أ. د. جورج جبور:
حين توقفت مع أصدق أصدقائي عند تجاوزي العقد الثامن من العمر إلى التاسع نصحني، وهو العارف بدعابات أحرص عليها مع الأصدقاء، بأن أخفف من مستوى الدعابة. لماذا يا صديق؟ أجاب: في مثل هذا العمر قد يتم النظر إلى الدعابة على أنها بسبب العمر.
أتذكر هذه النصيحة كلما شاهدت الرئيس بايدن على الشاشة وهو يدافع عن نفسه محاولاً البرهنة على أنه بخير رغم التقدم بالعمر.
أتذكر وأشعر بشيء من الأسى. ها هو جيل أقل تقدماً في العمر يحاول الخلاص بكل وسيلة من جيل سابق.
إلا أن الشعور بالأسى الذي تولده في النفس شراسة المنقضين على الرئيس بايدن يقابله شعور آخر مؤداه الإعجاب بالمنقضين. لماذا؟
معظمهم، في ما أقدر، محيط بما ارتكبه بايدن عام 1987، المنافس للحصول على ترشيح حزبه لانتخابات الرئاسة عام 1988. لقد سرق، سرق خطباً لغيره، تملك ما لا حق له به، كشف. تعرى أمام الناس، خجل، اعتذر، لو لم يسرق لكان من الممكن أن يفوز بترشيح حزبه وأن ينتخب وربما لولايتين. سرق واعتذر، المنقضون عليه اليوم يعرفون سرقته ولكنهم يعرفون اعتذاره، لا ريب أنهم يحترمون اعتذاره فلم يعيروه بسرقته. احترم فيهم هذا السلوك. الحسنات يذهبن السيئات. الاعتذار يجبُّ الخطأ. سأضع هذا النص أمام صديق سوري مسؤول. لكن فلنعد إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
عنوان مقالي. أزمة خطيرة الدلالة. ما هي؟
هي أن ما يشغل شاشات الأخبار هو تقدم بايدن في العمر وليس تقدم ترامب خطوات إلى قفص الاتهام بجناية أو أكثر، كيف لدولة تقول إنها تدافع عن حقوق الإنسان في العالم أن تقبل متنافساً على رئاستها من تعتقد جمهرة من مواطنيه الأقربين أنه مجرم أو على الأقل مشتبه به أنه مجرم.
تلك هي الأزمة خطيرة الدلالة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. التقدم في العمر وما ينتجه مشكلة، لكن الإفلاس الأخلاقي مشكلة أكبر.
*مستشار رئاسي سابق ورئيس الرابطة العربية للقانون الدولي ومحاضر سابق في العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في واشنطن وفي جامعة جورجتاون.