الثورة – رنا بدري سلوم:
دائماً ما يكون حضور الأصغر سناً بين الشعراء في الأمسيات الشعرية لافتاً، متمكناً من أدواته كشاعر على منبر مثقل باللغة، ممتلئ بالأفكار، حرّ كإدلب التي يقطنها. “أعرف الكثير من أبناء جيلي شعراء جيدين ومتميزين ولكن الكثير منهم لا يزالون خارج البلاد” هي دعوة منه أن تستعيد البلاد وجهها المشرق شعراً وأدباً.
غيث العلاوي.. شاعر وكاتب من مدينة القامشلي، لديه ديوان شعر بعنوان “بنات الحي”، يضم الشعر العمودي والتفعيلة، وكتاب في الأدب والاجتماع “حبر وقصاصة” الذي صدر منذ أسبوعين عن دار التنوع الثقافي في دمشق، بعد أن استغرق في كتابته عامين.
العلاوي لديه بحث علمي بعنوان: “فاعلية الشعر العربي في تتبع أصول اللغة وأخبار الأعيان والأمصار المثيرة للجدل”، وهو حاصل على دبلوم “البحث العلمي في الأدب العربي”، ولا يزال يتابع دراساته العليا.
أقلام حرّة
يرى العلاوي أن المشهد الثقافي في سوريا يتحسن إلى الأفضل بالشكل العام، وخصوصاً في مجال الشعر، إذ تقام الأمسيات في كل المحافظات، ويقرأ الشعراء والأدباء ما تجود به أقلامهم من دون دراسات أمنية وتضييق أدبي كما كان في العهد النظام البائد.
يكتب العلاوي رأيه بجرأة، ويتابع الشؤون الداخلية للبلاد عن كثب ويقرأ ويحاور ويبتعد عن الحيادية، لأن المواقف الوطنية بالنسبة له ركيزة أساسية في شخصية الشاعر “لا يزال الشعراء يتغنون بالنصر ويدعون لتقدم البلاد وازدهارها، وعن نفسي أهم ما أدعو إليه هو وحدة الشعب السوري فرداً فرداً ووحدة البلاد شبراً شبراً”.
جمال وجلال
“يوجد عدد كبير من الشعراء وهم أصحاب تجربة ناضجة، ومنهم من شارك في معرض دمشق الدولي مثل يوسف محمد وحسن السليمان”، هكذا حدثنا حين التقيناه بأمسية معرض دمشق الدولي الذي لا يزال صداه عنده مسموعاً إلى اليوم، “كانت مشاركتي في معرض دمشق الدولي ثرية جداً، أولاً لقيمة دمشق في نفوس الشعراء، وثانياً لأننا كنا محرومين من هذا الجمال والجلال، وقد كان قسم الثقافة ثرياً بالفعاليات ومنتظماً بشكل جيد، قدمت في الأمسية قصيدة “بنات الحي” التي هي مطلع ديواني، أقول فيها:
ناديتُ: يا أيُّها الأحرار! ماؤكمو
على فؤادي، ففيهِ النَّارُ تَسْتَعِرُ
على الفراتِ الذي لا عينَ تُبْصِرُه
و في مداهُ شعاعُ الشمس ينكسرُ
إذا تمادى زمانُ الظلم فاصطبروا
فالحقُ مهما نأى لا بد ينتصرُ
قد غاب بعد رحيلي عنكم أثرٌ
لا يسعف الشعر إن لم يرجع الأثرُ
وقصيدة “رسالة عبد الملك بن مروان لسكينة بنت الحسين ” أقول فيها:
لي في العِراقِ مدامةٌ وسـهادُ
لِلَّهِ كيفَ سَتُجمعُ الأَضْـدَادُ؟
من أينَ تأتيني النجاةُ وداخلـي
تتَزَاحَمُ الأَشْواقُ والأَحْـقَادُ؟
نَفسي تَتُوقُ إلى الطِّعَانِ بغَـارَةٍ
جُمِعَتْ لها الأَسْيافُ والأَجْـنادُ
فَيُعِيدُنِي لِلرُّشْدِ طَرْفُ مَـلِيحَةٍ
أُفْدِيكِ بالعَـيْنَيْـنِ ثم بمـهجُةٍ
سَكَنَت دمـشقَ ونَبْضُهُا بَـغْدَادُ
الهاشِـمِيُّـة عـانقت أُمَـويَّـةً
فَتناسَلَ الأَشْـرافُ والأَسْـيادُ.
ظهور إعلامي
يقول: “هناك مشكلة في الإعلام الثقافي لا أدري ما سببها، لكن أغلب الأمسيات لا يتم تغطيتها بالشكل اللائق، الإعلام الثقافي مهم جداً لأنه لا يجيده سوى أصحاب الخبرة والاختصاص ولا يستطيع أن يتنطع له كل هاو أو صانع محتوى”.. متمنياً من المعنيين أن يهتموا أكثر بالفعاليات الثقافية إعلامياً، لأنها جزء أساسي من حضارة البلاد، ولبنة أساسية لبناء المجتمع وتطور البلاد”.