ويستمرّ التخاطر بين المبدعين!..

الثورة – فؤاد مسعد:

يبدو أننا في كل موسم درامي سنكون محكومين لموضة درامية تفرضها طبيعة التخاطر القائم بين الكتّاب، أو ربما بين شركات الإنتاج، ففي رمضان الماضي حدث التخاطر فيما بينهم حول موضوع “الخطف” الذي ظهر فجأة في ذلك الموسم بالذات من خلال عدة مسلسلات “أشرنا إليها في حينها”. واليوم التخاطر نفسه ينجر إلى موضوع الرقص الحاضر بقوة في مسلسل “الصديقات” وهو أصلاً أساسه راقصات معتزلات، ما يبرر تواجده، ولكن هذا الحضور انسحب إلى مسلسل “ولاد بديعة” عبر شخصية “سكر” التي تعمل راقصة وتدير نادياً ليلياً، ومسلسل “تاج” حيث “الكباريه” عنصر محوري في بعض الأحداث، وفيه الرقص والغناء.
لم يكن هذا الحضور في تلك الأعمال عابراً وإنما شكّل أساساً متشابكاً مع مجريات الحكاية، وعلى الرغم من اختلاف المعالجات الدرامية بين عمل وآخر، إلا أن تكرار هذه “الثيمة” يثير مجموعة من التساؤلات، فلماذا لم يسبق أن اجتمعت عدة أعمال دفعة واحدة لتقدمها في الموسم الدرامي نفسه؟ وما السر الذي يقف وراء هذا التخاطر الذي بات يتكرر كل مرة بشكل مختلف في موسم العرض الرمضاني؟ أتراها الغيرة أم الضرورة الدرامية أم فخ الموضة؟ وأي صدفة لعبت دورها لتوضع هذه الأعمال كلها في سلة عرض رمضاني واحد؟..
وضمن إطار التخاطر وبعيداً عن الموضة الدرامية، يحدث أن يستعير الكاتب من نفسه، أي أن يستعير من أعماله السابقة أفكاراً أو خطوطاً أو محاور أو أحداثاً، وهو أمر مشروع وفق نوع ومقدار الاستعارة، وسبق أن لمسناه في عدة مواسم، فيستعير الكاتب حدثاً أو مشهداً معيناً من عمل له ويزجه في مسلسله الجديد ليعزز أو يخدم فكرة معينة، كأن يتناول حكاية حب فارق العمر فيها واضح بين الطرفين ويكون سبق له طرحها بطريقة أخرى في أحد مسلسلاته، وهو ما قد يحدث بأطر متنوعة حتى مع كتّاب آخرين.
ويتقصد الكاتب أحياناً إظهار شخصية ما في عدة أعمال له بهدف معين، كما حدث في الحلقة 20 من مسلسل “ولاد بديعة” إخراج رشا شربتجي وتأليف يامن الحجلي وعلي وجيه، عندما ظهر “المهرب شوال عبد الباقي” وأدى دوره الفنان عبد الهادي الصباغ الذي سبق له أن لعب الدور ذاته في مسلسل “هوا أصفر” إخراج أحمد ابراهيم أحمد، “العملان من تأليف يامن الحجلي وعلي وجيه”، وقد وضِع “شوال” بالأجواء ذاتها في الجرود جالساً أمام مغارته كحاله في المسلسل الأول، وعندما يأتيه ياسين لتصريف الذهب يشبهه بشخصية أمير التي كانت حاضرة في “هوا أصفر”، وكل من “ياسين وأمير” أداهما الفنان يامن الحجلي، وبذلك يلمح كاتبا العمل إلى استمرار عمل “المهرب” من ذلك الوقت إلى اليوم من دون أي تغيير.
ولكن عندما يتم تناول حدث معين يترك أثره ووقعه في النفوس ويُطبع في الأذهان لأنه طفرة نادراً ما تتكرر، ويقوم الكاتب باستعارته وتكراره في عمل آخر زمن إنتاجه ليس ببعيد عن زمن إنتاج العمل الأول، عندها يمكن رسم إشارات استفهام حول هذه الاستعارة.
ما حدث أن مشهد “تبوّل الطفلين” على شخصية “أبو هديل” في الحلقة الثالثة من مسلسل “ولاد بديعة” سبق وقدمه كاتبا العمل عام 2021 في مسلسلهما “على صفيح ساخن” إخراج سيف سبيعي، حين حدث الفعل نفسه في الحلقة السادسة مع شخصية “الخفاش” عندما عاقبه “الآغا”. وهذا المشهد بحد ذاته يُعتبر صادماً للمتلقي ويحمل دهشته خاصة لمن لم يسبق له رؤيته في “المسلسل الأول”، أما من شاهد العملين معاً والتقط عملية التكرار، فستنطفئ لديه جذوة الدهشة لأنه سبق أن اختبرها، وبالتالي سيخف بريق المشهد “الذي من المفترض أن يُحدث صدمة”، ويأتي وقعه أقل تأثيراً في المرة الثانية، إلا أن ما يبرر الاستعانة به، التوظيف الدرامي المُحكم له عبر أحداث المسلسل واستثماره إلى الحد الأقصى لدرجة أنه كان السبب الرئيسي في موت “أبو هديل” متأثراً بفضيحته.
لا بد من الإشارة إلى أن هناك أعمالاً ربما تكون حصتها من النقد أعلى من غيرها، ويعود السبب في أحد أوجهه لما حققته من حضور ومُتابعة، ولدى الإشارة إلى مكامن معينة فيها، فلأن الحدث لايزال طازجاً والعرض مستمراً. وهو أمر مختلف عن التناول النقدي الذي لا يكتمل حضوره إلا عند انتهاء المسلسل، ويبقى الأمل أن تستمر الأعمال القوية على الوتيرة نفسها وتزداد ألقاً مع القادم من الحلقات، لأن الطموح دائماً نحو دراما سورية راسخة متطورة جاذبة تحمل رسالتها ومقولتها إلى جانب التسلية والتشويق، وتحترم عقل المشاهد.

