الثورة – مازن جلال خيربك:
مستمر بالارتفاع من دون أن يوقفه شيء، يمضي الذهب في طريقه محطّما كل ما يوصف آنياً بأنه الرقم الأعلى في تاريخه ابتداء من سعر الأونصة على المستوى العالمي، وصولاً إلى سعر الغرام على المستوى المحلي في الأسواق السورية.
– مسبّبات التأجيج..
الذهب ينطلق في ارتفاعه هذا من عوامل عدة تشمل التوترات الجارية في الشرق الأوسط والعالم بالعموم ومناطق محددة فيه كأوكرانيا على وجه الخصوص، ناهيك عن توترات إضافية تؤجج الطلب عليه كالعقود الآجلة الأمريكية ومعدلات الفائدة التي يصدرها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أما العامل الذي يبدو أنه يلعب دوراً تصاعدياً في الأهمية، فهو معدلات شراء البنوك المركزية للذهب والتي يبرز منها على وجه الخصوص منذ سنة وحتى الآن البنك المركزي الصيني.
– عوامل الصعود الصاروخي..
وعلى اعتبار سعر الغرام محلياً متأثراُ بشكل كامل بأسعار الأونصة عالمياً في الفترة الراهنة، لابد من تحليل السوق العالمية وما يعتريها من عوامل، حيث تنوعت تحليلات المنصات الاقتصادية والاستثمارية العالمية، وكذلك مجلس الذهب العالمي، على الرغم من أن كلها يفضي إلى أن الظروف القائمة تدفع المستثمرين إلى شراء الذهب كوسيلة آمنة للتحوط، لاسيما وأن العالم يعج ببؤر التوتر كالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والحرب الدائرة في غزة واللتان خلقتا حالة من اهتزاز الثقة في الأسواق العالمية، وهما عاملان على المستوى السياسي، أما على المستوى الاقتصادي، فالتخفيض المتوقع لأسعار الفائدة على الدولار في الولايات المتحدة، أثّرت دافعة سعر الذهب ارتفاعا الذي وصل إلى مستويات هي الأعلى تاريخيا، إذ إن العلاقة بين الدولار والذهب عكسية تاريخياً، فعند رفع أسعار الفائدة، ترتفع قيمة العملة الأمريكية، ما يؤثر سلباً على سعر الذهب فينخفض، والعكس صحيح.
– مشتريات “المركزيّة”..
ووفقاً لآراء المنصات الاقتصادية العالمية ومجلس الذهب العالمي وعلى خلفية تحطيم أسعار الذهب كل المستويات القياسية العالمية، فإن استمرار الصعود يتوقف على تطور الصورة الاقتصادية وقرارات البنوك المركزية هذا العام، بشأن الأفق المتوقع لأسعار المعدن النفيس، لاسيما وأن المشتريات القوية للذهب من جانب البنوك المركزية حول العالم كان لها أثر ملحوظ في ارتفاع المعدن.
ففي شباط الماضي، ارتفعت حيازة البنوك المركزية العالمية من الذهب بمقدار 19 طناً، لتتواصل صافي المشتريات الموجبة من المعدن للشهر التاسع على التوالي، وعلى اعتبار المشتريات الحالية تأسست على العام الماضي، لعل من المفيد الإشارة إلى إن الطلب على الذهب بلغ من البنوك المركزية نحو 1037.4 طناً في عام 2023، ما يعد أقل قليلاً من المستوى القياسي المسجل في 2022 عند 1081.9 طناً، الأمر الذي يجعل من البنوك المركزية مشترياً صافياً للذهب على أساس سنوي منذ عام 2010، والتي راكمت أكثر من 7800 طن خلال تلك الفترة، بينما جاء أكثر من 25% من هذه الكمية في العامين الماضيين.
– نظرة مستقبليّة..
وبالنسبة للمستقبل المتوقع للذهب تتصاعد الأصوات التي تتوقع استمرار ارتفاع أسعاره خلال الفترة المقبلة، داعمة ذات الأسباب التي أسهمت في الصعود الحالي لسعره، تأسيساً على أن الذهب ورغم ارتفاعه القوي في الأسابيع الأخيرة، فإن الاتجاه الصاعد يواجه بعض العقبات والتي تمكن حتى الآن من تجاوزها، والتي يبرز منها بشكل رئيسي ارتفاع مؤشرات الأسهم الأمريكية لمستويات قياسية، وتصاعد المخاوف بشأن تأجيل خفض الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، وارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي لأعلى مستوياته في خمسة أشهر (قبل أن يتراجع عن هذا المستوى لاحقاً)، ورغم ذلك نجح الذهب في مواصلة صعوده مؤخراً.
