الثورة – سعاد زاهر:
هل تمر تعددية الأطراف الدولية بأزمة يمكن لها أن تنعطف باتجاه استيعاب القوى الجديدة؟.
إن كل المشاكل الحالية تقريباً، سواء في الأمم المتحدة أو منظمة التجارة العالمية أو صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، يمكن إرجاعها إلى عجز النظام المتعدد الأطراف عن استيعاب القوى الجديدة والناشئة في هيكل ما بعد الحرب العالمية الثانية، فهذه التعددية عالقة بين أولئك الذين يناضلون من أجل الحفاظ على الوضع الراهن لعام 1945 وأولئك الذين يطالبون بالإصلاح ليعكس الحقائق الحالية الأكثر تعدد الأقطاب.
تعتبر الهند من أكبر المؤيدين لتعزيز التعددية على مر السنين، ولكن في عالم متغير، إذا لم تتمكن الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان وخامس أكبر اقتصاد، والتي تتمتع بسجل حافل من التعددية والديمقراطية والروح الحضارية للإنسانية، من إعطاء حقها في الحوكمة العالمية، فهذا يعني أن الإصلاح يمر بمراحل حرجة للغاية.
في عام 2021، نجحت الهند في مجلس الأمن في إحباط خطوة لانتزاع تغير المناخ من العملية الشاملة التي تقودها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، والتي تضم جميع البلدان، ووضعها تحت نطاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، حيث إن مجلس الأمن وضع العمل المناخي فعلياً تحت رحمة الأعضاء الخمسة الدائمين، وشددت الهند على أن مشروع القرار يسعى إلى تسليم تلك المسؤولية إلى هيئة لا تعمل من خلال التوافق ولا تعكس مصالح البلدان النامية، وبالطبع تم رفض المشروع من خلال التصويت منذ أن صوتت الهند ضده، بينما استخدمت روسيا حق النقض، ولو نجحت هذه الفكرة، لكانت هندسة تغير المناخ قد نجحت حتى الآن في حجب صوت الجنوب العالمي، وخاصة الدول الأكثر ضعفاً والدول الجزرية الصغيرة النامية، وبهذا الموقف تكون الهند وقفت مرة أخرى إلى جانب التعددية، وفي السياق نفسه، لعبت الهند دوراً فعالاً في إنشاء التحالف الدولي للطاقة الشمسية الذي يضم الآن 100 دولة عضو.
أصبحت مجموعة العشرين الآن مجموعة متعددة الأطراف مؤثرة تتألف من الاقتصادات الكبرى التي تتخذ قرارات بشأن القضايا الاقتصادية والتنموية العالمية التي تؤثر على جميع البلدان الأخرى.
للحد من تغيرات المناخ..
في إطار تصميم الهند على أن تكون جزءاً من الحل بشأن تغير المناخ، أعلن رئيس الوزراء “ناريندرا مودي” عن خطة عمل من خمس نقاط للهند في اجتماع اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، وشمل، الالتزام الرئيسي بتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2070، والوصول إلى 500 جيجاوات من توليد الوقود غير الأحفوري بحلول عام 2030 ، و50% من احتياجات الهند من الطاقة ستأتي من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030،و خفض إجمالي الانبعاثات الكربونية المتوقعة بمقدار مليار طن حتى عام 2030، بالإضافة إلى خفض كثافة الكربون في الاقتصاد بنسبة 45% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2005
هناك مبادرتان من قبل الهند لهما أهمية عالمية، الأولى هي أسلوب الحياة من أجل البيئة، وهي حركة جماهيرية أطلقها رئيس الوزراء “مودي” لتشج تبني أنماط حياة مستدامة لمواجهة تحديات التدهور البيئي.
بيمستيك: غرس طاقات جديدة..
مبادرة خليج البنغال للتعاون الفني والاقتصادي متعدد القطاعات (BIMSTEC) هي منظمة تجمع بين بنغلاديش والهند وسريلانكا وتايلاند وميانمار وبوتان ونيبال، وتهدف هذه المنظمة الإقليمية إلى سد الفجوة بين دول جنوب شرق آسيا، وتعزيز إمكانات الدول الأعضاء ومنطقة خليج البنغال، والتخفيف من الآثار السلبية للعولمة من خلال الاستفادة من الموارد الإقليمية والمزايا الجغرافية.
وعلى حد تعبير رئيس الوزراء “مودي”، فإن مبادرة BIMSTEC هي “منصة طبيعية لتحقيق أولويات السياسة الخارجية الرئيسية المتمثلة في الجوار أولاً والتحرك شرقاً لأنها لا تربط جنوب وجنوب شرق آسيا فحسب، بل تربط أيضاً بيئات جبال الهيمالايا الكبرى والخليج البنغالي.
يمكن لدول مثل الهند أن تأخذ زمام المبادرة في زيادة الوعي بالمجال البحري داخل BIMSTEC من خلال تعزيز القدرات حيثما يكون ذلك مطلوبًا من خلال القوات البحرية وخفر السواحل، وإنشاء مراكز إقليمية لتبادل المعلومات، ويمثل وجود الموارد البحرية فرصاً إقليمية في التنمية المشتركة للاقتصاد الأزرق، وتعزيز الاقتصاد الجبلي خاصة في دول مثل بوتان، وتنشيط منتديات الأعمال والاقتصاد واجتماعات الجامعات والمنظمات الثقافية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والبرلمانيين.