قلما يمر يوم إلا و نسمع اقتراحاً من مؤسساتنا لإجراء دراسة تخص قطاعاً معيناً.
طبعاً نحن هنا لا نشكك بنيّة الحكومة الصادقة من هذه الدراسة من أن الهدف هو إنعاش قطاع ما أو تحسين جودة الخدمة هنا أو هناك.. ولكن..؟
عندما يصدر قرار ما بعد دراسة مستفيضة قد تستمر سنوات و تكون نتائجها سلبيةً على المستوى الاقتصادي أو الخدمي لماذا لا تكون هناك محاسبة علنية سواء للجهة التي اقترحت أو الجهة التي قصرت؟.
بمعنى أدق عندما تقرر جهة حكومية إجراء دراسة حول واقع معين عليها أن تكون شاملة و تعرض الإيجابيات و السلبيات من نتائج الدراسة تلك.. كون الدراسة سواء كانت إيجابية أم سلبية سيصدر عنها قرار ما.. و هذا القرار إما أن يقدم قيمة مضافة أو العكس!.
الأمثلة هنا كثيرة قد لا تعد و لا تحصى، فهناك آلاف الدراسات حول مشاريع استراتيجية خدمية و اقتصادية كانت قاصرة، الأمر الذي استدعى إعادتها مرة ثانية و ثالثة.. و هنا خسارتنا كانت مركبة.. خسرنا الزمن.. و المال، والأخطر أن هناك بعض الدراسات المقترحة من جهات عامة و وزارات جاءت نتائجها عكسية تماماً بعد التنفيذ.
هنا من يتحمل المسؤولية.. و لماذا لا تكون هناك محاسبة للجهات التي اقترحت الدراسة القاصرة و الجهة الدارسة؟
يوم نسمع عن دراسة لتخفيض أيام الدوام الرسمي و زيادة يوم عطلة إضافي أو تخفيض ساعات الدوام اليومي.
يوم آخر نسمع عن أخرى لإعادة دراسة تعرفة الكهرباء الصناعية التي أقرت منذ فترة و التي انعكست سلباً على واقع الصناعة السورية.
إذن.. الرجوع عن الخطأ فضيلة.. ولكن أ ليس من الأجدى أن تكون تلك الدراسة منذ بدايتها شاملة، و القرار الذي صدر مدروساً و يراعي الظروف الصعبة التي تمر بها الصناعة السورية خاصةً في ظل ظروف المنافسة غير المتكافئة مع دول الجوار و التي أدت إلى خروج صناعتنا من دائرة المنافسة؟!.
لن نناقش هنا الدراسات القاصرة حول إنشاء بعض السدود و التي أدت إلى خسائر بآلاف المليارات، والضرر الذي تحقق على ملكية المواطن و حرمانه من استثمار أرضه.. و بالتالي الخسارة المركبة المحققة فعلاً على أرض الواقع!.
أما إذا أردنا الدخول إلى العمق واستعراض الدراسات الزراعية و الصناعية و الخدمية الفاشلة فإننا هما بالتأكيد سنضطر لكتابة كتب و مجلدات قد لا يسعنا حصر عدد صفحاتها.
تماماً كما كانت دراسة وزارة التنمية الإدارية حول الحوافز الوظيفية و التي استمرت سنوات و استهلكت وقتاً وجهداً ومالاً.. وبالنهاية تخبرنا الوزارة لتزف الخبر : أوقفنا العمل به لقصور الدراسة!.
سنوات من الاجتماعات و الدراسات والتحليلات والوعود و أخيراً” الدراسة قاصرة ” وكأنها مشاريع كسب الوقت لا أكثر و لا أقل، وبالنهاية الخسارة يدفع ثمنها الوطن والمواطن.