4 % مساهمة البناء والتشييد في الناتج المحلي.. الدكتورة ديب لـ “الثورة”: أكثر من مليون مسكن تضرر بالحرب الإرهابية
الثورة – دمشق – وعد ديب:
يعاني قطاع السكن من أزمات معقدة في سورية، ولطالما كانت حيازة السكن حلماً لأغلب الأسر، وقبل الحرب كان قد بدئ العمل بسياسات هامة في تيسير عملية الحصول على السكن الملائم، إلا أنه اليوم وبعد الحرب بات قطاع السكن يعد أحد أهم محاور الاستثمار، باعتباره أكثر القطاعات المتضررة، وتصل نسبة تضرره في بعض المحافظات إلى أكثر من50% من جراء الدمار الذي طالته يد الإرهاب والحرب.
– 30%من دخلها..
عن واقع وتحديات قطاع السكن في سورية وآلياته الاستثمارية تقول عميد كلية الهندسة المعمارية والباحثة في علوم التخطيط المكاني لـ”الثورة” الدكتورة ريده ديب إن مشكلة عدم امتلاك المسكن تعود إلى عوامل أهمها انخفاض مستوى الدخل، وارتفاع أسعار المساكن، وعدم جدوى فرص التمويل وانخفاض الدعم الحكومي، وبالتالي تظهر المشكلة بالحصول على المسكن عندما تنفق الأسر أكثر من 30% من دخلها للإقامة في وحدات سكنية مقبولة ومرضية.
– العجز الصافي..
وتتابع: إن مقدار العجز الصافي في السكن يحدد من خلال الفرق الحاصل بين العدد الكلي لأسر هي بحاجة إلى مسكن والرصيد السكني الجيد المتوفر في فترة زمنية معينة، وبالتالي يحصل العجز من خلال الفرق بين عدد المساكن والزيادة في عدد السكان الناجمة عن الزيادة الطبيعية وغير الطبيعية، كالهجرة وازدياد عدد المساكن التي يجب إزالتها وردمها، وعليه بتنا نشهد الكثير من حالات مشابهة بعد الحرب.
وتشير -ديب- إلى تغيير مستوى العجز في سورية خلال العشرين عاماً الماضية ومستوى العجز الذي كان موجوداً أثناء الخطة الخمسية العاشرة، حيث كان هناك محاولة لرفع وتلبية الاحتياج المتزايد من السكن وصولاً إلى ٢٠١٠، ومن ثم في عام ٢٠١١جاءت الحرب العدوانية والإرهابية لتوقف خطة إمداد السكن وأصبح العجز كبيراً.
-مليونا مسكن..
وبخصوص حجم الدمار الكلي تقول عميد كلية الهندسة المعمارية: قدر حجم الدمار الكلي أو الجزئي الذي لحق بقطاع الإسكان نتيجة الحرب بأكثر من مليون مسكن يمثلون حوالى 27% من مساكن سورية الـ٤ملايين، وسط حركة نزوح داخلية إذا أضيف إلى ذلك العجز ما قبل الحرب بحدود الـ ١.٥ ملايين مسكن بالاعتماد على عدد المساكن الموجودة، وعدد السكان البالغ عمرهم فوق ال٢٠عاماً، وتقدر الفجوة السكانية الحالية بسورية بحوالى مليونين مسكن.
وعن مساهمة قطاع البناء والتشييد من الناتج المحلي قبل عام ٢٠١١، أوضحت أنها تقدر وسطياً بـ4% وسط ارتفاع بسيط عن الأعوام السابقة.
– سوقان عقاريان..
ورداً على سؤال “الثورة” حول نسبة الإشغال الحقيقية بالقطاع العقاري، ونسبة الاستفادة منه بينت ديب أنه بالنسبة للسوق العقاري والاستثمار الفردي للعقار في علم الاقتصاد، يمكن حصر سوقيين عقاريين، الأول: هو سوق بيع الوحدات السكنية بالتقسيط، وبيع نتاج المؤسسة العامة للإسكان، والسوق الثاني سوق بيع الوحدات السكنية بعد انتهاء التقسيط نقداً، وتقاس الأسواق على اعتبار أن العقاري هو سوق ثانوي وليس بالأولي.
وأضافت: يتميز المنتج العقاري ببعدين أساسيين يمكن أن يكون مكاناً للاستعمال الشخصي، أو حقيقياً يشترى لإعادة بيعه للحصول على عائد منتج استثماري وهنا نميز بين أسواق الاستخدامات العقارية التي يتم فيها المبادلات العقارية، وأسواق الخدمات العقارية التي تعتبر المنتجات العقارية منتجات استهلاكية.
