الثورة – رزان أحمد :
في المجتمع السوري، يبقى وجود “الطفل الوحيد” حالة استثنائية، تختلط فيها مشاعر الفخر بالقلق، والحب بالخوف، وإن كان هذا الشعور طبيعياً في الظروف العادية، فإن حساسيته تتضاعف في بلد عاش أربعة عشر عاماً من الحرب وما نتج عنها من أزمات متلاحقة، إذ يصبح الخوف على هذا الطفل جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية للأهل.
قلق لا يفارق الأمهات والآباء
تقول أم حسام (42 عاماً) من دمشق: “كلما خرج ابني إلى المدرسة أشعر أن قلبي يخرج معه، فكرة فقدانه ترعبني.”هذا الشعور ليس استثناءً، فدراسات اجتماعية تشير إلى أن الأسر التي لديها طفل وحيد تعيش مستويات أعلى من الخوف على مستقبل أبنائها مقارنةً بالعائلات الأكبر عدداً.ورغم القلق، يلفت بعض الأهالي إلى أن وجود طفل وحيد يتيح له فرصاً أوسع للتعليم والرعاية والاهتمام. يقول أبو لؤي (50 عاماً) من حلب: “ابني ليس مدللاً كما يظن الناس، بل أكثر مسؤولية لأنه يعرف أنه وحيدنا.”، لكن في المقابل، الحماية المفرطة قد تتحول إلى عبء. الاختصاصية النفسية وصال علي تؤكد أن “الخوف الزائد قد يحد من نمو الطفل الاجتماعي، ويدفعه إلى العزلة أو الشعور بالضغط بسبب توقعات الأهل العالية”.
قلق مضاعف
وتضيف الباحثة علي في ظروف الحرب، لا يكون الطفل الوحيد مجرد فرد في الأسرة، بل يمثل عالماً كاملاً لوالديه. وفقدانه قد يعني انهيار هذا العالم.”ونوهت بأنه حتى اليوم، لا توجد إحصاءات دقيقة حول عدد الأطفال الوحيدين في سوريا. فيما تركز المؤسسات الدولية على قضايا التعليم والنزوح والفقر، فيما تبقى ظاهرة الطفل الوحيد شبه غائبة عن الدراسات.وهنا تؤكد علي أن “الافتقار إلى بيانات علمية يضاعف الحاجة لإجراء أبحاث محلية تفصّل انعكاسات هذه الظاهرة على الأسرة والمجتمع”. وبالتالي كيف يوازن الأهل؟
الخبراء يقترحون مجموعة من الخطوات لتخفيف الضغط على الأهل والطفل، منها:أولاً، الاعتراف بالمخاوف من دون السماح لها بالتحكم بالحياة اليومية، ولابد من إدماج الطفل في أنشطة اجتماعية متنوعة لتعويض غياب الإخوة، وتوفير دعم نفسي للأهل يساعدهم على التعامل مع القلق، أيضاً فتح حوار صريح مع الطفل حول مشاعره وتوقعاته. وهكذا بين الجدار والجناحين يبقى الطفل الوحيد في مساحة دقيقة بين حب والديه ورغبتهما في حمايته، وبين حاجته إلى الحرية والنمو. وفي سوريا، قد يبدو الخوف أكبر، لكن التحدي الحقيقي هو أن يمنحه الأهل جناحين يطير بهما.
معالجة الخوف
أما عن كيفيه معالجة الخوف عند الطفل الوحيد فيمكن من خلال الاستقلال والاعتماد على النفس عبر التفاعل الاجتماعي واللعب مع الاقران من خلال زيادة الثقة بالنفس والتعامل مع الأخطاء بأنها ليست نهاية العالم وممارسة التقنيات الاسترخاء والتأمل، وأن يمنح الطفل الوحيد الفرصة لمواجهة مواقف الحياة ومن خلال تجاهل الأخطاء البسيطة، أما إذا كانت الحالة الشديدة حبذا مراجعة الطبيب النفسي لتقديم العلاج.