ما يسببه تكرار حوادث السرقة واستنزاف المال العام لم يعد مخفياً على أحد، وهذه الحوادث قبل كل شيء فعل لا أخلاقي يدل على استسهال الفساد بكل أصنافه وفروعه، وهذا يعني أن ثمة مشكلة معيارية على صعيد التربية والتعليم، تقابلها مشكلة مادية، لكن لم تكن يوماً المشكلة الثانية سبباً حقيقياً للأولى.
الغريب أيضاً ما يتمتع به من يقوم بفعل السرقة والتعدي على المال من قدرة كبيرة واستطاعة على الوصول إلى هذا المال، وليس آخرها سرقة الأمراس والمعدات من المحطة الكهربائية في دير علي، وليس أولها من يقوم بتقطيع الأشجار وإضرام النار للمتاجرة بالثروة الحراجية.
ويبدو أن هؤلاء جميعهم لا يفكرون بالقانون وصلابته وقدرته على إيقاف أفعالهم، ما يطرح السؤال عن سبب لامبالاة هؤلاء الفاسدين بالقانون، وعدم حسابهم له ولوجوده، هل السبب القانون نفسه أم القيمون على تطبيق القانون؟.
لا أعلم إن كان الجواب يمكن أن يكون في البحث بعدد من يدرسون أكاديمياً القانون، وأسباب ذلك هل فعلاً بهدف تطبيق القانون في الواقع العملي، أم الهدف التحصيل المالي مهما كان شكله.
المهم في هذا كله ما وصل إليه مجتمعنا من تهاون وتساهل في الهدر والاستفادة من المال العام، واليوم لم تعد السرقة من خلال مناقصات، ولا من خلال غير ذلك، باتت السرقة تصل إلى كل منزل وكل بيت، فعندما تُسرق المعدات الكهرباىية منذ سنوات، هذا يعني أن المشكلة كبيرة، ولا تستوجب التعامل معها بالشكل التقليدي، وإلا هذا يعني مزيداً من الاستسهال في السرقة.
وهذا ما وجدناه خلال السنوات الأخيرة بدليل أن السارقين طوروا أدواتهم وقووا قلوبهم وانتقلوا من سرقة الكابلات إلى سرقة المحطة، في وقت لا تزال طرق الكشف والتصريحات ذاتها لدى الجهات المعنية.
السابق
التالي