٨٠ عاماً من العلاقات الدبلوماسية.. صباغ: موسكو ودمشق في مواجهة الغرب.. ياكوفينكو: دعم الجيش لحظة محورية
الثورة – متابعة عزة شتيوي:
بمناسبة الذكرى الثمانين للعلاقات الدبلوماسية السورية الروسية أقام المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين ندوة حوارية حول خصائص وسمات العلاقات السورية الروسية، بحضور الدكتور بطرس حلاق وزير الإعلام و ألكسندر يفيموف السفير الروسي في دمشق. وأكد المتحدثون على أن العلاقات بين سورية وروسيا لا يطوقها ثمانون عاما بل تمتد منذ قرون ولا تتوقف عند التاريخ الحديث والمعاصر، وهي شاملة وواسعة ومترابطة سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً وثقافياً، وتوجت هذه العلاقات بالشراكة بين دمشق وموسكو في محاربة الإرهاب وفي وحدة الساحة السياسية بين البلدين من أجل نهوض عالم متعدد الأقطاب قائم على التعددية السياسية واحترام سيادة الدول والمصالح المتبادلة بين البلدان.
وافتتح الندوة الحوارية نائب وزير الخارجية والمغتربين بسام صباغ الذي أشار بكلمته إلى أهم المحطات في العلاقات السورية الروسية والتي تعود رسميا إلى عام ١٩٤٤ مؤكدا أن أبرز هذه المحطات كان خلال الحرب الإرهابية على سورية، حيث قدم الاتحاد الروسي دعما مهما جدا تجلى في دعم الجيش الروسي للجيش العربي السوري في حربه على الإرهابيين، وأثمرت الجهود المشتركة للبلدين في مجال مكافحة الإرهاب عن إعادة الأمن والاستقرار للمدن والقرى التي كانت التنظيمات الإرهابية تعيث فيها دماراً وتخريباً.
وأكد صباغ أن ذلك ترافق مع دعم سياسي، من خلال استخدام روسيا لحق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي مرات عدة لمنع تمرير المخططات التي تستهدف سورية.
ولفت صباغ إلى دور البلدين في تقديم وطرح كل القضايا التي تهم موسكو ودمشق، مشيرا إلى أن السيد الرئيس بشار الأسد أكد على دعم روسيا في العملية العسكرية الخاصة التي ينفذها الجيش الروسي في أوكرانيا، بينما وقف الكرملن إلى جانب الشعب السوري، وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة احترام السيادة السورية وإرادة الشعب السوري .
كما أشار صباغ إلى أن الزيارات المتبادلة بين الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين، والاتفاقيات التي تم توقيعها ساهمت في رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستويات مهمة جداً وعلى جميع الأصعدة، كما ضمنت الاجتماعات الدورية للجنة المشتركة السورية-الروسية تنفيذ الاتفاقيات المتعلقة بالتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية بشكل صحيح، ودعم إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإرهابية، إضافة إلى الكثير من المبادرات والمشاريع الثقافية والاجتماعية والإنسانية.
ولفت صباغ إلى أن سورية وروسيا تواجهان اليوم تحديات مشتركة ومتعددة، في مقدمتها الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الدول الغربية، بهدف ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي عليهما، موضحا أن التغيرات التي يشهدها عالمنا اليوم، وظهور ملامح نظام متعدد الأقطاب، ينهي هيمنة القطبية الأحادية، ويقوم على مبدأ المساواة بين الدول واحترام سيادتها واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو فرض الهيمنة عليها.
بدوره قال مدير الأكاديمية الدبلوماسية الروسية ألكسندر ياكوفينكو أن واشنطن تسعى لعرقلة تشكيل نظام عالمي جديد مشيرا إلى أن روسيا وسورية تقفان اليوم في الخط الأمامي للمعركة من أجل الحق والعدالة في عالمنا، ولا شيء يستطيع أن يعرقل صمودهما.
وثمن ياكوفينكو موقف سورية الداعم للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا والتي تهدف إلى حماية الشعب الروسي والحضارة الروسية، لافتاً إلى أن موسكو تدعم دائما سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها في وجه محاولات الغرب الجماعي فرض مشروع جيوسياسي يؤدي إلى الهيمنة عليها وتدميرها.
ونوه ياكوفينكو إلى أن الجيشين الروسي والسوري هما اليوم أخوة في السلاح حيث دعمت روسيا جهود السوريين في قتال “داعش” وأن روسيا ستبقى تقف إلى جانب الجيش العربي السوري في كل معاركه لأن لها معركتها أيضا مع الإرهاب، والجيش السوري يقاتل الإرهاب.
وتطرق الكسندر ياكوفينكو إلى الروابط الاقتصادية بين سورية وروسيا والتي شيدت الجسور والمنشآت حيث وصلت إلى حوالي ٨ منشآت من ضمنها سد تشرين في سورية، وهناك أيضا الجانب العالمي حيث أشار ياكوفينكو إلى أن ما يقارب ٣٩ ألف طالب يدرسون اللغة الروسية والأدب الروسي.
وختم ياكوفينكو أن العلاقات السورية الروسية ستبقى مستمرة استنادا إلى الخبرة التاريخية بينهما وستعمل الأكاديمية الروسية على دفع وتطوير عجلة العلاقات السورية الروسية، مؤكدا أن أهم لحظة محورية في العلاقة بين روسيا وسورية كانت منذ أن قرر الجيش الروسي دعم وإسناد عمليات الجيش العربي السوري في محاربته للتنظيمات الإرهابية.
صيغة استنة مبشرة ومستقلة عن تصريحات أردوغان وفي سؤال لصحيفة الثورة حول مستقبل مسار استنة وكيف يمكن أن تؤثر إيجابا تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الصيغة الرباعية في استنه قال ياكوفينكو أن لمسار استنة من وجهة نظره آفاق جيدة وهذا المسار مختلف عما تسعى وتصرح به تركيا من حيث رغبتها التقارب مع دمشق خاصة أن تصريحات اردوغان هو شأن تركي ولكل دولة في مجموعة الاتصال الرباعية (إيران وروسيا وسورية وتركيا) سياسة خارجية مستقلة أما ضمن صيغة استنة فجدول أعمال هذه الدول مستقل.
كما قدمت الكاتبة ناديا خوست عرضا للعلاقات التاريخية والسياسية والعسكرية والثقافية وأضاءت على ما يربط الشعبين الروسي والسوري من جسور أدبية حيث لا تزال الحفلات والمهرجانات الثقافية تجمع بين أقلام الكتاب والأدباء السوريين والروس .
كما أكدت الدكتورة ناديا خوست بأن العلاقات السورية الروسية لا تحركها المصالح بل هي تضرب في عمق الجذور الثقافية المشتركة فقط، فترجمة الأعمال السورية إلى اللغة الروسية ليس قرارا سياسيا أو اقتصادي، كما أن مسرحيات الأدب الروسي تأخذ مكانها في مكتبة وذاكرة السوريين دون أن تفحص تحت مجهر السياسة والمصالح، بل هي تقارب فكري وثقافي بين الشعبين.
من جانبه استعرض الاقتصادي والمؤرخ الروسي ميخائيل خازين أفق التعاون الاقتصادي وتاريخه بين سورية والاتحاد الروسي وبين الصعوبات التي تواجه كلا البلدين والمتمثلة بسياسة العقوبات الأحادية التي تفرضها أميركا، مؤكدا على قدرة روسيا وسورية على تجاوز كل الصعوبات الاقتصادية بما في ذلك هيمنة الدولار والاقتصاد الغربي.
