الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
بعد قمة البريكس الخامسة عشرة التاريخية في آب 2023، أثار محللو السياسة الخارجية مخاوف من أن البريكس، وهي مجموعة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا في ذلك الوقت، ربما تسعى إلى بناء نظام عالمي بديل وقلب الحوكمة العالمية التي يقودها الغرب.
قبل قمة البريكس لعام 2023، أعربت 40 دولة عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة وتقدمت 23 دولة بطلب رسمي.
وفي عام 2024، رحبت المجموعة بخمسة أعضاء جدد، مصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ويثير توسع البريكس تكهنات حول اتجاه تعبئة المجموعة والبدائل المحتملة للنظام العالمي الحالي.
وإذا تمكنت المجموعة من التوصل إلى إجماع حول القضايا السياسية الرئيسية، فقد تمارس ضغوطاً كبيرة لتغيير النظام من الداخل، وتستطيع أيضاً استخدام قوتها السياسية والاقتصادية لإنشاء نظام حكم جديد، وربما موازٍ.
إن الحفاظ على تحالف كبير وتوسيعه لتحدي الوضع الراهن هو عمل شاق، ومع ذلك، تطورت مجموعة البريكس إلى كيان استراتيجي مخصص للإصلاحات على مستوى النظام بالكامل.
وقد أدى تراجع الحماس للقيادة الأميركية في أعقاب الحرب العالمية على الإرهاب وضعف الثقة في النظام المالي الذي يقوده الغرب بعد الأزمة المالية العالمية إلى خلق أرض خصبة لدول البريكس للتعاون على تحقيق أهداف مشتركة.
وقد أدى استثمار موارد المجموعة والمشاركة متعددة المستويات والعمليات الداخلية القوية إلى تعميق تنسيق السياسات.
لقد دأبت مجموعة البريكس على المطالبة بنظام أكثر ديمقراطية وتعددية الأقطاب، مؤكدة على حتمية القيادة العالمية المتنوعة وتعددية أكبر في الأفكار.
ومن المرجح أن يؤدي هذا المسعى إلى انخفاض تمثيل الأفكار والقادة الغربيين في عملية صنع القرار العالمية.
ومع ذلك، اكتسبت فكرة النظام الموازي أهمية كبيرة عندما بدأت مجموعة البريكس في إضفاء الطابع المؤسسي على التعاون.
وكثيراً ما تمت مناقشة بنك التنمية الجديد واتفاق احتياطي الطوارئ، الذي أنشأته المجموعة باستثمارات كبيرة، كبديلين للمؤسسات التي يهيمن عليها الغرب مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وإن سجل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهو بنك التنمية المتعدد الأطراف بقيادة الصين والذي تضاعفت عضويته تقريباً منذ تأسيسه في عام 2016 إلى أكثر من 100 دولة، يضفي مصداقية على مثل هذه المفاهيم.
وفي إعلانات قمتهم وممارساتهم الدبلوماسية، أبدت أعضاء مجموعة البريكس على نحو ثابت حرصها على إصلاح نظام بريتون وودز. وإن المعايير الرسمية لكي تصبح عضواً جديداً في مجموعة البريكس تتطلب بوضوح من الدولة المرشحة أن تدعم التعددية والإصلاح الشامل للأمم المتحدة.
ومن بين المجالات التي تتجلى فيها الخطابات حول بدائل النظام الحالي بشكل أكثر وضوحاً الجهود التي تبذلها هذه البلدان للابتعاد عن الدولار الأميركي.
ومنذ تأسيس المجموعة، كان التحول إلى العملات المحلية ومبادرات التخلص من الدولار من القضايا المهمة على أجندة البريكس.
وقد استخدم قادة البريكس إعلان قمة 2023 لتحديد موعد نهائي مدته عام واحد للإبلاغ عن التقدم المحرز في استخدام العملات المحلية وأدوات ومنصات الدفع.
وبما أن التجارة والصادرات السلعية داخل مجموعة البريكس من البلدان الأعضاء والواردات إليها غالباً ما يتم تسعيرها بالدولار الأمريكي، فإن تغيير هذه الأنماط يمكن أن يؤثر سلباً على هيمنة الدولار.
وهذا هو الحال بشكل خاص في تجارة الطاقة، بالنظر إلى أن مجموعة البريكس تمثل الآن أكثر من ثلث الإنتاج والاستهلاك العالمي للنفط .
ومن الممكن أن يكون لإلغاء الدولرة في هذه التدفقات تأثير كبير، كما تستحق الجهود الجديدة لإنشاء تبادل الحبوب بين دول البريكس مراقبة وثيقة نظراً لحصة هذه البلدان في السوق.
وقد واجه الدولار الأمريكي بالفعل ردة فعل عنيفة في سوق النفط ، ويتوقع المسؤولون الأميركيون انخفاضاً تدريجياً في حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية.
ومع ذلك، فبينما تضم مجموعة البريكس مؤسساتها القديمة وطموحاتها الجديدة، فمن المرجح أن يتطور مسارها المؤسسي، وخاصة فيما يتعلق بطموحها الأصلي في أن تكون صوت الجنوب العالمي .
إن الجاذبية الحقيقية التي تتمتع بها مجموعة البريكس في الجنوب العالمي لا تكمن في خطاب المجموعة من أعلى إلى أسفل بقدر ما تكمن في الأفكار الجديدة لتعزيز الرفاهية والرخاء الاقتصادي الشامل من القاعدة إلى القمة ومن الوسط إلى الخارج.
ومع تعرض “تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة للخطر”، فهو بالكاد 15% من الأهداف على المسار الصحيح ، ومع خضوع البنك الدولي لإصلاحات كبيرة، فإن لدى مجموعة البريكس فرصة لتعزيز تمويل التنمية والمبادرات الجديدة.
على سبيل المثال، يعد الأعضاء الحاليون في مجموعة البريكس بمثابة مختبرات للشمول الرقمي والمالي والابتكار مع اقتصادات رقمية سريعة التطور، ومثل هذه الابتكارات لها أهمية كبيرة في الجنوب العالمي.
وتُحسن الدول الأعضاء في مجموعة البريكس صنعاً بتسخير أفضل الممارسات من داخل الكتلة وحشد مبتكريها الرقميين في القطاعين العام والخاص لتعزيز الإدماج بين الدول الأربعين التي تسعى إلى الإلهام وفرص التنمية الجديدة من مجموعة البريكس وبنك التنمية الجديد.
إن مجموعة البريكس الموسعة مستعدة للاستمرار في التوافق مع النظام الحالي حيثما يكون ذلك مرغوباً والدعوة إلى تغييرات محددة عند الضرورة.
وسوف تحتاج إلى التوصل إلى الإجماع حول أولوياتها وأين يمكنها نشر قوتها التفاوضية.
المصدر- منتدى شرق آسيا