قلنا سابقاً ونقول اليوم إن بلدنا سورية من بين أبرز الدول التي تنص تشريعاتها على المساواة بين الرجل والمرأة والتي تطبق هذه المساواة على أرض الواقع في أمور كثيرة تفتقر إليها دول عربية وغير عربية عديدة.. وإن المرأة السورية تعيش وتمارس تلك المساواة في مراحل التعليم المختلفة وفِي توفير فرص العمل وفي الوظيفة العامة والمحاماة والقضاء وقيادة وسائط النقل المختلفة وفي المناصب الرفيعة..الخ، ويبدو أن ذلك كان من بين الأسباب التي أدت لحل منظمة الاتحاد النسائي.
لكن بالمقابل ثمة أمور وقضايا أخرى ما زالت بحاجة ماسة للمعالجة حتى تشعر هذه المرأة من خلالها أنها فعلاً متساوية مع الرجل وأن الدولة ترعاها ولا تتركها تعيش واقعاً صعباً جداً لوحدها مع أطفالها خاصة بعد النتائج الكارثية التي خلفتها الحرب القذرة التي تتعرض لها بلدها منذ ما يزيد على ثلاثة عشر عاماً وحتى الآن.
من هذه الأمور والقضايا جنسية أطفال الأمهات السوريات اللواتي تزوجن لأسباب مختلفة من أشخاص غير سوريين وأنجبن منهم أطفالاً داخل الوطن أو خارجه أو يعيشون معهن في الوطن (سورية) حيث لا يحق لهم الانتماء لهذا الوطن قانوناً بسبب عدم السماح بتجنيسهم بجنسية أمهاتهم سواء أكان الزوج (والدهم) يعيش معهم هنا منذ تاريخ الزواج أو تركهم وغادر إلى وطنه بعد أن انفصل عن زوجته (أمهم)، وسواء أكان هؤلاء الأطفال خلقوا وعاشوا على أرض وطن والدتهم (سورية) ولم يغادروه قط، أم غادروه لفترة ما زاروا خلالها وطن والدهم غير السوري وعادوا، وسواء أكانوا قاصرين أم تجاوزا سن الرشد وبات بإمكانهم اتخاذ قرار باختيار جنسيتهم كما هو الحال في بعض الدول، وسواء تلقوا كامل تعليمهم في وطن أمهم، أم تلقوا جزءاً منه في وطن والدهم وعادوا..الخ.
وهنا نشير إلى أن المادة الثالثة من المرسوم التشريعي رقم 276 لعام 1969 المتضمن قانون الجنسية العربية السورية قضت بما يلي:(يعتبر عربياً سورياً حكماً: أ- من ولد في القطر أو خارجه من والد عربي سوري.ب- من ولد في القطر من أم عربية سورية ولم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً) وهذا يعني أن الأب له الدور المطلق في نقل الجنسية للمولود وسواء أكان الميلاد داخل القطر أم خارجه (ف1) وهذا هو حق الدم من الأب بشكله المطلق، أما فيما يتعلق بدور الأم السورية في نقل الجنسية لمولودها نرى أن نص الفقرة (ب) يشترط أن تكون الولادة في سورية وألا يثبت النسب من الأب بشكل قانوني حتى تستطيع الأم السورية أن تنقل جنسيتها لمولودها، فإذاً هناك ثلاثة شروط يجب أن تتوافر وهي: أن تكون جنسية الأم سورية لحظة الولادة وأن تكون واقعة الولادة قد حصلت في سورية وعدم ثبوت نسب المولود لأبيه قانوناً، وعليه فإنه إذا كانت الولادة لأم سورية قد حصلت خارج الأراضي السورية فلا يكتسب المولود جنسية أمه السـورية وفي هذا تقليل من قيمة دور الأم في نقل الجنسية لمولودها، وتأكيد على مدى التمييز الجاري بين كل من دور الأب ودور الأم في نقل الجنسية للمولود في التشريع السوري.
طبعاً هذه القضية ما زالت بين أخذ ورد، وبين مؤيد ومعارض لمنح الجنسية، وبين وعد من هنا وآخر من هناك لمعالجة الكثير من الحالات الخاصة المتعلقة بهذه القضية، والتي تركت آثاراً وتداعيات سلبية على الأم وأبنائها من كافة الجوانب.
ومن الأمور التي تحتاج لرعاية الأم السورية بشكل أفضل.. كل الأمور المتعلقة بأمهات الشهداء وأمهات أبنائهم (زوجاتهم) من حيث التعويضات والرواتب الشهرية، ومن حيث تأمين متطلبات الحياة وفرص العمل لزوجات شهداء القوات الرديفة اللواتي يعشن مع أولادهن معاناة لا حدود لها بعد استشهاد أزواجهن دفاعاً عن الوطن في مواجهة الإرهاب وداعميه..الخ.
نكتفي بما تقدم ونقول لكل الأمهات كل عام وأنتن والوطن بألف خير وأملنا كبير ألا يطول الانتظار لمعالجة ما ورد أعلاه وغيره من الأمور التي تخصكن.
هيثم يحيى محمد