نسبة كبيرة من أبناء وطننا تجاوزت مرحلة القلق الإيجابي مما كانت فيه في سنوات ماضية ومما كان ينتظرها في قادمات الأيام، ودخلت مرحلة القلق السلبي ووصلت لمرحلة الخوف بعد أن تسارعت الأمور المعيشية نحو الأسوأ، وبعد ما وصلنا إليه اليوم من أوضاع معيشية واقتصادية مؤلمة جداً لأسباب خارجية تتعلق بالحصار والعقوبات الجائرة علينا وداخلية تتعلق بأداء مؤسساتنا والقائمين عليها.
لقد قلنا سابقاً عندما كنّا في مرحلة القلق وقبل الدخول في مرحلة الخوف إن الواقع الذي نعيشه -بعد أن خفّت المعارك في مواجهة الإرهاب وقبل مرحلة كورونا- يتطلب منا جميعاً وفي المقدمة أصحاب القرار، عملاً وجهداً وأداءً استثنائياً، بعيداً عما نحن فيه من تقصير وترهّل وروتين وبيروقراطية وخلل وفساد، وحذرنا من أن استمرار الأداء وفق ما نحن عليه لن يؤدي إلا إلى المزيد من التراجع والمعاناة والفقر ومن ثم المساهمة في تحقيق الأهداف التي يسعى إليها أعداؤنا منذ بداية الأزمة والحرب القذرة علينا.
وحتى لا نبقى في العموميات نشير إلى أن الأولوية كان يجب أن تعطى لزيادة إنتاجنا المحلي وبالأخص الزراعي والصناعي من خلال دعم الأسر الريفية للعودة إلى الزراعة المنزلية وزراعة أرضها المتروكة، ودعم الفلاحين والمزارعين المنتجين للقمح والشعير والقطن والشوندر والبطاطا والذرة وكل أنواع الخضار والفواكه عبر تخفيض تكاليف الإنتاج التي تنذر بخطر التراجع عن الزراعة، وعبر مبادرات جديدة تتعلق بالتسويق الداخلي والتصدير للفائض عن الاستهلاك المحلي..الخ، ونصل إلى الاكتفاء الذاتي بأسعار تناسب المنتج والمستهلك، وطبعاً ما ذكرناه ينطبق على الإنتاج الصناعي الذي تراجع كثيراً.
لكن للأسف كل ما قرأنا عنه وسمعناه في هذا المجال على لسان الجهات المعنية خلال الفترة الماضية، بقي يدور في حلقة مفرغة ولم يخرج بمعظمه عن إطار الكلام والتعاميم والتصريحات التي لم تغنِ ولم تسمن من جوع، وهذا ما يُؤكده الفلاح والصناعي وكل من له علاقة بالأرض والحرف والصناعات عندما نسأله، وينطبق على كل واحد منهم قول الشاعر (ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء)!!
لكل ما تقدم وغيره نعود للقول -خاصة بعد التغييرات إنه لا بد من التحرك السريع والانخراط سريعاً بمرحلة العمل والمتابعة بذهنيات وعقليات جديدة تفكر من خارج الصندوق، وتنطلق من عند المنتج وليس من عند غيره، وتكون حريصة كل الحرص على مصلحة الوطن والمواطن والخلاص الجماعي، وليس على مصالحها الشخصية الضيقة والخلاص الفردي!.