الثورة – رفاه الدروبي:
“الشعر والسرد ودورهما في تأصيل المقاومة والانتماء.. بلاد الشام أنموذجاً” عنوان اللقاء الثقافي التنسيقي المنعقد في اتحاد الكتاب العرب بالمزة بمشاركة رؤساء اتحادات الكتاب في سورية والعراق والأردن وفلسطين ولبنان للإعلان عن بدء تنسيق العمل الثقافي والأدبي بين اتحادات الدول المتجاورة.
يأتي الاجتماع في ظل الحرب المفتوحة على فلسطين في الضفة والقطاع وغزة، وما تتعرض له الأراضي المقدسة من التشظية والقتل الممنهج، لذا لابد للمثقف الفلسطيني من تأكيد ثقافة المقاومة وأدبها ومواجهة التطبيع بأشكاله كافة والتنسيق مع المثقف العربي في لحظة تاريخية فارقة تتطلب الحضور ووجود رؤية وأفق واضحين للقدرة على تحمل مسؤولية المواجهة واستصناع مساحة واعية يمكن أن تُشكِّل أسئلة ورؤى جديدة تستدعي مؤسسات فاعلة لأنه لايمكن للمثقف أن يكون بطلاً لوحده إن لم يكن معززاً بقوة معنوية ورمزية وتاريخية.
– البيان التأسيسي..
اتحاد كتاب المشرق العربي أصدر البيان التأسيسي المتضمن تأسيس اتحاد كتَّاب المشرق العربي المؤلف من: اتحادات الكتَّاب العرب في سورية والعراق وفلسطين ولبنان ورابطة الكتَّاب الأردنيين، واتفق المجتمعون على أنَّ الاتحاد جزء لا يتجزأ من الاتحاد العام للأدباء والكتَّاب العرب، ويعتبر أعضاء الاتحادات والروابط الشريكة نفسها أعضاء في الاتحاد حكماً، ويتمُّ العمل المشترك لتوطيد ثقافة الانتماء وتحصين الهوية الثقافية الوطنية الجامعة، وتمكينها من القيام بواجبها الأخلاقي والمعرفي بعيداً عن التجاذبات السياسية، والعمل على ترسيخ المشتركات التاريخية والثقافية والحضارية، والحفاظ على التراث المادي واللا مادي كونه جزءاً أساسياً من مكوناتها الحضارية وتعميق أهداف ثقافة المقاومة ومعانيها ومناهضة التطبيع بأشكاله كلِّها وترسيخ حضور القضية الفلسطينية في الثقافة والآداب والفنون، والتنسيق مع الدول الصديقة لمواجهة الاحتلال، وفضح ممارساته بحق الشعب الفلسطيني، كما أكَّد البيان على دعوة أعضاء الاتحاد وذوي الاختصاص لكتابة تاريخ فلسطين وتوثيقه باعتماد علوم الآثار والتاريخ من خلال الأدلة المؤكِّدة على الحق والحقيقة الفلسطينية في مواجهة رواية النقيض الاحتلالي وزيوفه وفبركاته والتنسيق مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية في المجال نفسه وتجذير ثقافة المقاومة وترسيخها “مقاومة المحتل والإرهاب” في الآداب والفنون من خلال عمل الاتحادات الشريكة “ندوات ومتابعات ومؤتمرات” وتأكيد استعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على كامل ترابه، من خلال تعزيز حضورها في وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج التربوية والتعليمية والإعلامية والثقافية “دراما، سينما تشكيل”. والتنسيق مع المؤسسات الثقافية والدولية ذات الرؤى المشتركة لتشكيل جبهة ثقافية في مواجهة المشاريع الاستعمارية وفي مقدمتها الاحتلال الصهيوني لفلسطين واحتضان المواهب الأدبية الشبابية في الاتحادات والروابط الشريكة، وتأمين حضورها ومشاركتها في الفعاليات الثقافية المتنوعة والدفاع عن حريات الشعوب وحقوقها المدنية والديمقراطية وتكريس قيم الانتماء والمواطنة على أن يجتمع الاتحاد دورياً مرة واحدة سنوياً على الأقل أو كلما دعت الحاجة.