وعليه نطرح سؤالاً حول جدوى وفعالية التقييم العقاري في ضبط السوق ولاسيما السوق الثانوية، وهل يتمكن الناس من شراء المساكن نقداً.
وهنا تنوه الباحثة ديب بأن معظم الإنتاج السكني في سورية، قام به القطاع الخاص على شكل أفراد ومتعهدي بناء وشركات تطوير عقاري صغيرة، في حين كان القطاع السكني الاجتماعي بما فيهم القطاع العام وقطاع السكن التعاوني بغرض تأمين المسكن المنخفض أو متوسط التكاليف المبني بشكلٍ جزئي، أو كامل لذوي الدخل المحدود، واتسم نظام تأمين السكن الاجتماعي بإيقاع بطيء إلى بطيء جداً في حال الاستفادة من الجمعيات السكنية، لدرجة بات التعامل مع المكتتبين معها كنوع من الادخار الاستثماري.
– الاستثمار السلبي..
وعن كيفية مساهمة الاستثمار العقاري في تلبية احتياجات السكن المتزايد قالت الدكتورة ريده: دخول الاستثمار قد يجبر القطاع الخاص أن يزيد نوعاً ما من الأرباح لمصلحة العمل في المجال الاستثماري، وأن يكون اهتمامه من ذوي الدخل المحدود.
وأكدت على أن الاستثمار العقاري يعد من أنجح أساليب استثمار الأموال عن طريق شراء وامتلاك عدد من العقارات بهدف إعادة بيعها وتأجيرها والاستفادة منها في إدرار عائد مادي ثابت وهذا ما يسمى بالدخل السلبي، أما الاستثمار السكني فيمثل أحد أدوات الاستثمار الحقيقية، لأنه يقوم على أصول حقيقية وهما المباني السكنية والبنى التحتية والخدمات والمرافق ويعد من الاستثمارات المضمونة.
– يحفظ قيمة المال..
ديب- أشارت إلى عدة عوامل ترتبط بها الحاجة السكنية في سورية، ومنها الافتقار إلى السكن وتعرض المساكن للدمار، بسبب الحرب والسكن العشوائي، وكذلك عدم توزيع الأراضي وضعف الجمعيات التعاونية وتعطل الكثير من المشاريع الإسكانية نتيجة الحرب، لافتة إلى أن واقع قطاع السكن في سورية يشير إلى الحاجة الماسة للاستثمارات سواء، أكانت محلية أم أجنبية واتباع استراتجيات من شأنها دعم هذا القطاع الحيوي لأنه يحفظ قيمة المال من التضخم، وعليه تزداد قيمة المبلغ الذي تم فيه شراء العقار.
اتساع الفجوة
وبحسب– الباحثة المعمارية- فإن تحديد أنماط تنفيذ السياسات الإسكانية يعتمد على المشكلات المرتبطة بسوق السكن، والمتمثلة باتساع الفجوة مابين العرض والطلب، كما يرتبط بالسياسات الإسكانية للبلد الناتجة عن الأوضاع بالمجمل.
– تطوير البيئة التشريعية..
وتقترح ديب- لتطوير وتشجيع الاستثمار في السكن، بأن يتم تطوير البيئة التشريعية المتكاملة لتسهيل الاستثمار في السكن، وتشبيك عمل المؤسسات وتبسيط الإجراءات، إضافةً إلى تحديد مناطق التطوير العقاري المحتملة، وربطها بخارطة السكن والإسكان وضبط السوق العقاري من خلال ربط مواقع التطوير العقاري بهدف تشجيع وجذب المستثمرين لخلق فرص استثمارية وفق التوجهات والتخطيط الإقليمي.
– مرتكزات أساسية..
من جانبه نقيب المهندسين الدكتور غياث القطيني قال لـ”الثورة”- عن أهمية الاستثمار في السكن: إن النقطة الأساسية والمهمة للاستثمار بواقع السكن، هي كيف سنخلق بيئة استثمارية لأن أي مشروع سكني يستثمر به يحتاج إلى مرتكزات أساسية، بمعنى أي منطقة تنظيمية تتعرض للبناء يجب أن يتوافر لها مقومات البنية التحتية كاملة من ماء وكهرباء، وتزفيت وصرف صحي، وما إلى ذلك من الخدمات الأساسية التي يجب أن تصل لكل محضر من المحاضر، ليأتي بعدها المستثمر ضامناً بذلك أن استثماره كان بمكانه الصحيح وإلا لا يعتبر استثماراً.