السفير عبد الهادي لـ “الثورة”: رغم مشروع القرار الأميركي موقف واشنطن لم يتغير.. المقاومة السياسية عرّت كيان الاحتلال
الثورة – لقاء عبد الحميد غانم:
أعرب السفير أنور عبد الهادي مدير عام دائرة العلاقات العربية لمنظمه التحرير الفلسطينية عن عدم وجود تحول في الموقف الأمريكي الداعم لمجرم الحرب نتنياهو، مؤكداً أن مشروع القرار الأمريكي الذي قدم لمجلس الأمن الدولي بشأن وقف الحرب في غزه إنما جاء بسبب الموقف المحرج لبايدن بعد تصاعد الهبات الطلابية في الجامعات الأمريكية والأوروبية وتصاعد هبات الرأي العام الشعبي في العالم الغربي ما دفعه للتخفيف من حدة هذه الهبات التي حملت الولايات المتحدة والغرب الداعمين للكيان في حربه الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المسؤولية عن هذه عن الجرائم والحرب الإسرائيلية وأنها شريكة في العدوان والجرائم الإسرائيلية في غزة.
وأشار السفير عبد الهادي في تصريح للثورة أيضاً إلى عامل آخر أثر على الموقف الأميركي وهو وجود الوضع الداخلي الأمريكي المقبل على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية منوهاً بأن ذلك لا يعني وجود تغيير في الموقف الأمريكي الذي لا يزال داعماً لمجرم الحرب نتنياهو في المال والسلاح وكل أشكال الدعم الأخرى.
لا ثقة بالموقف الأمريكي..
وأكد السفير عبد الهادي أنه لا ثقة بالموقف الأمريكي تجاه الكيان الإسرائيلي.. الكيان الذي يعتقد أنه فوق كل القوانين والشرائع الدولية، مشيراً إلى أن العالم الغربي والولايات المتحدة على رأسه يعد شريكاً ويتحمل المسؤولية في استمرار جرائم نتنياهو وحرب الإبادة التي شنها ويشنها ضد الشعب الفلسطيني وأن هذا الموقف الغربي الأمريكي هو الذي يشجع نتنياهو على التمادي على الشرعية الدولية واستمرار جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.
وبين السفير عبد الهادي أن الولايات المتحدة لا تفرض أي شيء على كيان الاحتلال ولا تضغط عليه ولا تجبره على الالتزام بالقرارات الدولية ورغم إعلان مشروع القرار الأمريكي لم يطبق حتى الآن ولم تلتزم به ” اسرائيل” وإنما الولايات المتحدة تحاول فقط تطبيق قراراتها على الدول الضعيفة.
تغير الرأي العام الغربي..
وتعقيباً على الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وتأثيراته على القضية الفلسطينية وعلى الصراع مع العدو، أكد السفير عبد الهادي أن هذه التطورات جاءت نتيجه نضال الشعب الفلسطيني منذ 70 عاماً وبدا هناك تغير في الرأي العام الغربي والأوروبي خاصة عندما أُحرج وانكشف كيان إسرائيل أنه كيان إجرام وليس طرف سلام، وبدأ عدد من الدول الأوروبية تخرج من هذه الهيمنة والسيطرة الأمريكية والإسرائيلية وقال: هذا شيء إيجابي ومهم جداً وهو حكماً عملية تراكمية للوصول إلى الدوله الفلسطينية.
وأضاف: نحن على المستوى السياسي والدبلوماسي نعتبر أن العمل السياسي والدبلوماسي هو مقاومة وفي بعض الحالات هي أقصى من المقاومة المسلحة ومن هذا المنطلق وعلى هذا المستوى فهذا إنجاز كبير جداً بما تحقق من اعتراف بالدولة الفلسطينية لأنه تثبيت لحق الشعب الفلسطيني ونحن واثقون بأن دولة فلسطينية قادمة.
نجاح الدبلوماسية الفلسطينية..