– حرب تستهدف التاريخ..
رئيس اتحاد الكتَّاب العرب في سورية الدكتور محمد الحوراني أشار إلى أنَّ اللقاء تمَّ بموجب قرارات المؤتمر السنوي لاتحاد الكتَّاب واعتبره تطبيقاً عملياً للفكرة دون أن يعني الابتعاد عن عمل اتحاد الكتاب العرب فالأمانة العامة أساس العمل وما يُحدّد ضوابطه وجود الكثير من المشتركات الثقافية بكلِّ ما تتعرَّض له الدول من تهديدات لاتقتصر على العدو الصهيوني وإنَّما تطال الإرهاب أيضاً، منوِّهاً بأنَّنا عندما نتحدث عن الحرب في فلسطين وتحديداً غزة نعني حرباً تستهدف التاريخ والتراث في المناطق الفلسطينية كافة، وعندما نتناول الحديث عن محاولات تفكيك المجتمع الأردني فإنها تستهدف سورية والعراق ولبنان. إنَّنا نتحدث عن مشروع واحد يقوم به “العدو الصهيوني”، ومازالت تبعاته في سورية ولابدَّ من التنسيق على المستويات كافة والانطلاق باتجاهات أخرى.
– تعزيز ثقافة المقاومة..
وأكَّد رئيس اتحاد الكتَّاب والأدباء العراقيين الدكتور علي الفواز على أنَّ الاجتماع يأتي لتأكيد حاجة الاتحادات إلى جبهات داعمة للمواقف القومية للدفاع عن القضايا العربية وإنتاج صورة المثقف الجديد المؤمن بالحقوق والالتزامات بالقيم والعضوية للفاعل الثقافي كي يتصدَّى لكِّل الهيمنات والترّهات ومحاولة تصنيعها من قبل الدول المعادية، لافتاً إلى أنَّ الاجتماع يتمُّ فيه تكريس الموقف للدفاع عن ثقافة المقاومة ومناهضة الاحتلال بأشكاله كافةً والتأكيد على الحقوق المدنية وقيم الديمقراطية وتنمية ثقافة الحوار حتى يمكن أن تكون المؤسسة الجديدة بمستوى مسؤولية واضحة تتبنَّى رؤية.
وخطاب وموقف
وأشار إلى أنَّ المثقف الجديد يخرج من الخطاب إلى الفعل وأنَّ الظروف الموضوعية وطبيعة التعقيدات والصراع تملي على المثقف أحياناً شكلاً من أشكال التهميش ولابدَّ من استعادة صوت البطل في التاريخ والمثيولوجيا حتى يُمكن أن يكون فاعلاً في الشارع والرؤية والمواقف العربية، معتبراً أنَّ المسؤولية تجعل من المثقف فاعلاً في صناعة رأي عام، وتعرية الكثير من الأغطية والالتباسات والتعقيدات والإشكالات واستعادة دور المثقف المسؤول في اللحظة التاريخية ولا يُمكن مطالبته بأكثر من الدور ذاته لأنَّ الصيغة المركزية والضوابط والظرف التاريخي يمكن أن يكون بمعزل أحياناً؛ لكن هناك رأياً ورؤى فاعلة وقوى معنوية ورمزية يمكن أن يتحصَّن بها ليعبِّر عن الجديد والاستحقاقات ويؤدِّيها من خلال دور استثنائي.
– صياغة الرؤى..
أما ورقة عمل الدكتور الفواز فتضمَّنت أنَّ الثقافة تتطلب مساحة كبرى يمكن من خلالها إقامة تفاعل وصناعة تواصل ووضع أسئلة جديدة بحيث تكون لحظة مفصلية في تاريخ منطقتنا وأمتنا وتحدياتنا الكبرى وسط العدوانات والمركزيات المهيمنة ومن الضروري وضع أسئلة ملامسة لما يكون فاعلاً في اللحظة كي لا نتوه في مساربه ونحتاج اليوم إلى تجذير مفهوم المقاومة والانتماء والمركزية والهوية تجاه حرب تقودها القوى الأخرى بكلِّ أقنعتها ويمكن تسميتها بالسرديات والمصطلحات والمفاهيم والمحتويات والتواصل الاجتماعي كلها حروب ذات صيغة جديدة تتطلب وعياً عالياً ورؤى واضحة ودقة في التعاطي مع المصطلحات والمفاهيم بحذر بحيث تلامس صياغة الرؤى المضادة وأن يكون المثقف فاعلاً في مشروع التصدي والإجرائي والرؤية والخطاب، كون العدو الصهيوني ومن يقف وراءه يحاول توظيف حرب السرديات والمصطلحات والمفاهيم ليضعنا في متاهة تقودنا إلى اضطرابات واستلابات.
– فلسطين حق وحقيقة..
بدوره رئيس اتحاد الكتَّاب الفلسطينيين مراد السوداني قال: إنَّ فلسطين ليست رواية؛ إنها حقٌّ وحقيقة، جذور محمولة على دم مجيد، وإذا كانت الكتابة تعبر العالم بالحبر الجاف فإنَّ فلسطين استثنائية لأنَّها كتبت بحنَّاء الشهداء منذ مئة وعشرين عاماً عندما كان الزجَّال نوح إبراهيم في مجالس القسَّام مناضلاً نستحضره في اللحظة الحالية لشاعر شعبي جعل من قصائده زجلاً فاستشهد وبندقيته بيده عندما قصفته الطائرات البريطانية ومنذ تلك اللحظة كانت الأزجال نوراً لكل زجَّال فلسطيني إذ حملوا بعد النكبة معنى المعنى بما يليق بفلسطين.
– المثقف والمبدع..
من جهته رئيس اتحاد رابطة الكتَّاب الأردنيين أكرم الزعبي ميَّز بين مصطلحي المثقف والمبدع، متسائلاً: هل هناك فصل ما بين المثقف ونرجسيته كشاعر وقاص وأديب، وما بين التزامه بالقضايا الكبرى على الصعيد العربي أو الإنساني؟ مبيِّناً أن المبدع الحقيقي يقوم بدوره في إعلاء شأنه وقيمه وأنَّ الأدب العربي يحتاج إلى فرز حقيقي بين الأديب والمبدع.
– أدب مواجهة..
أمَّا رئيس اتحاد الكتَّاب اللبنانيين الدكتور أحمد نزال أشار إلى أنَّ منطقتنا وفي ظلِّ المشهد القائم القاتم حاول الغرب اقتحام حياتنا بوجهين الأول: الوجه الاستعماري الغازي الباحث عن أسواق ومواد أولية لتصريف منتجاته والساعي إليها على أن تستهلكها لا أن تنتجها بكل الوسائل، فعمد إلى تشكيل كيانات تعجز بناها المجتمعية عن التماسك والإنتاج والوقوف في وجه كل عملية تنمية فكان “الكيان الصهيوني”.
المطلوب إنتاج أدب حقيقي مواجه ومقاوم لكلِّ ما يُحاك من سيناريوهات للمنطقة تُهدِّد ثقافتنا وتاريخنا ومقدساتنا.
ويأتي الإعلان عن الاتحاد بعد شهر من الملتقى الدائم لاتحاد الكتَّاب العرب المنعقد في لبنان تحت عنوان “فلسطين مقاومة الهوية والتاريخ”، في وقت ننشد فيه ثقافة المواجهة لطمس هويتنا وتاريخنا في أرض مهد الرسالات السماوية وساحة الأنبياء والصديقين.