الثورة – دمشق – وفاء فرج:
ثمة تناقض ما بين الحديث عن زيادة الإنتاج والتصدير وتحسين القدرة الشرائية، وبين قرار رفع أسعار الكهرباء الصناعية، وما يعكسه من زيادة تكاليف الإنتاج، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع وانخفاض في القدرة الشرائية للمواطن، وكذلك المنافسة على السلع مما يهدد المنشآت الصناعية بالإغلاق، فكيف سيتعامل الصناعيون مع هذا القرار ومن المتضرر الأكبر من جراء هذا القرار؟
– تأثير على الأسواق التصديرية..
نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها لؤي نحلاوي يؤكد التأثير الكبير لأسعار حوامل الطاقة على الأسواق وعلى المواطن الذي سيتضرر وسيدفع الفاتورة، ولن يكون بمقدوره دفعها أو تحملها نتيجة الظروف المعيشية، معتبراً أن قرار رفع أسعار الكهرباء سيؤثر بشكل كبير على الأسواق التصديرية، وعليه فإن المشكلة كبيرة والأمر معقد جداً وبحاجة إلى مراجعة دقيقة.
وقال نحلاوي لـ “الثورة”: نتفهم ما تحدث به وزير الكهرباء حول أن تكلفة إنتاج الكهرباء مرتفعة، ولكن هل يستطيع المواطن دفع الفاتورة ولديه القدرة على تحمل أعباء هذه الفاتورة، مبيناً أن أي صناعي اليوم سيقوم برفع أسعاره، وبالتالي الأثر الأول على تراجع القوة الشرائية، وبالتالي سيكون هناك تراجع بالصناعة المعتمدة على الأسواق المحلية، وحتى الأسواق التصديرية سيكون فيها تراجع وضعف كبير، مبيناً أنه بالمحصلة من يدفع الثمن هو المواطن وصناعتنا ستتراجع.
– المتضرر الأكبر الصناعة الوطنية..
أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها أيمن مولوي يرى أن المتضرر الأكبر سيكون الصناعة الوطنية نتيجة أنها تعاني من انخفاض تنافسية المنتج المحلي، فالارتفاع الأخير، بحسب ما شاهدناه وبعد دفع الفواتير أن أسعارنا اليوم تزيد أكثر من ١٠٠% عن أسعار دول الجوار ممن تشتري النفط أو الغاز، وعليه أن الأمر ينعكس على الصناعة والاقتصاد بشكل عام، مبدياً استغرابه من تضاعف السعر مع الجوار، أملاً بإعادة النظر بأسعار الكهرباء، علماً أننا مع تشجيع الطاقة البديلة وبأن يكون لكل مصنع مساهمة بالطاقة البديلة.
– إعادة النظر..
أما عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق لفت إلى أن موضوع حوامل الطاقة شائك، خاصة أن هناك كلفة وفاقداً وهدراً وعدم كفاءة بالتوزيع، وبالتالي نحن أمام إعادة النظر المفترض بكل ملف حوامل الطاقة، بحيث يكون الفاقد والهدر أقل ما يمكن وإلغاؤه وبنفس الوقت اعتماد الكفاءة الأفضل فيه.
– الحل بالخصخصة..
وقال: إن كل دول العالم المتقدمة قامت بخصخصة هذا الجانب سواء كقطاع مشترك يقوم بالإشراف عليه فقط القطاع الخاص، وبإدارة كفوءة عالية وبجودة وتفاعل كبير، مع فرض الشروط من قبل الحكومة على القطاع الخاص.
وأشار إلى أهمية أن يبقى ملف الكهرباء بيد الدولة ولكن إدارتها عن طريق القطاع الخاص، وذلك بسبب هذا الفاقد الكبير الذي يعرفه الجميع ونعيشه والاستجرار غير المشروع، وكذلك الأمر بالنسبة للمحروقات نعرف حجم الفساد الذي يشوب ملف الدعم.
وبيَّن أن إعادة توزيع الدعم وهيكلته يحتاج إلى إعادة دراسته بشكل كامل ومتكامل بحيث يعطي كل ذي حق حقه، والنظر له من عدة زوايا.
