتصاب، المواجهة التي حدثت أبعد ما تكون عن التفكير لأنها حالة وحشيّة، لا إنسانيّة بشعة لا مثيل لها في التّاريخ وعندما يكون الحديث عن بشاعة وغرابة المشهد لابد للأدب أن يتقيأ كل هذه البشاعات وكل ما جرى من إجرام تقيأه شعراً ورواية وقصة قصيرة ومسرحاً ودراما وسينما وفنوناً تشكيلية.
ففي الشعر تداعى الشعراء ليشكلوا في نتاجاتهم توثيقاً لما جرى في البلاد لكن صوت القصيدة فيها جاء مبحوحاً فلم تعد تسمع سوى حشرجة الكلمات فتوشّحت اللغة بعباءة حزنها وانحنى ناي القصيدة وبدا الدّم يذرف من العيون بدل الدّمع، عبر هذا النواح ظهر إنتاج شعري يستحيل علينا إحصاؤه وذلك أنّ الحرب أفرزت طاقات شعريّة جديدة وحالات إبداعيّة رائعة كتب فيها الشّعر سطوره على إيقاع الدمار فبدت في قصائدهم تيارات مختلفة ورؤى متعددة فمنهم من كانت إرادته قويّة فكانت تجليات الحياة عندهم قائمة من خلال الأمل والإيمان والحبّ، ومنهم من اختار في نتاجه الشّعري فكتب في العزلة والحيلة ومنهم من صوّر الموت الصريح من خلال القتل والفقد والفراق والغربة والشهادة ومنهم من تجلى شعره في الموت الضمني من خلال الأنا المهزوم والقنوط واليأس والضياع، إذاً لم يكن الشعر في الحرب على سوريّة حالة هامشية بل كان مواكباً وحاضراً حضور فعل وصوت ورؤية واللافت في النتاج الشعري في فترة الحرب أنه حدد أهدافه ورغم تباين الرؤى كان الطموح في ما كتب من شعر هو الوطن وسلامته، مشيراً إلى أن هناك إبداعات شعريّة جديدة أثبتت قدرة نصّها لم تكن ظاهرة قبل الأزمة السوريّة وهذا مؤثر إيجابي على الغيرية والوطنية وتدفّق المشاعر.
مؤكداً الشاهر أن شعر الحرب بزخمه الكبير قد بلور توجهات رؤيوية حول بنية القصيدة وأبعادها وهذا توجه لافت في شعر الحرب.
أمّا في مجال الرواية برأي الأديب عبدالله الشاهر فكانت أكثر الأجناس الأدبية حضوراً حيث كتب السوريون عشرات الروايات من وحي الحدث وصوّر الروائيون مآسي الحرب وتداعياتها وقد أسفر ذلك عن ما يزيد عن سبعين رواية وهذا عدد كبير وغير عادي في تاريخ الرواية العربية بشكل عام والرواية السورية بشكل خاص، وقد جسّدت النتاجات الروائية الأحداث وذاكرة القهر والحرمان والدمار والهجرة وأعطت للقارئ فضاء مكانياً مليئاً بالأحداث لذا فإن الرواية تبقى السجل الذي يؤرخ حركة ما يجري في البعد المكاني والوجداني والحالة الاجتماعية ومنعكسات الواقع خلال الأحداث في سورية.
بينما القصّة القصيرة يجد الدكتور الشاهر أن النتاجات القصصية عبّرت عن حالات وجدانيّة وفرديّة مصوّرة وما جرى في سوريّة من ويلات ومدى انعكاسها على الواقع بشكل عام وفي هذا الجانب قد يكون للقصة القصيرة الأثر الأقل بحسب الشاهر وذلك لأن بيئتها تعالج حالات ولا تنسحب على الحكاية المكانية والاجتماعيّة، لكن كان للقصة القصيرة دور توثيقي ببناء فني لما جرى في سورية من أحداث وقد برزت في القصة القصيرة مجموعات قصصيّة مؤثّرة تناولت تلك الفترة وسجلت تداعياتها بشكل عام.

                 

العدد 1182 – 19 -3 -2024    

آخر الأخبار
صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين