الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
انتحر الروائي هيمنغواي، وهو صاحب العبارة الشهيرة «العالم مكان رائع للغاية ويجب أن نقاتل من أجله»، أما «ديل كارنيجي» مؤلّف كتاب «دع القلق وابدأ الحياة»، نشره ومن بعده انتحر أيضاً!
بينما ديستوفسكي المصاب بالصّرع! كتب في كلّ حالاته، وحتى بعد وفاة ابنته، ومن يقرأ رواياته يجد ثيمة الحزن، وهو من رهن معطفه الوحيد لأجل المال!.
كم يصعب علينا كقراء أن نطّلع على ما وراء هذا الحبر، لنقدّر الحالة الإبداعيّة للكاتب الذي يكتب ما يمر به أو عكسه، يكتب ليعبّر عما يخالج النفس من مشاعر وأحاسيس، فالكتابة متنفس له وملجأه وملاذه الوحيد حين تضيق به الدّنيا أو تتّسع، هي وسيلته للنجاة وغايته في الحياة.
الكاتب يمتلك عيناً ثالثة، وحاسة سابعة، ويستقرئ ما سيكون، ويؤرّخ ما هو كائن، يسمع في الصمت صخب، وفي السّكون شغب، هذا ولن أدخل في طقوس الكتابة لكل كاتب مبدع، فما قصدته أن ما وراء الحبر النبيل أذيّات نفسيّة عاطفيّة واجتماعيّة يعيشها الكاتب بهدوء قاتل بعيداً عن الآخرين، فالكتابة متنفسٌ للخروج من الضغوطات والمعاناة، والكثير من الكتّاب ومنهم من ذكروا في أعلى المقالة، لم يستطيعوا أن يقاوموا الحالة التشاؤميّة والسّوداويّة فغلبهم الحزن رغم تشكيله الجانب الأكبر من قصص إبداعهم رواية وشعراً ومسرحاً وإن دلّ على شيء هو أن الكاتب أشد حساسيّة من غيره، ينتظرُ حالة الإلهام ليكتب أفكاراً مبدعة تشعره أنه بطلٌ على الورق و من ثم يمضي.
العدد 1182 – 19 -3 -2024