عندما يُقدم مواطن على القيام بفعل ما خلافاً لقانون نافذ، ويحتجّ أمام الجهة العامة المعنية بأنه لا يعرف بوجود هذا القانون، يرد عليه القائمون عليها بعبارة “لا جهل بالقانون” فيصمت ويأكل العقوبة المقررة.. وعندما يُقدم مواطن على مخالفة قانون نافذ، ويطلب من الجهة الرسمية ذات العلاقة التي تضبطه، عدم معاقبته بحجة أن آخرين غيره خالفوه، يكون الجواب من القائمين عليها “القانون فوق الجميع” فيصمت ويأكل العقوبة وهو يردد أمامهم أو بينه وبين نفسه “ليت القانون فوق الجميع”..الخ.
لكن يبدو أن لا جهل بالقانون، والقانون فوق الجميع، لاينطبق على بعض الجهات العامة التي تُقدم على تعطيل قانون نافذ بقرار من المسؤول عنها، وتستمر في تعطيله لسنوات رغم اعتراض من لديه مصلحة في تطبيق القانون، ورغم المطالبات المتكررة بإلغاء القرار الإداري وتطبيق القانون..!
بين أيدينا نموذج لما تقدم يتعلق بالاستثمار في المناطق الحرة، حيث إن من يستثمر في تلك المناطق، استثمروا فيها بعد أن تفهموا قانون الجمارك والمرسوم التشريعي الناظم للاستثمار في المناطق الحرة السورية، لكنهم فوجئوا بعد أن استثمروا بأن المرسوم التشريعي رقم (40) لعام 2003 الناظم للاستثمار في المناطق الحرة، وقانون الجمارك رقم (38) لعام 2006 -القسم الخاص بالمناطق الحرة- تم تعطيلهما بموجب قرار صادر عن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السابق برقم 6554 لعام 2017، وبأنه بني على قرار الوزير الكثير من الإجراءات التي تخالف المرسوم والقانون المذكورين أعلاه..!!.
والمشكلة أن بعض المستثمرين تقدموا ويتقدمون بشكاوى وكتب عديدة للوزارة والإعلام الوطني منذ بضع سنوات وحتى الآن، يطلبون فيها إلغاء القرار الإداري الصادر وكل ما بني عليه من قرارات وإجراءات، والعودة إلى تطبيق المرسوم والقانون ، لكن لم يستجب إليهم أحد، مع أن طلبهم ينسجم مع الدستور ويتوافق مع قاعدة أنه لاجهل بالقانون ومبدأ أن القانون فوق الجميع وأنه لايجوز لجهة رسمية أن تخالف القانون أو أن تعطّل تنفيذه بقرار إداري!.