وينوه بأن الدعم الحكومي أو رفع الوصاية عن أسعار حوامل الطاقة هو صحيح بحيث لا نحمل العبء الذي تتكلفه الدولة على المستهلك العادي بالنسبة لحوامل الطاقة التي تذهب باتجاه الصناعة، وإنما علينا حساب التكلفة بشكل خاص للصناعي وبيعه الكهرباء بسعر تكلفتها دون النظر إلى الفاقد والدعم الذي نقدمه للجهات الأخرى الاستهلاكية واليومية.
ولفت الحلاق إلى أن الدعم في كل دول العالم يصل إلى ٢% وحتى ١٠% تستحق الدعم، إلا لدينا فإن الفئة التي تستحق الدعم تصل إلى ٩٠%،وهذه مشكلة حقيقية، وبالتالي يتوجب إعادة النظر بموضوع الرواتب والأعباء والمستوردات وتخفيض قيم المستوردات وزيادة الواردات والإيرادات، والانتعاش الاقتصادي حتى يتم تفعيل عمل الجميع وتأمين مواد أولية للصناعي بأرخص من دول الجوار، ويد عاملة كفوءة، وكذلك أسعار طاقة أقل من دول الجوار حتى يستطيع البيع محلياً وخارجياً والتصدير.
وأكد الحلاق على أهمية التناغم بين كل الجهات الحكومية والوزارات والفعاليات الاقتصادية في إصدار القرارات وإعداد الدراسات والرؤى، بحيث تكون متكاملة وغير منفصلة ولاتنعكس سلباً على الجهات المنفذة لهذه القرارات.
وقال: يجب أن لايتحمل الصناعي الفاقد والهدر وأسعار الدعم، والأهم أن يتم تأمين مصادر طاقة للصناعة، خاصة أن عدد الصناعيين لا يتجاوز ٥٠ ألفاً، ويمكن توفير الطاقة لهم بإعفاءات رسوم جمركية للألواح والبطاريات، ومنح قروض ما يؤدي إلى رفع كفاءة استهلاك الطاقة للصناعي، وبنفس الوقت سينعكس إيجاباً باستمرار العملية الإنتاجية وزيادة التوظيف بالقطاع الخاص.
– الإنتاج والتصدير وزيادة التوظيف..
من جهته الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش أوضح أنه في الظروف الطبيعية لا تشكل حوامل الطاقة تأثيراً كبيراً على التكاليف الصناعية عموماً باستثناء بعض الصناعات، إلا أنه في ظروفنا الراهنة ونتيجة تضخم تكاليف الإنتاج، فإن حوامل الطاقة تصبح أكثر تأثيراً، وعاملاً إضافياً لتقليل القدرة التنافسية للصناعة السورية، ما يفقدها قدرتها على المنافسة في الأسواق المحلية حيث تتراجع القدرة الشرائية، وكذلك في الأسواق الخارجية فتصبح أسعار المنتجات السورية خارج القدرة التنافسية.
وتابع: إنه بالنتيجة زيادة التكاليف الصناعية سوف تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ما يؤدي إلى تراجع الإنتاج نتيجة ضعف الطلب بسبب اضمحلال القدرة الشرائية، وهذا ما يعزز حالة الكساد على مستوى الإنتاج المحلي، وزيادة معدلات التضخم على مستوى الأسواق المحلية.
وقال: كل هذه المعطيات قد تدفع نحو توقف بعض الصناعات، أو تراجع الإنتاج للحدود الدنيا، وقد يؤدي ذلك إلى المزيد من استنزاف الصناعة السورية وبحثها عن مواطن استثمارية أخرى، لافتاً إلى أن رفع أسعار حوامل الطاقة على القطاع الصناعي نتائجه أخطر بكثير من تخفيض عجز الموازنة.
ويقول: إذا ما قارنا بين أهداف الغاية من رفع أسعار حوامل الطاقة على القطاع الصناعي، ونتائجه نجد أن النتائج أخطر بكثير من الغاية والمتعلقة بتخفيض عجز الموازنة مشيراً إلى أن الإجراءات تتناقض مع الحديث عن تحسين القدرة الشرائية وزيادة الإنتاج والتصدير، بل النتائج المتوقعة تشير إلى عكس ذلك تماماً.
ويرى عياش أنه على الرغم من أهمية وضرورة تخفيض عجز الموازنة، فيجب ألا يكون هذا الهدف على حساب زيادة تكاليف الإنتاج عموماً والإنتاج الصناعي خصوصاً، ما يقتضي إعادة النظر في أسعار حوامل الطاقة للقطاع الإنتاجي والصناعي بالخصوص.