“تشاينا ديلي”: الرواية الغربية حول الصين مغالطة اقتصادية

الثورة – ترجمة رشا غانم:
كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون يضخمون قضية الطاقة المفرطة الصينية غير الموجودة لتبرير إجراءاتهم الحمائية وتصوير الصين على أنها تهديد للتجارة الدولية.
ومع ذلك، يُظهر تحليل أوثق أن هذه الرواية معيبة للغاية وأن أولئك الذين يستخدمونها يتجاهلون تعقيدات الديناميكيات الاقتصادية العالمية، وبدلاً من تمثيل تهديد وجودي، تعكس الطاقة المفرطة المزعومة للصين تطور عملية التصنيع وجهودها لتلبية متطلبات السوق المتغيرة.
تشير القدرة المفرطة، بشكل عام، إلى حالة تتجاوز فيها الطاقة الإنتاجية الطلب في السوق، في حين أنه لا يمكن إنكار أن الصين شهدت فترات من الإفراط في الاستثمار وسوء تخصيص الموارد خلال عملية التصنيع السريعة، فإن النظر إلى المشهد الاقتصادي الحالي للبلاد من خلال عدسة الطاقة المفرطة فقط يبالغ في تبسيط واقع معقد، ومن خلال اللجوء إلى مثل هذه الاتهامات، يرفض الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة الاعتراف بالخطوات الكبيرة التي قطعتها الصين في تحسين هيكلها الصناعي وتعزيز الجودة والقدرة التنافسية لمنتجاتها.
خلال المراحل الأولى من التصنيع في الصين، مدفوعة بإصلاحات السوق والعولمة، كانت هناك حالات تفوق فيها الناتج الصناعي للبلد توقعات الطلب المحلي والعالمي، وكانت قطاعات مثل الصلب والفحم والأسمنت ذات طاقة زائدة نتيجة لمبادرات الاستثمار الطموحة وتوقعات النمو المتفائلة، بيد أنه من الضروري الاعتراف بأن القدرة المفرطة ليست ظاهرة ثابتة بل هي عملية دينامية تتأثر بقوى السوق والتقدم التكنولوجي.
واستجابة للتحديات التي تفرضها القدرة المفرطة، بدأت الحكومة الصينية إصلاحات شاملة من أجل معالجة الاختلالات الهيكلية وتعزيز النمو المستدام، من خلال مبادرات مثل الإصلاحات الهيكلية لجانب العرض وبرامج الحد من القدرات والجهود المبذولة لتعزيز الابتكار والارتقاء التكنولوجي، كما بذلت الصين جهوداً متضافرة لتحسين قاعدتها الصناعية ومواءمة طاقتها الإنتاجية مع متطلبات السوق المتطورة.
وأحد أبرز إنجازات التحول الصناعي في الصين هو التحسن الكبير في الإنتاجية وجودة المنتج، فمن خلال الاستثمار في الأتمتة والرقمنة وتحسين العمليات، حقق المصنعون الصينيون وفورات الحجم وشحذوا ميزتهم التنافسية في الأسواق الدولية، كما ساعد تركيز الصين على البحث والتطوير والابتكار في تطوير أحدث التقنيات والمنتجات عالية القيمة المضافة، لاسيما في قطاعات مثل الإلكترونيات الاستهلاكية والطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية.
وعلى عكس الرواية التي نشرها بعض السياسيين الغربيين، لا يمكن أن يُعزى صعود الصين كقوة تصنيعية فقط إلى إغراق البلاد للمنتجات الرخيصة في الأسواق العالمية، وبدلاً من ذلك، يعكس القدرة المتزايدة للبلاد في إنتاج سلع عالية الجودة تلبي احتياجات المستهلكين المتنوعة في جميع أنحاء العالم، حيث اكتسبت المنتجات الصينية سمعة طيبة في موثوقيتها وقدرتها على تحمل التكاليف، ما جعل الصين لاعباً رئيسياً في سلاسل التوريد العالمية.
ومن خلال توقع البراعة الصناعية للصين باعتبارها تهديداً للاقتصادات الغربية، فإن الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة ليس مضللاً فحسب، بل يعكس أيضاً فهمه الضيق لديناميكيات التجارة العالمية، وبدلاً من النظر إلى براعة التصنيع في الصين على أنها لعبة محصلتها صفر، يجب على الدول الغربية تقدير المنفعة المتبادلة للتجارة والتعاون، فالسرد المفرط هو محاولة متعمدة لرفض الترابط بين الاقتصادات والفرص المشتركة للتنمية.
علاوة على ذلك، فإن التركيز على الطاقة المفرطة للصين يصرف الانتباه عن التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصادات الغربية، بما في ذلك انخفاض القدرة التنافسية الصناعية، وركود نمو الإنتاجية، واتساع التفاوت في الدخل، وبدلاً من تحميل الصين كبش فداء لمشاكلها الاقتصادية المحلية، يجب على صانعي السياسات الغربيين التركيز على مواجهة التحديات الداخلية وتعزيز نموذج اقتصادي أكثر شمولاً واستدامة.
ومن الضروري التعامل مع العلاقات الاقتصادية بين البلدان بالبراغماتية والاحترام المتبادل، بدلاً من الاستسلام لخطاب القومية الاقتصادية والحمائية، إن شيطنة السياسات الاقتصادية للصين لا تقلل من احتمالات الحوار البناء والتعاون فحسب، بل تخاطر أيضاً بتصعيد التوترات وإطلاق دورة من التدابير الانتقامية.
وفي عالم اليوم الذي يزداد عولمة، لا يتعلق “الإفراط في القدرة” بالتنمية الصناعية لفرادى البلدان فحسب، بل يعمل أيضا كمحك للعلاقات الدولية، حيث أنّ الهدف الأساسي وراء الضجيج الذي يقوده الغرب بقيادة الولايات المتحدة بشأن الطاقة المفرطة للصين هو حماية مصالحهم الاقتصادية ومزاياهم التنافسية، مما يعكس التناقضات الأعمق والصراعات على السلطة التي أحدثتها التغييرات في المشهد الاقتصادي العالمي.

هذا ويجب على الولايات المتحدة والغرب احترام مبادئ اقتصاد السوق والمنافسة العادلة، والعمل مع الدول الأخرى للحفاظ على استقرار سلاسل الصناعة العالمية، فإذا استمروا في اتخاذ إجراءات للحد من التنمية الصناعية في الصين باستخدام ذريعة “الطاقة المفرطة”، فلن يواجهوا فقط رد فعل عنيف من السوق الدولية ولكن أيضاً يعززون عزم الصين على تكثيف حملتها التصنيعية، وبدلاً من النظر إلى الصين على أنها تهديد، يجب على الاقتصادات الغربية أن تدرك فرص التعاون والمنفعة المتبادلة التي تقدمها الدولة، من خلال تبني نهج أكثر دقة وشمولية للعلاقات الاقتصادية، يمكِّن الغرب والصين بناء اقتصاد عالمي أكثر مرونة وازدهاراً للجميع.
المصدر – تشاينا ديلي

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان