الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
قبل أسبوع من قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن العاصمة، وجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هجومه مرة أخرى على الصين، مدعياً أن “دعمها” لروسيا يغذي “أكبر تهديد أمني” في أوروبا، وهو ما قال عنه الخبراء إنه محاولة لإغراء حلفائها الأوروبيين باللعب مع مخطط واشنطن الجيوسياسي، وإثارة الفوضى من خلال التحريض على “أزمة أوكرانية أخرى” في آسيا.
وعلى خلفية اكتساب السياسيين اليمينيين المزيد من النفوذ في أوروبا، فقد تثير تصريحات بلينكن المزيد من الجدل أو حتى أنها تثير ردود فعل عنيفة، كما لاحظ المراقبون.
وفي حديثه في مؤسسة بروكينغز، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، قال بلينكن إن الصين تساعد في تغذية “أكبر تهديد أمني… منذ نهاية الحرب الباردة” لأوروبا، في حين أكد أن مثل هذا التهديد “يتردد صداه لدى جيران الصين في آسيا”، حسبما ذكرت وسائل الإعلام.
وعلى غرار بلينكن، اتهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الصين بالتحريض على أكبر صراع عسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، مدعياً أن روسيا تنتج صواريخ وطائرات بدون طيار بدعم من التكنولوجيا المتقدمة المستوردة من الصين.
وانتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ هذه التهم في المؤتمر الصحفي الدوري يوم الثلاثاء الماضي، وقالت ماو: “لست متأكدة مما يعنيه بالضبط بقيم حلف شمال الأطلسي. ولكن إذا كانت القيم هي رسم خطوط على أساس الإيديولوجية وخلق الصراعات وتأجيج المواجهة وتصعيد التوترات على هذا النحو، فإن الصين لا تستطيع حقاً الموافقة عليها”. وأشارت ماو إلى أن الواقع هو أن حلف شمال الأطلسي هو الذي يتحدى الصين ويتدخل في شؤونها الداخلية ويشوه سياساتنا الداخلية والخارجية ويتحدى بشكل خطير مصالح الصين وأمنها.
وفيما يتعلق بأزمة أوكرانيا، أكدت ماو مجدداً أن الصين ملتزمة بتعزيز المحادثات من أجل السلام وإيجاد حل سياسي للأزمة. ويحتاج حلف شمال الأطلسي إلى رؤية السبب الجذري للأزمة وإلقاء نظرة فاحصة على نوع الدور الذي لعبه من أجل السلام في أوروبا والعالم، بدلاً من تحويل الانتباه وإلقاء اللوم على الآخرين.
وقال لي هايدونغ، أستاذ في جامعة الشؤون الخارجية الصينية: “هذا يُظهر مدى قلق الساسة الأميركيين من التحريض على الفوضى ورؤيتها في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف: “تهدف تصريحات بلينكين إلى خلق انقسامات بين الصين وأوروبا، وكذلك بين روسيا وأوروبا، من أجل تأكيد هيمنة الولايات المتحدة، وإبقاء أوروبا في وضع تابع”.
وقال لي إن هناك نية أخرى تتمثل في حث حلفائه الأوروبيين على تسريع استثمارهم للموارد والقدرات في الاتجاه الذي حددته الولايات المتحدة للانخراط في منافسة جيوسياسية مع الصين وإنشاء حلف شمال الأطلسي المصغر في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وأضاف الخبير أن الولايات المتحدة تحاول إبطاء نمو الصين من خلال تعقيد بيئتها الداخلية والخارجية، حتى تظل في المركز الأول، وهو ما لا يعد تصرفاً قصير النظر وغير مسؤول فحسب، بل إنه يضر في نهاية المطاف بمصالح الولايات المتحدة.
وخلال كلمته يوم الاثنين الماضي، ذكر بلينكن بشكل خاص أن شركاءهم في أوروبا “يرون التحديات في نصف الكرة الأرضية في آسيا على أنها ذات صلة بهم”، مشيراً إلى بيان مشترك لحلف شمال الأطلسي ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا العام الماضي والذي قال في أعقاب أزمة أوكرانيا، “ما يحدث في أوروبا يمكن أن يحدث في آسيا غداً”، وفقاً لبيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية.
وقال الخبراء إن هذه التصريحات تكشف عن رغبة واشنطن في التحريض على “أزمة أوكرانية أخرى” في آسيا، وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن السلام والاستقرار العالميين لا يتماشيان مع تطلعاتها المهيمنة. كما أنه وفقط عندما يكون العالم في حالة اضطراب يمكن للولايات المتحدة الحفاظ على مكانتها المهيمنة.
وقال لي “إنه أمر واضح للغاية”، مضيفاً أن الغالبية العظمى من الدول الآسيوية والأوروبية يمكنها أن ترى من خلال هذا المخطط الشرير.
وعلاوة على ذلك، ومع صعود القوميين اليمينيين في أوروبا، فإن تصريح بلينكن قد لا يحظى بقبول جيد كما يأمل، وقد يثير المزيد من الجدل وحتى إنه قد يثير ردود فعل عنيفة.
المصدر- غلوبال تايمز