الثورة – حمص- سهيلة إسماعيل:
أصبح استئجار منزل في مدينة حمص وريفها أشبه بمعجزة سحرية بسبب ارتفاع قيمة الإيجارات، وعدم قدرة منْ لا يملكون منزلاً على شراء منزل صغير في حي شعبي أو في حي من أحياء السكن العشوائي “المخالفات” الواقعة في ضواحي المدينة.
ويجد المراقبون للوضع الاقتصادي والمعيشي في البلد أنه من الطبيعي جداً أن ترتفع الإيجارات تزامناً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والحاجات الاستهلاكية وزيادة الرواتب، وكذلك ارتفاع أسعار مواد البناء الجنوني الذي أثر بدوره على ارتفاع أسعار العقارات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإيجارات تختلف بين حي وآخر، كما تختلف أسعار العقارات، وهذا يعود إلى الموقع والمساحة والصفات الفنية الخاصة بكل عقار على حدة.
واللافت في الموضوع أن المواطنين المضطرين للاستئجار يخضعون لمزاجية أصحاب المكاتب العقارية الموجودة بكثرة في جميع الأحياء من ناحية، ومالكي العقار من ناحية أخرى، فلا يتوانى مالكو العقارات عن مطالبة المستأجر برفع قيمة الإيجار بين فترة وأخرى بذريعة ارتفاع الأسعار وصعوبة الظروف الاقتصادية وغيرها من الأسباب، رغم وجود عقد نظامي بين الطرفين.
وهنا نستطيع القول إن قانون الإيجار رقم 20 لعام 2015 لا يستطيع حماية المستأجر ولا يحفظ حق المؤجر، وفوق ذلك يلغي العمل بالمادة 148 من القانون المدني التي تنص على أن “العقد شريعة المتعاقدين..”, والكلام هنا يشمل عقارات السكن والاصطياف والسياحة، أو المأجورة من الدوائر الرسمية والمنظمات الشعبية والنقابات والجمعيات والبلديات أو مؤسسات القطاع العام.
نستعرض هنا معاناة المواطنين من ارتفاع الإيجارات وعدم وجود قانون يضع حداً لجشع مالكي العقارات بناءً على الشكاوى الواردة إلى مكتب الصحيفة في حمص ووصول بعض القضايا بين الطرفين إلى المحاكم ليبت القضاء فيها.
– أسعار كاوية..
أم هادي، وهي غير موظفة، وزوجها يعمل عملاً حراً أكدت أنها تقطن منزلاً في حي ضاحية الوليد، وهو مكون من غرفتين ومنافعهما وتدفع أجرته 350 ألف ليرة، وهو مبلغ كبير، ولكنه عادي جداً بالنسبة إلى الأسعار الأخرى لأنه منزل داخلي لا تدخله الشمس، أي أنه لا يحقق الشروط الصحية الواجب توفرها في أي منزل معد للسكن.
وأضافت: إنها لا تتمكن من تغييره واستبداله بمنزل آخر لأن أسعار الإيجارات مرتفعة جداً ولم تعد تتناسب مع الدخل الشهري لأغلب المواطنين.
بينما أكد المواطن كمال، وهو موظف وأب لطفلين وزوجته غير موظفة، أنه استأجر شقة في حي وادي الذهب بالقرب من مدرسة جميل سرحان مؤلفة من ثلاث غرف بمليون ليرة وهو يعمل – بالإضافة إلى وظيفته – عملاً ثانيا ليستطيع سداد مبلغ الإيجار، حيث يجد نفسه في بعض الأشهر عاجزاً عن تأمين المبلغ المطلوب.
الطالبة جنى من كلية الطب البشري في جامعة البعث قالت: اضطررتُ لاستئجار شقة مع صديقاتي في حي عكرمة بالقرب من الجامعة، وفيها ثلاث غرف، وقد أصرت صاحبتها على تقاضي 600 ألف ليرة من كل طالبة، وهو مبلغ كبير جداً إذا ما قورن بقيمة الإيجارات منذ سنوات قليلة ماضية، حيث كانت أجرة الشقة ذات المواصفات الجيدة لاتتعدى المئتي ألف ليرة.
المواطن سليم، وهو مهجَّر من محافظة الرقة وأب لأربعة أطفال قال: أرهقتنا قيمة الإيجارات المرتفعة ولم يعد بمقدورنا تحمل الأعباء المادية المترتبة عليها، فقد استأجرت شقة في شارع العشاق عند وصولي إلى مدينة حمص في بداية الأحداث وكانت حينذاك بـ 100 ألف ليرة فقط، لكن صاحبها ومع ارتفاع الأسعار أصبح يطلب مني زيادة على المبلغ المتفق عليه حتى وصل إلى المليون ل.س وهو مبلغ مرتفع جداً ولا يتناسب مع دخلي الشهري…!!
وفي حي الإنشاءات أفاد محمود أن قيمة إيجار شقة صغيرة تصلح لأسرة مؤلفة من ثلاثة أشخاص تجاوز المليوني ليرة، لأن الحي قريب من مركز المدينة وهو رقم مرهق ولا يستطيع أي موظف استئجار منزل في هذا الحي أو في أحياء أخرى مشابهة.
– المكاتب العقارية: لا نتدخل بقيمة الإيجارات..
ولمعرفة رأي أصحاب المكاتب العقارية فيما يخص ارتفاع قيمة الإيجارات في المحافظة أجرينا عدة لقاءات معهم وحاولنا أن تكون في أحياء متفرقة من مدينة حمص، فكانت آراؤهم واحدة تقريباً، حيث أجمعوا على أنهم لايتدخلون بالقيمة التي يطلبها مالكو العقارات ويقتصر دورهم على تسهيل الأمور لطالبي منازل للإيجار وإبرام عقود نظامية بين الطرفين مع الاحتفاظ بنسبة محددة لهم وفق القانون عند كتابة العقد وهي تؤخذ لمرة واحدة فقط، وتجنباً لأي مشكلات قد تقع بين الطرفين يتم إبرام العقد لمدة محددة قد تكون ستة أشهر أو سنة، وهي قابلة للتجديد.
– أخيراً..
يُذكر أن ارتفاع قيمة إيجارات المنازل لم تقتصر على المدينة فقط فقد طال الارتفاع منازل الموجودة في مناطق المحافظة وريفها، لكن الفرق أن الطلب على المنازل يكون في المدينة أكثر منه في الريف.
وباختصار، فإن استئجار منزل لائق أصبح حلماً في ظل الأوضاع السائد، ولاسيما أن جميع الجهات المعنية بالسكن في المحافظة ومنها الجمعيات السكنية البالغ عددها 142 جمعية- حسب تصريح سابق لمدير فرع الاتحاد التعاوني السكني في حمص المهندس إسماعيل السعيد، حيث تم تخصيص 103 جمعيات منها بـ 152 مقسماً في التوسع الغربي بحي الوعر لم تستطع حتى الآن حل مشكلة السكن التي بدأت تتفاقم في الفترة الأخيرة، ما شكل عبئاً على المواطنين ولاسيما فئة الشباب الذين يريدون تأمين مسكن يوفر لهم الاستقرار وبناء أسرة.