الملحق الثقافي – علي فرحان الدندح:
يعتبر غلاف الكتاب أول عتبة نعبرها قبل الدخول إلى العالم الداخلي الذي يحتويه الكتاب بين دفتيه
إنه الوجه الأول الذي يقابلنا وننظر إليه قبل أن نعرف المحتوى والمضمون الذي تحمله الصفحات التي تلي ورقة الغلاف الأول،
والغلاف عتبة تفضي بنا إلى الداخل، إنه الباب الذي نفتحه أولاً لندخل إلى قلب البيت.
إنه الوجه الذي يطالعنا في الأول قبل الذهاب والسفر بين سطور الصفحات. يمكن أن يجذبنا غلاف كتاب معين نقتنيه، حتى قبل اطلاعنا ومعرفتنا بمضمونه لجماليته ولرونقه، فيثير إعجابنا، ونجد أنفسنا حاملين للكتاب فرحين بالجمال الذي يرتسم على وجهه وعتبته ، وأحيانا يمكن أن يحدث العكس، مع كتاب يحمل مضموناً راقياً وجميلاً، لكن تتجاوزه العين لبشاعة غلافه أو على الأقل لأن النظرة الأولى انعكست بالخيبة والنفور على نفس الرائي، فمضى دون أن يمد يده إلى الكتاب.
من هنا تأتي أهمية غلاف الكتاب (الجمالية والفنية والتسويقية )، ودوره في جذب وشد انتباه القارئ.
أبحر اليوم معكم في أحد روافد الفنان العالمي والشاعر رائد خليل وتجربته الفريدة في تصميم وإبداع وصناعة الغلاف لمختلف كتب الأدب والفن والتراث.
قديماً قيل (المكتوب أو الكتاب مبين من عنوانو) ولكن مع رائد خليل نقول: الكتاب يعرف من خلال غلافه.
فإلى جانب الموضوع والمضمون واسم المؤلف والعنوان يدخل الغلاف حيز الاهتمام لدى المتلقي والمؤلف منذ القدم ولا يقل أهمية عن كل ما تقدم في إعداد و تقديم لوحة فنية تجذب القارئ .
فجمال الغلاف الذي يصممه الفنان العالمي رائد خليل لا ينبع فقط من كونه صاحب الكار المتمرس والمتمكن من موهبته الفذة فقط بل يكمل دور المؤلف في ابتكار الصورة القصوى في اختصار كتابه وموضوعه في لوحة لا تخطر على بال صاحب الكتاب
ليكون الإبهار والإمتاع مضاعفا ً حد الكمال والاكتمال.
رائد خليل لا يصمم الكتب بطريقة مباشرة و تقليدية ولا يركن إلى رأي المؤلف أو صاحب الدار بل يتبع المنهج العلمي والفني الذي تمليه عليه المخيلة الإبداعية من خلال التشاركية الغير مباشرة مع المؤلف بعد قراءة المخطوط وقراءة سيرة الكاتب و تشكيل الوعي الحسي للريشة التي ستمسك بخيط الرؤية تجاه بياض اللوحة التي يشكل فيها إبداعه اللوني وغلافه المائز.
فما بين العنوان واسم وصورة المؤلف يتشكل التخطيط الهرمي عند تصميم رائد خليل للغلاف، إضافة إلى اختياراته الغير متوقعه لأنواع الخطوط وتصاميم جديدة في طريقة رسم الحروف وتنافرها في سياق خدمة العنوان وماهيته وصرخة اللون الذي يكاد أن يكون هو الآخر خلطة الساحر إذا احتاجت اللوحة ذلك، فالناس لها ردود فعل عاطفية تجاه اللون وعامل الجذب الذي تتلقاه العين قبل اليد عند حمل الكتاب وتصفحه لإبهار الذاكرة البصرية عند المتلقي.
يبقى رائد خليل صياد الرؤية في توليفاته الإيقاعية البهارة ليشكل من خلالها مدرسة جديدة في صناعة الغلاف تضاف إلى جماليات إبداعاته التي قدمها على امتداد أربعة عقود من الإبداع والتميز.
العدد 1188 –7-5-2024