عندما تهيمن وسائل التواصل الاجتماعي وقنواتها، التي تتلون وتتضاعف كلّ يوم، لتأسرعقول شبابنا وتصبح المصدرالأول لمعلوماتهم وباباً مفتوحاً لطرح قضاياهم، يجب أن نقرع ناقوس الخطر، ونبحث عن بدائل آمنة تجذب هؤلاء الشباب وخصوصاً في مراحل دراساتهم الجامعية، ويأتي المسرح كبديل ثقافي تربوي قيمي يشبع حاجاتهم ويكون صوتهم وبوابتهم للتعبيرعن قضاياهم وشغفهم وأحلامهم.
وفرصة رائعة ندركها في عودة مهرجان المسرح الجامعي لتقديم عروضه على مسرحي الحمراء والقباني في منافسة ثقافية سامية وبحضور متخصصين من الكتاب والمخرجين والفنانين الذين نبتوا في معظمهم من مسارح الجامعة في زمن مضى.
ولا يختلف اثنان حول دور المسرح في تكريس القيم وبناء الحس الفكري والجمالي لدى الطالب والمتلقي في الآن نفسه، وهو الأكثر تأثيراً على الجمهور المتلقي نظراً للتفاعل المباشر بينهما حول قضايا هي من صميم الواقع، وتمس شغاف العقل والروح، وتغوص في حنايا المجتمع وتفاصيل يدركها الجميع، لأنها حكايتهم بقالب مسرحي جميل وآسر.
ولاشك أن” أبو الفنون” لا يمكن أن ينمو في بيئة قاحلة، فهو يحتاج إلى بنية تحتية قادرة على احتضانه والنهوض به ليقوم بدوره المنوط به في الجامعات والكليات التي تمتد على مساحة البلاد، فنحن مثلاً لا نجد قاعات للتدريب المسرحي في الجامعات ولانجد أيضاً مسارح لتقديم العروض، وهذه من أساسيات العمل المسرحي الجامعي، فإذا أردنا استثمار مواهب الشباب واستقطابهم في الأنشطة الفنية والأدبية والمسرحية، لابدّ أن نقدّم لهم بيئة حاضنة تواكب تطلعاتهم وتساهم في خلق جيل واع يدرك دوره المجتمعي والقيمي والفكري في تكريس معنى الانتماء والنهوض بالمجتمع والذود عنه والتمسك بمبادئه.
ولابدّ أن نهنىء تلك الجهود الكبيرة التي تنتصرعلى التحديات لتقدّم مهرجاناً مسرحياً جامعياً لافتاً بعروضه ومواهب الطلاب المؤمنين بأن المسرح سيظل تلك الظاهرة الحضارية القادرة على بعث الحياة من جديد.

السابق
التالي