الملحق الثقافي- عيسى إسماعيل:
وصلتني قبل أيام الأعمال الكاملة للأديب مراد السباعي في مجلد كبير تجاوزت صفحاته الستمئة صفحة من القطع الكبير في طباعة فاخرة.
هدية من أبناء المرحوم مراد السباعي وهذه أعتبرها من أجمل الهدايا وصدور الكتاب كان مناسبة للحديث عن هذا الأديب الرائد في القصة القصيرة على مستوى الوطن العربي إذ صدرت أولى مجموعاته القصصية عام 1948 وهو ولد وعاش في حمص ولم يبرحها أبداً ( 1914-2001).
في أواخر ثمانينات القرن الماضي وكنت قرأت له وعنه كثيراً وعبرت للأصدقاء عن رغبتي بالتعرف عليه شخصياً وهكذا فقد تولى المهمة المرحوم الشاعر شاكر مطلق وحصل اللقاء في عيادته.
رجل طويل القامة عيناه زرقاوان يرتدي بزة أنيقة كان يومها في السبعينيات من عمره تواضعه الجم وكلماته الهادئة واهتمامه بأصدقائه والسؤال عنهم بين حين وآخر ودعوتهم لزيارة منزله من صفات الرجل الحميدة التي تحلى بها السباعي.
وفي ثلاثة حوارات معه نشرتها في صحف «العروبة والبعث والأسبوع الأدبي» تحدث عن تجربة غنية وعن اهتمام المثقفين والأدباء في مصر الشقيقة بقصصه، وطبع بعضها هناك…. وقال عنه الأديب القاص الشهير محمود تيمور أن السباعي أحد الرواد الأوائل العرب في فن القصة القصيرة.
عصامياً كان مراد السباعي، موظفاً عادياً في مجلس مدينة حمص، واهتم في شبابه المبكر بالمسرح فكان أحد المؤسسين لنادي دوحة الميماس وعمل ممثلاً وكاتباً مسرحياً ومخرجاً في ثلاثينيات القرن الماضي، وكلفته وزارة الثقافة عام 1960 بتشكيل فرقة مسرحية عمل فيها لأربع سنوات وقدمت أعمالها في حمص وبعض المدن الأخرى وهو أول رئيس لفرع اتحاد الكتاب العرب بحمص ( 1972-1983).
وحمص التي لاتنسى مبدعها أقامت له حفلاً تكريمياً عام 1984 وأنتج عنه التلفزيون العربي السوري فيلماً وثائقياً في تلك الفترة كما أنتج عنه فيلماً آخر بعد وفاته بعنوان (صدى الرحيل).
ترجمت مؤلفات السباعي القصصية والمسرحية إلى اللغات الروسية والأوكرانية والألمانية.
وأنا عائد من عملي في إحدى المدارس في مدينة الرياض عرجت كعادتي إلى إحدى المكتبات لأشتري جريدة «الثورة» التي تصل بعد يوم من صدورها بدمشق وكان الخبر الحزين في صفحتها الأخيرة تتصدره صورة السباعي وعنوان يقول: (رحيل القاص الرائد مراد السباعي) وذلك في الشهر الأول من عام 2001.
أن تطلق حمص اسمه على مدرسة يثلج الصدر .. مدرسة الأديب مراد السباعي في حي الدبلان …!!
العدد 1196 –9 -7-2024