حضر الندوة دبلوماسيون وسفراء وممثلون عن سفارات وهيئات دولية ولفيف من الإعلاميين وكان للثورة اللقاءات التالية:
الأحمد :ضرورة ارتقاء العلاقات الاقتصادية إلى المستوى السياسي والدبلوماسي
في سؤال للثورة أكد الدكتور علي الأحمد رئيس الرابطة السورية لخريجي الجامعات الروسية أن العلاقات الدبلوماسية السورية هي تتويج لتاريخ طويل من العلاقات السورية الروسية والتي تعود لمئات السنين وهي علاقات وجسور ثقافية واجتماعية واقتصادية متينة ومعتقة بين البلدين فسح المجال لها الفضاء المشترك بين روسيا وسورية وهو الفضاء الاوراسي، فروسيا تمتد جغرافيا بين أوروبا واسيا ونحن في سورية نقع في القارة الأسيوية ومن الطبيعي أن تكون لنا آفاق مشتركة وعلى كل الأصعدة.
كما قال أحمد لصحيفة الثورة أنه من الضروري ومن الطبيعي أن تكون علاقتنا مع روسيا متكاملة فهي لطالما دعمت التحرر والاستقلال ونحن في المنطقة لطالما كنا هدفاً ومطمعا للغرب وعلى رأسه أميركا، لذلك التقت روسيا مع سورية في أهم نقطة على خرائط السياسة وهي احترام سيادة الدول ودعمها لتحقيق الاستقرار وهذا لا يكون فقط عسكرياً أو سياسياً، بل على كافة المستويات، فنحن مثلا كرابطة لدينا أكثر من ٣٥ ألف طالب من خريجي الجامعات الروسية في مختلف الاختصاصات العلمية والإبداعية والفنية، هؤلاء جميعا لهم دورهم في صقل العلاقات الروسية السورية التي ترتقي اليوم إلى مستوى إنساني.
ونوه الدكتور أحمد بأن العلاقات السورية الروسية لا تتوقف عند حدود العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين بل هي أعمق بكثير وتعود إلى حقب تاريخيه أسست فيها المدارس الموسكوفية روابط علمية وثقافية في بلاد الشام كلها، كما أن لروسيا روابط دينية مع سورية تعود لجذور المسيحية الأرثذوكسية هنا في سورية ولوجود الإسلام المعتدل الصوفي في بلاد الشام وهذا يشكل روابط قوية دينية وروحية بين الشعبين السوري والروسي لذلك فإن العلاقات بين سورية وموسكو هي أعمق من أن تكون علاقات دبلوماسية.
وشدد على أن العلاقات بين البلدين في أرقى وأعلى مستوياتها على الصعيد السياسي والدبلوماسي ويجب أن يرمي هذا بظلاله على تنامي العلاقات الاقتصادية لتصبح في السوية ذاتها .
سوخوف:دبلوماسية شعبية أيضا
من جانبه قال نكولاي سوخوف مدير المركز الثقافي الروسي للثورة: إن الندوة الحوارية حول مرور ثمانون عاما على العلاقات الدبلوماسية الروسية السورية حدث مهم يطرح الكثير من الأفكار ويطور العديد من التصورات والمعلومات خاصة أن هناك جانب ثقافي في الندوة تجسده الأديبة والكاتبة ناديا خوست.
وشدد سوخوف على أن العلاقات الدبلوماسية السورية هي امتداد للعلاقات الثقافية العريقة بين البلدين وهي اليوم تشهد تطوراً ملحوظاً يسعى المركز الثقافي الروسي إلى دعمه والحفاظ على مستوياته المتقدمة حيث يشهد المركز الثقافي الروسي الكثير من الأنشطة التي تدعم الروابط الثقافية على المستوى التعليمي للأطفال والشباب والمعوقين بالشراكة مع الدولة السورية ومؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى التبادل التعليمي الذي وصل إلى أكثر من ألف منحة من الجامعات الروسية للطلاب السوريين، وهناك حوالي ٧٠٠ طالب سوري يدرس اللغة الروسية.
تصوير- عدنان حموي