أعادتْ نشر إحدى العبارات التي ظهرت لها ضمن قائمة الذكريات، وتتحدّث عن كون الحبّ هو حالة تحرّرٍ من أمرٍ كان يبدو مستحيلاً.
علّقت إحدى الصديقات “الحبّ عبودية وليس حريةً”، لتجيبها: “هو الأمران معاً”.. فالحبّ خليطٌ من تناقضات يصعب الفصل بينها.
ذكّرها الأمر بما كتبته يوماً (حنا أرندت) جواباً على تساؤل (مارتن هايدغر) في إحدى رسائله لها: “لِمَ يثيرنا الحبّ أكثر من أي تجربة إنسانية أخرى، ومع ذلك يُلقي ثقلاً عذباً على أولئك البؤساء الرازحين تحت قبضته”، تقول أرندت: “لأننا نتشبه بالمحبوب تدريجياً إلى درجة التماهي، ومع ذلك نحتفظ بأصالة ماهيتنا”..
تماماً هي شبكة التناقضات التي يحيكها الحبّ حول ذويه.. هو التماهي مع المحبوب.. دون نسيان الاحتفاظ بأصالة أو أصل ماهيتنا.. والفائز به هو القادر على تحقيق التوازن بين تناقضاته التي هي أكبر الصعوبات فيه والتي لربما منعت استمراره..
ولهذا نحيا في أوقاتٍ كثيرة، حبّاً متقلباً.. أقرب لمشاعر موسمية.. مؤقتة.. وهو أكثر أشكال الحبّ تطرفاً.. يبدأ كصاعقة وينتهي دون سابق إنذار.
فيما مضى كانت تؤمن أن أصالة الحبّ وشرط صدقيته، يرتبط بمدى ديمومته.. فالحقيقي هو الدائم.. وما ينتهي يعني عدم جدّيته.. ثم توسّعت تلك القناعة لديها لتصبح أكثر رحابةً بما يتوازى ورحابة الحبّ.. الذي لا يمكن حدُّه ولا ضبطه ضمن معنى واحد أو تعريف جامع.. ما جعلها تتساءل:
هل ما خبرته سابقاً كان أقرب لمشاعر موسمية.. أم حبّاً حقيقياً وصادقاً..؟
في ذهنها تقلّبُ أوراق أحبّةٍ، يبدو أنهم كانوا موسميين، أوراقهم حملت لها مشاعر حبّ كانت حقيقية في حينها، وأكثر من صادقة. لكن ذلك، وبمقياس هذه اللحظة، لا يمنع كون ما عاشته كان تقلّبات “موسمية”.
حتى المشاعر والحبّ يمكن أن يكونا ردّة فعل..
ألم يذكر أحد الفلاسفة أن رغبة المرء هي بالأصل رغبته برغبة الآخر به.. وبالتالي مشاعرنا حينها لا تكون أصيلة ما يجعلها مؤهلة لتكون مؤقتة أو موسمية.
سواء أكان ما اختبرتَه أم استمتعتَ بعيشه، ولو إلى حين.. حقيقياً، صادقاً أم موسمياً ومؤقتاً..
وسواء أكان ناشئاً عن أصل رغبة.. أم كان ردّة فعلك أنت أو ردّة فعل الآخر.. كلّ ما يهم وكل ما يبدو حقيقياً هو أن تتجرأ وتفتح قلبَك حرّاً لرياح الحبّ حتى لو كانت موسمية.