الطب المريض

من غير المعقول ما وصلنا إليه مع الكثيرمن الأطباء من الطمع وعدم تقدير أحوال المرضى والرأفة بهم في هذه الظروف القاسية، حيث يفرضون الأجورالعالية لخدماتهم بعيداً عن مراعاة حياتهم المعيشية التي صارت مكشوفة بسوئها للقاصي والداني، ضاربين عرض الحائط بكل الأخلاقيات والآداب والوصايا التي أكد عليها رموزهم الطبية عبر التاريخ والدهور والأزمان.. فلم يعد لوصايا ابقراط قيمة ولا لأخلاقيات وقانون ابن سينا أي وزن ولا لرسائل الرازي أي اعتبار، ولا لغيرهم من رموز الطب الذين أسسوا لأصول هذا العلم، وكانوا حريصين دائماً على أن يترافق مع حفظ أسرار المرضى والتعامل الإنساني معهم ومراعاة أحوالهم والرأفة بهم.

كثيرة هي الكتب والأبحاث التي وثقت الأخلاق الرفيعة للأطباء المؤسسين القدامى، ككتاب( عيون الأنباء في طبقات الأطباء ) لابن أبي اصيبعة الذي وصف فيه أبو بكر الرازي بأنه كان ذكياً فطناً رؤوفاً بالمرضى مجتهداً في علاجهم وفي برئهم بكل وجه يقدر عليه .

ولسنا الآن بصدد التوسع فيما أتى عليه ابن سينا في كتابه الشهير( القانون في الطب ) والذي أشار فيه إلى ضرورة تحقيق التوازن والعدالة في المجتمع بما في ذلك توزيع الخدمات الصحية بشكل عادل وضمان وصول الجميع إلى الرعاية الصحية بغض النظر عن الظروف الاقتصادية.

ولكن المؤسف اليوم أن ثمة أخطاء حقيقية تحصل في القطاع الطبي السوري تساهم في إحجام الكثير من المرضى عن زيارة الطبيب بسبب زيادة تكاليف المعاينة والتشخيص، وبالتالي الرمي بالمجتمع نحو المزيد من الاعتلال والآلام.

ندرك جيداً أن تكاليف الحياة غدت باهظة على الأطباء أيضاً، ولكن هذا لا يبرر فرض تكاليف على خدماتهم إلى هذه الحدود المرتفعة واللامعقولة والمرهقة جداً للمرضى بعيداً عن الرأفة والمراعاة سواء بالمعاينة والتشخيص أم بالتحاليل الطبية والصور الشعاعية والعمليات الجراحية وما إلى ذلك، فهناك أطباء تشعر أنهم لا يعرفون رحمة ولا رأفة بما يفرضونه من أموال باهظة على المرضى لقاء بعض الخدمات البسيطة، في حين يقتنع بعض الأطباء الآخرين- وهم قلة – بالشيء القليل وهم راضون ويشعرون بالكفاية والدخل الجيد الذي يوفر لهم الحياة الكريمة.. فكيف سنقتنع بسلوك أكثرية الأطباء بتلك الطريقة الطامعة واللامعقولة .. ؟!

نحن في ظروف قاهرة ومريرة لن نخرج منها جميعاً ـ إن لم نكن متعاونين بصدق ونسلك منهج المؤازرة والرأفة ببعضنا ـ لنكون يداً واحدة نتساعد معاً للخروج مما نحن فيه من الآلام والماسي.

مؤسفة جداً هذه الصورة التي يجسدها أغلب الأطباء اليوم.. مؤسف هذا الخروج لهم عن النمط الإنساني .. وعن وصايا آبائهم في المهنة ورموزها الأخلاقية الرائعة حتى غدا الطب مريضاً.

آخر الأخبار
ريال مدريد يفتتح موسمه بفوز صعب  فرق الدفاع المدني تواصل عمليات إزالة الأنقاض في معرة النعمان محافظ إدلب يستقبل السفير الباكستاني لبحث سبل التعاون المشترك ويزوران مدينة سراقب رياض الصيرفي لـ"الثورة": الماكينة الحكومية بدأت بإصدار قراراتها الداعمة للصناعة "نسر حجري أثري" يرى النور بفضل يقظة أهالي منبج صلاح يُهيمن على جوائز الموسم في إنكلترا شفونتيك تستعيد وصافة التصنيف العالمي الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة مبنى سياحة دمشق معروض للاستثمار السياحي بطابع تراثي  "السياحة": تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية  فلاشينغ ميدوز (2025).. شكل جديد ومواجهات قوية ستراسبورغ الفرنسي يكتب التاريخ اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري