لستُ أدري لماذا يبدي البعض إزعاجه من المرشحين إلى عضوية مجلس الشعب ..؟! ولستُ على علمٍ بالهدف الذي يترقبونه إزاء امتعاضهم المتصاعد يوماً وراء يوم، ولا يتوقفون عن بثّ روح اليأس والإحباط عبر وسائل التواصل الاجتماعي ..؟ وتصفيق البعض، وبعضُ البعض يعترض على ترشح الجميع، والبعض الآخر يرى أن رجال الأعمال عموماً والأغنياء ليس لهم أن يترشحوا لأنهم لا يمثلون الشعب ولا علاقة لهم بآلامه ولا بآماله وطموحاته، وليس للفقراء أيضاً أن يترشحوا لأنهم غير قادرين على التأثير ولن يكترث أحد بآرائهم، وليس للإعلاميين أن يترشحوا فمنهم من تحدث كثيراً وطرح حلولاً ومبادرات هامة عبر وسائلهم الإعلامية بلا فائدة، ومنهم من تمرّس على محاباة المسؤولين والعمل لمصلحتهم تاركين هموم الناس، وليس للأطباء ولا للمحامين ولا للفنانين .. ولا.. ولا..!!
هذه السوداويّة تضعنا أمام العديد من التساؤلات التي سنطرحها من منطلق حرية الرأي، فمثلما يطلقون آراءهم بحرية، فلنا نحن أيضاً حرية التساؤل، ولا سيما أننا في الميدان البرلماني القائم أصلاً على حرية الرأي والتعبير .
فهل يريدون – مثلاً – استمرار هذا الدور التشريعي الثالث دون أن تنقضي مدته التي انقضت وانتهى الأمر، لأنهم مُعجبون جداً بأداء أعضاء المجلس الحاليين، وقد أحبوهم إلى درجة التعلق بهم ومحاولة الابقاء عليهم ..؟
لا نعتقد ذلك لأن هواجس التشكيك بكل أعضاء مجلس الشعب السابقين والحاليين والقادمين، تملأ الآفاق.. كما أن البعض ينصح بعض المرشحين بالانسحاب من الترشح ..!
أم هل يريدون إنهاء هذا الدورالتشريعي الثالث وعدم انتخاب دور تشريعي رابع .. وتبقى البلاد هكذا بلا مجلس للشعب ..؟!
أم لعل هذه الاعتراضات كلها ليقولوا : إننا نريد مجلس شعب قوي وقادر بالفعل على تمثيل الشعب بكل معنى الكلمة، وعلى مجابهة الأخطاء وتصحيحها، ومواجهة أخطاء أعمال الحكومات – إن حصلت – وإيقافها عند حدها، وردعها عندما تستهين بمصالح الناس وبمخالفة الدستور والقانون .. ولا سيما ما يختص بالحفاظ على توازن دائم بين الأسعار والدخل بما يضمن الحد الأدنى من المستوى المعيشي ..؟
لعل الحالة المعيشية المتقهقرة في هذه الأيام تلعب دوراً حازماً بالفعل في تشكيل تلك المواقف السلبية، لأن الحالة المعيشية المتردية تساهم في خلق الكثير من مشاعر الحرج والإذلال .
ولكن – وعلى الرغم من هذا كله – فليس لنا أن نخلط الأمور بهذه الطريقة حتى لا نعود قادرين على التفريق بين الغث والثمين، فيذهب الصالح بالطالح، وبهذا الخلط نسيء لأنفسنا أولاً لأنه يُبعثرالأمور ويجذبنا نحو عدم ممارسة حقنا الانتخابي بشكلٍ صحيح.
الجميع يُدرك جيداً أن كلّ شرائح الشعب يحق لها الترشح، ولا أدري لماذا يحاول البعض المكابرة والقفز فوق بعض الشرائح ..؟! المشكلة ليست في الترشح .. المشكلة بالانتخابات .. يعني فينا نحن الناخبين .. عندما لا نبادر إلى ممارسة الحق الانتخابي ونختار بملء إرادتنا من نراه كفوءاً، أو عندما نمارس الحق الانتخابي بعدم اكتراث ولا اهتمام، وننتخب من دون تدقيق ولا عناية، فلاشك عندها سنصل إلى نتائج غير مرضية، ولا بدّ من الإشارة أخيراً إلى أن لائحة الملاحظات التي يوجهها البعض لأعضاء مجلس الشعب وللمرشحين ثلاثةُ أرباعها – أو أكثر – افترائية وغير صحيحة وتكون مبنية على الظن والتوقّع أكثر مما هي مبنية على قرائن ووقائع.. علينا أن ندع المرشحين فهذا حقهم ونلتفت إلى إصلاح حالنا بممارسة حقنا نحن بانتخاب الأفضل .. وإلاّ كيف سيُمثلوننا ..؟!