في الذكرى الـ ٦٢ لاستقلال الجزائر.. السفير بوشامة يطلق كتابه “الأمير عبد القادر وجزائريو بلاد الشام”
الثورة – متابعة عبد الحميد غانم ورزان أحمد:
دمشق الفيحاء.. مدينة الياسمين الحديقة الرحبة لكل عربي جاءها زائراً أو مضطراً، تفتح له أذرعها لتلهمه الفكر والأدب والكتابة.. كانت بالأمس على موعد مع احتفالية لتوقيع كتاب حول الأمير عبد القادر الجزائري الذي جاء دمشق منفياً من بلده الجزائر بسبب مقاومته للاستعمار الفرنسي الذي احتل وطنه الجزائر، فالهمته الفكر والشعر والصوفية فكتب الفكر ودوّن الشعر ليس وحده بل كل الذين كانوا معه.
واليوم تلهم دمشق الكاتب والدبلوماسي السفير الجزائري بدمشق الدكتور محمد بوشامة وتحتضن إطلاق كتابه ( الأمير عبد القادر وجزائريو بلاد الشام).
وضمن هذا العبق، فقد نظمت سفارة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية مساء أمس بالتعاون مع اتحاد الكتّاب العرب فعالية ثقافية فكرية بمناسبة الذكرى الـ ٦٢ لاستقلال الجزائر في قصر الأمير عبد القادر الجزائري في منطقة العمارة بدمشق.
وأقيم خلال الفعالية حفل توقيع كتاب للسفير الجزائري كمال بوشامة بعنوان،” الأمير عبد القادر الجزائري وجزائريو بلاد الشام”.
تخلل الفعالية معرض صور يوثق حياة الأمير عبد القادر وتوقيع كتاب “الأمير عبد القادر وجزائريو بلاد الشام “.
تلاحم الشعبين
وزيرة الثقافة لبانة مشوح التي حضرت الفعالية، أشارت في تصريح لـ”الثورة” إلى أن الفعالية تعكس العلاقات المميزة التي تجمع البلدين الشقيقين سورية والجزائر وتلاحم شعبيهما ووحدتهما دماً ونضالاً وتاريخاً ورؤية مستقبلية تحررية ووحدوية.
ولفتت إلى أن الأمير عبد القادر الجزائري بطل قومي عربي ناهض الاستعمار وقاومه في الجزائر ثم نفي إلى دمشق، التي ألهمته كتابة الشعر واﻷدب والتوجه إلى أوجه نضالية أخرى فكرية وأدبية وسياسية لأن أصحاب المواقف الوطنية لا يمكن أن يتخلوا عن مواقفهم، وهو رمز للنضال ضد الاستعمار.
وقالت الوزيرة مشوح: اﻷشقاء الجزائريون مفخرة للعرب في نضالهم ضد المستعمر الفرنسي والذي أجبروه على التخلي عن كل مستعمراته لأنه تلقى درساً لن ينساه على يد الشعب الجزائري الأبي.
عزز العلاقات المتجذرة
السفير الجزائري في دمشق الدكتور كمال بوشامة أكد في تصريح لـ “الثورة” أن العلاقات السورية الجزائرية في أعلى مستوياتها وهي متجذرة في التاريخ وعميقة، وعززت إقامة الأمير عبد القادر في دمشق من الرصيد التاريخي للعلاقات بين البلدين حيث استضافته دمشق، فكانت حفاوة كبيرة مكنته من لعب أدوار كبيرة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.
وأشار بوشامة إلى أن الأمير عبد القادر كان ممهداً للثورة الجزائرية وكان أول محدث للجمهورية الجزائرية، وهناك العديد من الشباب لا يعرفون الكثير عنه، ولا يعرفون الدور الذي لعبه في سورية، حيث لعب أدواراً سياسية كبرى والكثير لا يعرف أنه أطفأ الفتنة في دمشق وأنقذ 15000 مسيحي في قصره في دمشق.
ولفت السفير بوشامة إلى أن العلاقات السياسية بين البلدين هي أكثر من أخوية ومن خلال هذا التوصيف يمكن فهم اﻵفاق القوية للعلاقات السياسية بين البلدين.
الفعل النهضوي
بدوره لفت رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني في تصريح لـ “الثورة” إلى أن السفير بوشامة اختار هذا المكان العريق لإطلاق كتابه الجديد إيماناً منه بقدرة الثقافة على الفعل النهضوي التنويري، وهو الكتاب الذي تشرف اتحاد كتاب العرب في سورية على طباعته في مناسبة الذكرى الـ 62 لاسترجاع السيادة الوطنية للجزائر تحت رعاية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
ونوه الحوراني بمواقف الجزائر تجاه سورية وفلسطين، معرباً عن أمله بأن تبقى العلاقة السياسية والدبلوماسية والثقافية بين البلدين الأنموذج الأبهى بين العلاقات العربية والدولية على مستوى المنطقة والعالم.