ونوه السفير عبد الهادي بنجاح الدبلوماسية الفلسطينية في المحافل الدولية والمجتمع الدولي، والتي بدأت بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة بأغلبية عظمى، ثم انضمام عدة دول عربية وأجنبية لدولة جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية باتهام كيان إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، ثم قرار محكمة الجنايات الدولية باتهام المجرم نتنياهو ووزيره يوآف غالانت، بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأخيراً مع اعتراف أربع دول أوروبية: إسبانيا والنرويج وايرلندا وسلوفينيا، بدولة فلسطين، أصيبت “إسرائيل” بالجنون، وقال: لقد صدرت عن حكومة الاحتلال قرارات، هي خطوات فعلية لتدمير منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية باعتبارها ذراعاً لمنظمة التحرير في الضفة الغربية وغزة، فقد أعلن الوزير الإسرائيلي غالانت فك الارتباط عن شمال الضفة، وهو ما يعني عودة الاستيطان لأربع مستوطنات كان تم إخلاؤها عام 2005، وضمها للكيان بشكل فعلي، ثم جاء قرار وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش بوقف التعاون مع البنوك الفلسطينية ومنع تحويل أموال المقاصة للسلطة الوطنية، وهي خطوة تعني تدمير النظام البنكي في الأراضي الفلسطينية وتدمير الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، وذلك رداً على المواقف الدولية المؤيدة للحق الفلسطيني، حيث اعتبر المسؤولون الإسرائيليون، أن منظمة التحرير الفلسطينية بتحركاتها السياسية، تمارس الإرهاب السياسي ووصفت الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالإرهابي الدبلوماسي، بعد اتهامها بدعم الإرهاب، من خلال صرف رواتب لأسر الشهداء والأسرى، وذلك رداً على النجاحات السياسية في الساحة الدولية.
وأضاف: أنه يجب ألا ننسى الدور العسكري والسياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر أكثر من نصف قرن ضد العدو الإسرائيلي، وما قامت به حركة فتح وفصائل منظمة التحرير في ساحات القتال عسكرياً في الأراضي الفلسطينية والشتات وفي ساحات المحافل الدولية سياسياً، ولا ننسى الانتفاضة الثانية التي قاتلت بها منظمة التحرير وفصائلها لمدة خمس سنوات منذ عام 2000 ولغاية 2005 وقدمت آلاف الشهداء والأسرى الذين لا يزال نحو 2000 أسير منهم لغاية الآن في السجون الإسرائيلية.
وأخيراً، فإن التحرك السياسي والدبلوماسي المتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية والشرعية الدولية يشكل مقاومة جوهرية في حصار إسرائيل وتعريتها أمام العالم بأنها دولة مشكلة من العصابات هدفها إبادة الشعب الفلسطيني ولا تؤمن بأي سلام.
واشنطن مستمرة في إلحاق الظلم للشعوب..
ورداً على سؤال حول مستقبل النظام الدولي القادم، أشار السفير عبد الهادي إلى أن العالم لا يزال حتى الآن يعيش في نظام القطب الواحد التي تتسيده الولايات المتحدة كقوة عظمى لبسط هيمنتها على العالم من خلال ثلاث مؤسسات سياسية واقتصادية وعسكرية وهي الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي والبنك الدولي.
وقد أدت هذه المؤسسات تلك الهيمنة الدولية الأحادية من أجل إخضاع العالم للسياسات الأمريكية بكل ما تحمله تلك السياسات من تجاوزات وظلم بحق الدول والشعوب واختراق القانون الدولي.
ونوه السفير عبد الهادي إلى أن القوة الأمريكية التي توحشت في بعض ممارساتها السابقة لم تتوانى عن استخدام السلاح النووي في الحرب العالمية الثانية عام 1945 مرتين في هيروشيما وناغازاكي باليابان واستخدمت القوة في مناطق متعددة من العالم ودعمت وتدعم الكيان الصهيوني وتكفلت بحمايته وتحقيق أمنه منذ زراعته في قلب الوطن العربي عام 1948 كما استخدمت الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقه بالحقوق الفلسطينيه والعديد من المواقف الدولية الأخرى التي لم تعبر فيها الولايات المتحدة عن مسؤوليتها الأخلاقية في قيادة العالم ما أدى إلى إلحاق الظلم بأمم وشعوب العالم.
بناء نظام عربي جديد..
أشار السفير عبد الهادي إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب يعرفون جيداً أن نفوذهم في المنطقه لم يعد كما كان في العقد الماضي وأن هناك قوى صاعدة أخرى استفادت كثيراً من أخطائهم الكبرى وأن هناك عمليات استقطاب ستركز على الجانب الاقتصادي في بناء تكتلات جديدة وأن الدول التي تنضم إلى مجموعة بريكس أو منظمة شانغهاي للتعاون هي الدول التي تسعى للحصول على أماكن مميزة في النظام العالمي الجديد.
وقال هنا تبرز الأهمية القصوى لبناء نظام عربي جديد يكون له مكان في النظام العالمي الذي يتشكل في الوقت الحالي بعيداً عن الاستقطاب مستفيدين من تجارب الماضي على مدى عقود.