الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
تمثل الهوية الثقافية لأي شعب أو أمة من الأمم، إحدى أهم الركائز التي يقوم عليها تاريخها وحضارتها، باعتبارها القاسم الجوهري الثابت والمشترك من السمات العامة التي تميز ذلك التاريخ وتلك الحضارة، وهو ما يُبنى عليه لمستقبل واعد مرتكز على أسس وقواعد متينة، تعطي القوة للأمة وتدفع أبناءها لمزيد من البناء والتطور.
وضمن نشاطاته المعتادة، فقد أقام اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع مؤسسة أرض الشام، ندوة ثقافية بعنوان (الهوية الثقافية ودورها في تعميق الفعل المقاوم)، التي أثارت الكثير من المناقشات والجدالات والتساؤلات الفكرية والثقافية والسياسية بين النخب الفكرية والسياسية والثقافية التي شاركت بالندوة، لاسيما حول المصطلحات التي حملها عنوان الندوة ومدلولات هذه المصطلحات وكيفية فهمها وترجمتها في ظل الواقع السياسي والإعلامي الراهن خاصة بعد الحرب والتطورات التي شهدتها سورية والمنطقة والعالم، وما أفرزته من تداعيات ورؤى وتصورات واكبت عملية التفكير والفهم المجتمعي والسياسي لهذا الواقع.
وقد تحدث الباحث الدكتور بسام أبو عبد الله في المحور الأول الذي حمل عنوان (الهوية الثقافية المقاومة.. التأسيس والاستمرارية)، حيث تناول مفهوم الهوية، وما المقصود بالهوية الثقافية، ولماذا هويتنا الثقافية مقاومة؟، مشيراً إلى أن هويتنا الثقافية بالأساس هي هوية إنسانية عالمية تواجه الظلم والطغيان أينما كان وأينما حل.
ونوه أبو عبد الله بأن الهوية الثقافية المقاومة هي هوية أخلاقية إنسانية قبل كل شيء ولا يمكن أن تتجذر هذه الهوية أكثر إلا ضمن احتضان مؤسساتي ومن خلال النماذج القدوة، مؤكداً أنه لا يمكن لفاسد أو محتال أو لص أن يحمل ثقافة مقاومة ويستمر بها دون قيم أخلاقية عميقة ومتجذرة وهو تحد جدي يواجهنا في عالم تتلاطم فيه الصراعات وأخطرها الصراع المرتبط بالهوية والجذور والانتماء.
وحذر أبو عبد الله من مخاطر تلون الهوية الثقافية المقاومة بلون ديني أو مذهبي لأنها ستضرب الأمن الوطني الجماعي للشعب والدولة كما يريد المخطط الصهيوني والأميركي إحداث تمزيق وتفتيت داخلي طائفي ومذهبي وإثني وعرقي.
وفي المحور الثاني الذي تناول موضوع ( إسهامات الهوية الثقافية في تعميق الانتماء )، طرح الباحث الدكتور عقيل محفوض أيضا العديد من التساؤلات حول دور الهوية الوطنية السورية ودور الهوية الثقافية في المجتمعات التي تعاني حالة الحرب، كما أبدى تساؤلات حول لماذا كانت الحرب، وما هو الدور الثقافي في هذا الموضوع ، وما هو دور الثقافي في مسألة الحرب؟..
أسئلة عديدة حاول الباحث الإجابة على بعضها، والتي أثارت الكثير من النقاش بين الحضور.
ونوه محفوض بأهمية دور المفكر أو الباحث ليس بتقديم أسئلة أساسية بل بتقديم أيضا إجابات أو تفكير جديد واقتراح مداخل تفكير للمشكلات والهموم التي تواجه المجتمع والدولة.
بدوره، أكد الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب على أن هناك حربا كبيرة تشن ضد الهوية الثقافية التي لم ينتبه إليها الكثيرون عبر استهداف الأجيال من خلال محاولة نشر قيم وأفكار الليبرالية الحديثة والحرب على المصطلحات في مجتمعاتنا.
وأشار الحوراني إلى أهمية دور المؤسسات الثقافية والمؤسسات المعنية بالشأن الثقافي للتعاطي مع التحديات التي تواجه مجتمعاتنا وهويتنا الثقافية ، والذي يمثل هذا الفعل الثقافي بهذه الندوة الفكرية الثثافية التي يقيمها اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع مؤسسة أرض الشام، ويأتي ضمن خطة ثقافية سنوية موضوعة في عمل الاتحاد.
من جهته، أشار باسل الدنيا رئيس مجلس أمناء مؤسسة أرض الشام إلى أن هذه الفعالية تأتي لتسليط الضوء على الربط الثقافي السوري المقاوم وتأسيسه واستمراريته، منوها بأهمية التعاون بين المؤسسات ذات الشأن الثقافي العامة والخاصة للحفاظ على المرفق الثقافي السوري الذي استهدف من خلال الحرب التي شنت على سورية خلال ١٢ سنة. والدفاع عن الهوية الثقافية الوطنية السورية وارتباطها ودورها في تعميق الفعل المقاوم
ونوه نائب رئيس الاتحاد توفيق احمد مدير الندوة بان الهوية مجموعة من الصفات والخصائص التي تميز مجموعة من البشر ، مشيرا إلى أن البلاد العربية تعرضت في السنوات الأخيرة للكثير من الأزمات التي استهدفت بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية و ارثها الثقافي .
وأكد أحمد بأن هويتنا الثقافية كانت المستهدفة بالدرجة الأولى وقد أثر ذلك على المسار الثقافي لجيل الشباب ، منوها أن مسألة الهوية تحتاج الكثير من البحث والدراسة والندوات والقيام بكل أساليب الصمود ومقاومة أي شكل من أشكال الطمس أو قتل الروح والهوية .
و أشار أحمد إلى أن ما يجري على أرض فلسطين من صمود ومقاومة شكلت حافزا على التمسك بالهوية العربية والدفاع عنها .