تصحيح الرواية
وفي كلمة خلال الحفل، أكد الدكتور الحوراني أن الكتاب جاء تصحيحاً الرواية التاريخية ومشروعيتها وإحقاقاً للحق وإزالة للحيف وتمكيناً للأجيال من امتلاك الحقائق لا الأكاذيب التي حاول المستعمر ترسيخها في غفلة من الزمن مستقوياً بطغيان قوته وبطشه لتشويه الذاكرة الجمعية وتدمير الهوية الوطنية الجامعة لشعب أو امة أو جماعة بشرية مهما صغرت عدداً عبر تشويه رمز من رموزها بعيداً عن المبادئ والشعارات التي كانوا يتباهون بها.
ونوه الحوراني أن الكتاب جاء لبيان الحقيقة معتمداً على الوثيقة والتحليل المنطقي وآراء شخصيات أسهمت في صناعة التاريخ الحقيقي. وقال: لقد نجح السفير في ترتيب الكتاب على أساس من المعلومات التي أضافت على نحو واضح ما لم نعرفه من قبل لتكون ذاكرة الجزائر عامرة بالحقائق لا الأكاذيب.
ونوه الحوراني أيضاً بمناقب الأمير عبد القادر وقال إنه كان أول المهاجرين من مغرب الوطن العربي إلى مشرقه وأن الأمير عبد القادر له مواقف تاريخية ستظل رصيداً له ولأمته يعتد بها ولن يقلل من عظمتها تلك المحاولات المحمومة للنيل من مكانته كرجل سبق عصره واقترنت أفعاله بالحكمة والسياسة حيناً وبالتهديد حيناً آخر.
رواية حقيقية
وفي عرض له للكتاب، أكد السفير الجزائري أنه بهذا الكتاب يريد أن يقدم رواية حقيقية لحياة الأمير عبد القادر وحياة أولاده وأبناء الجالية الجزائرية في بلاد الشام، وقال أريد أن أخاطب الشباب الذين يجب أن يهتموا اليوم أكثر من أي وقت مضى بتاريخهم الذي يخفي من الأحداث والحقائق ما يكفيهم أن يفتخروا به ذلك التراث الذي يعطيهم كل الإرادة للمشاركة بشكل جماعي وبقناعة في تغيير وتحسين مفهومهم للمستقبل والتخلص من أغلال الجهل التي تبعدهم عن الماضي المجيد وكل ما فيه من ثروات ينتفعون بها.
وبين السفير الجزائري أن هذا العمل المقدم هو عمل متواضع ومساهمة في تصحيح فكرة ينقلها للأسف حتى الآن عدد من المواطنين والكثير من الأوروبيين كي لا نقول أغلبيتهم عن شخصياتنا وبالتأكيد فإن هذه الفكرة أو هذه العقلية تمثل ثقافة استعمارية لا تأخذ بالحسبان أي موضوعية تاريخية وحتى أقل من ذلك لا تستجيب لأي نزاهة فكرية.
ونوه السفير الجزائري بأن الكتاب هو إسهام في خدمة الفكر وخاصة في فكر الجزائريين وأهل الشام كي يبقى ذكر هذا الأمير مبجلاً محترماً عند شعوب المنطقة وجميع دول العالم تلك التي تحب الرقي والتقدم والرفاهية من خلال العلم والثقافة والسلام وكذلك عند أولئك الذين يناضلون من أجل القضايا العادلة والحرية والمساواة واحترام الآخرين.
شعب التضحيات
محمد جاسم الموسى رئيس مجلس إدارة قمح الاقتصادية السورية أشار في هذه المناسبة إلى أن هذه الفعالية التي تأتي مع احتفال الجزائر الشقيق بعيد استقلاله، وأن الشعب الجزائري الذي يدعم سورية ويدعم المقاومة ويدعم القضية الفلسطينية ويدعم كل الحقوق العربية، وقال إن الشعب الجزائري قدم ويقدم كل التضحيات وكان الأمير عبد القادر الجزائري خير مثال على هذه التضحية الجزائرية.
وقال الموسى: إن المحبة التي يظهرها الشعب السوري للأمير عبد القادر الجزائري هي انعكاس لتلك العلاقات التاريخية بين سورية والجزائر وانعكاس لمحبة الجزائر لسورية، لافتاً إلى اختيار الأمير عبد القادر لدمشق لتكون موطناً ثانياً له، والمآثر التي قدمها لدمشق بعد أن كان قاد نضال الشعب الجزائري ضد الطغيان ووحشية المستعمر الفرنسي.
حضر الفعالية وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح ومحافظ دمشق المهندس محمد طارق كريشاتي ورئيس مجمع اللغة العربية بدمشق الدكتور محمود السيد وعدد من أعضاء مجلس الشعب ومديرو الإدارات في وزارة الخارجية والمغتربين وعدد من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة في سورية وشخصيات ثقافية وفكرية.
تصوير – فرحان الفاضل