آخر الأخبار
رفض الهجري للسلطة المركزية يعمّق الأزمة في السويداء ويثير تساؤلات حول البدائل المطروحة  توقف السرافيس في حلب يعيد رسم مشهد النقل "المالية" تعلن رفع الحد الأدنى المعفى من ضريبة الدخل على الرواتب والأجور مع تعذر إدخال كميات جديدة من الوقود..  "الاتصالات": الخدمات في السويداء ستبقى عرضة للانقطاعات  أكاديميو طرطوس لـ"الثورة":  سوريا الواحدة الموحَّدة أمانة في أعناقنا  المبعوثة البريطانية: تقرير التقصي حول أحداث الساحل رسالة بأن المحاسبة ستشمل جميع الجرائم  باراك: احتواء الأعمال العدائية في السويداء يتم بوقف العنف وحماية الأبرياء   بحث احتياجات المهجرين من السويداء مع "الأغذية العالمي" بدرعا سوريا تندّد بمنع دخول قافلة إنسانية إلى السويداء وتحذّر من تداعيات أمنية خطيرة داعم للأسر الريفية في طرطوس.. "تربية الأبقار" مشروع متناهي الصغر رويترز: شركات أميركية تعد خطة لإعادة تأسيس البنية التحتية للطاقة في سوريا من التسرّب إلى التسوّل.. حكايات ترقب بصيص النور في نفق الأمل تفقد مراكز إيواء المهجرين بالريف الشرقي في درعا استبدال وتوسيع مراكز تحويل كهرباء بالقنيطرة دعم المحاصيل وتحسين أنظمة الري في ريف سمعان بحلب آثار حلب تستعيد نحو 1000 قطعة أثرية ثمينة حلب تبسط تراخيص البناء لتمهيد الطريق أمام الإعمار تطوير خطة شاملة بحلب لإدارة النفايات وإعادة تدويرها جنرال إسرائيلي يؤكد أن إسرائيل في حالة ضبابية وتصدع داخلي إعادة التشجير.. أمل أخضر ينبت من رماد الحرائق