الثورة – ترجمة هبه علي:
في 25 آذار، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2728 (2024)، الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، مما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار.
وهذا هو أول قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة يصدره مجلس الأمن منذ التصعيد الأخير للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في 7 أكتوبر من العام الماضي.
ومن هنا، كان لدى المجتمع الدولي توقعات كبيرة، آملا أن يتم تنفيذ هذا القرار التاريخي بسرعة وفعالية، ليبدأ فجر السلام لشعب غزة ويضع حدا للكارثة الإنسانية المستمرة وغير المسبوقة.
وعندما تم التصويت على القرار في الجلسة رقم 9586 لمجلس الأمن، صوتت 14 دولة من أعضاء المجلس، بما في ذلك الصين، لصالح القرار، وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.
وفي حين أن الولايات المتحدة لم تستخدم حق النقض ضد هذا القرار، كما فعلت مع العديد من القرارات السابقة المتعلقة بغزة، إلا أن مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة والمتحدث باسم وزارة الخارجية أصر على أن القرار غير ملزم قانونًا، بحجة أن “هذا القرار يفتقر إلى أحكام ملزمة ويفتقر إلى متطلبات جديدة مفروضة على الأطراف.”.
والحقيقة هي أن القرار 2728 (2024) وجميع القرارات المماثلة الأخرى التي اعتمدها مجلس الأمن ملزمة قانونا، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة.
أولا، إن جميع القرارات التي يتخذها مجلس الأمن والمتعلقة بالسلم والأمن الدوليين هي قرارات ملزمة قانونا، بغض النظر عما إذا كانت هناك إشارة إلى الفصل السابع من الميثاق أم لا.
وما دام مضمونه يشكل “قراراً” بموجب المادة 25 من الميثاق، فإن مثل هذا القرار يكون له قوة ملزمة قانوناً.
وتنص المادة 25 على أن “أعضاء الأمم المتحدة يوافقون على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفقا لهذا الميثاق”.
علاوة على ذلك، في حالة وجود تعارض بين التزامات أعضاء الأمم المتحدة بموجب هذا الميثاق والتزاماتهم بموجب الاتفاقيات الدولية الأخرى، فإن التزاماتهم بموجب هذا الميثاق هي التي تسود.
ومن الناحية العملية، يستطيع مجلس الأمن أن يتخذ قرارات ملزمة قانونا وتوصيات غير ملزمة قانونا.
لقد أدت حجة الولايات المتحدة إلى تضييق نطاق القرارات الملزمة قانونًا بحيث تقتصر على إجراءات الإنفاذ بموجب المادتين 41 و42 من الفصل السابع من الميثاق. وهذا يتنافى مع أحكام الميثاق، كما يتعارض مع الممارسات الدولية.
تمنح المادة 24 من الميثاق مجلس الأمن المسؤولية الأساسية عن صون السلم والأمن الدوليين، وتمنح المجلس صلاحيات محددة للقيام بهذه الواجبات على النحو المنصوص عليه في أحكام الميثاق. وهذا يعني أن جميع قرارات المجلس المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين يجب أن تكون ملزمة قانونا.
وبصرف النظر عن إجراءات الإنفاذ بموجب المادتين 41 و42، تتضمن هذه القرارات أيضًا تدابير مؤقتة بموجب المادة 40 بالإضافة إلى قرارات بشأن عمليات حفظ السلام لأنها تتعلق أيضًا بأداء المسؤولية الأساسية للمجلس، وبالتالي يجب أن تكون لها قوة ملزمة قانونًا.
وفي قضية ناميبيا (1971)، ذكرت محكمة العدل الدولية في فتواها أن القرارات التي يتخذها مجلس الأمن بموجب المادة 25 من الميثاق لا تقتصر على “القرارات” المتعلقة بإجراءات الإنفاذ بموجب الفصل السابع.
وهذا ما أكدته الممارسات اللاحقة لمجلس الأمن. قرار مجلس الأمن 1746 (2007) بشأن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان وكذلك القرار 1755 (2007) بشأن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان، دون الاحتجاج بالفصل السابع من الميثاق، تم قبولها وتنفيذها من قبل أعضاء الأمم المتحدة، ولم يتم التشكيك في القوة الملزمة قانونًا لهذه القرارات.
ثانيا، ما إذا كان قرار مجلس الأمن ملزما قانونا أم لا يعتمد على محتواه، وليس على استخدام كلمات محددة مثل “تقرر”.
وفي قضية ناميبيا المذكورة آنفاً (1971)، ذكرت محكمة العدل الدولية أن “الطبيعة الملزمة قانوناً لقرار مجلس الأمن ينبغي الحكم عليها من خلال التحليل الدقيق لصياغته”. طالما أن محتواه يفرض التزامات على الأطراف المعنية، يكون القرار ملزمًا قانونًا، حتى لو استخدم كلمات أخرى غير “يقرر”. وفي واقع الأمر، لا يستطيع مجلس الأمن أن “يقرر” وقف إطلاق النار بين الأطراف، بل يمكنه بدلاً من ذلك أن “يطالب” الأطراف بوضوح بالتصرف وفقاً لقراره 2728 (2024)، وبالتالي فإن الطبيعة الملزمة قانوناً لذلك القرار تتجاوز الحدود.
علاوة على ذلك، فإن صياغة القرار 2728 (2024) وأحكامه المحددة تشهد أيضًا على قوته الملزمة قانونًا.
وقد وضع القرار في منطوقه أربعة مطالب على الأطراف المعنية: وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف، مما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار؛ الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن؛ امتثال الأطراف لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي؛ ورفع جميع الحواجز أمام تقديم المساعدة الإنسانية، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وتفرض هذه المطالب التزامات محددة على جميع أطراف النزاع، بما في ذلك “إسرائيل”، مما يؤكد من جديد الطبيعة الملزمة قانونا للقرار 2728 (2024).
كما أن كلمة “الطلب” كثيراً ما تستخدم في قرارات مجلس الأمن الملزمة قانوناً لخلق التزامات جديدة للأطراف المعنية، ولها معنى قانوني راسخ وهو “المطالبة بشيء بالقوة ولا يجوز رفضه”.
على سبيل المثال، في القرار 1542 (2004) لإنشاء بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي، “يطالب مجلس الأمن كذلك جميع الأطراف في هايتي بتوفير الوصول الآمن ودون عوائق للوكالات الإنسانية لتمكينها من القيام بعملها”، وهو ما فرض التزامات جديدة على جميع الأطراف في هايتي.
في الختام، يطالب القرار 2728 (2024)، بصيغته الواضحة، بوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، والامتثال للقانون الإنساني الدولي من قبل الأطراف المعنية، بما في ذلك إسرائيل. فهو يفرض التزامات قانونية محددة على جميع الأطراف المعنية، كما أن قوته الملزمة قانونًا مقبولة عالميًا. إن تحدي الولايات المتحدة لهذا القرار يتعارض مع الميثاق والقوانين الدولية المعترف بها. وينبغي للمجتمع الدولي برمته أن يقف صفا واحدا ضد أعمال الهيمنة هذه وأن يدعم بقوة سلطة مجلس الأمن.
المصدر – تشاينا ديلي