الثورة ـ ترجمة ختام أحمد:
أفادت تقارير جديدة نشرتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن القوات الإسرائيلية تستهدف المراكز المدنية وتستخدم المدنيين الفلسطينيين دروعا بشرية أثناء عمليتها في غزة .
ومن المفارقات أن هذا يأتي في اليوم التالي للذكرى الخامسة والسبعين لاتفاقية جنيف ، وهي سلسلة من المعاهدات الرائدة التي أرست القواعد الدولية لحقوق الإنسان خلال زمن الحرب.
كما يأتي التقرير بعد أسابيع من قصف الجيش الإسرائيلي للمدارس في غزة التي يستخدمها الفلسطينيون كملاجئ.
وفي كل من الهجمات، زعمت القوات الإسرائيلي أن المقاومة كانت تستخدم المدنيين كدروع بشرية . ولكن في التحقيق الجديد الذي أجرته صحيفة هآرتس، شوهد جنود إسرائيليون وهم يستخدمون “فلسطينيين عشوائيين” كدروع بشرية أمام الكاميرات أثناء العمليات في القطاع. ويستند هذا جزئياً إلى اللقطات التي نشرتها بعض وسائل الإعلام قبل شهرين ، والتي تظهر الفلسطينيين وهم يُجبرون على دخول المباني والغرف أمام الجنود لضمان إبعاد جيش الدفاع الإسرائيلي عن الأذى.
ويظهر الفيديو الجنود وهم يركبون كاميرات على جسد المعتقلين المقيدين ويلبسونهم زيا عسكريا وسترات واقية بينما يضطرون إلى دخول الأنفاق والمباني قبل الجنود الإسرائيليين، كوسيلة للتحقق من المتفجرات.
ويكشف تحقيق آخر أجرته صحيفة هآرتس ونشر يوم الثلاثاء عن مدى انتشار هذه الممارسة بين صفوف القوات الإسرائيلية في غزة. وقد أجريت مقابلات مع جنود وقيادات قتالية على حد سواء خلال هذا التحقيق.
وبحسب صحيفة هآرتس، قيل للجنود: “حياتنا أهم من حياتهم. والاعتقاد السائد هو أنه من الأفضل للجنود الإسرائيليين أن يظلوا على قيد الحياة وأن يكون الشاويش هم الذين يتم تفجيرهم بواسطة عبوة ناسفة”.
وزعم أحد المصادر التي أجرت الصحيفة مقابلات معها أن ممارسة استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية معروفة جيداً، قائلاً: “عندما رأيت التقرير الذي بث، قلت: آه، نعم، هذا صحيح”. كما اتهموا القيادة بأنها كانت على علم بهذه الممارسة، وأضافوا: “إنها تتم بعلم القادة الإسرائيليين على الأقل”. وأضاف جندي آخر إلى الشهادة قائلاً: “قبل حوالي خمسة أشهر، أحضروا إلينا فلسطينيين اثنين. أحدهما يبلغ من العمر 20 عاماً والآخر يبلغ من العمر 16 عاماً،وقيل لنا: استخدموهم، إنهم من سكان غزة، استخدموهم كدروع بشرية”.
وبحسب المصادر، يتم استخدام القاصرين وكبار السن أيضاً.
وقال أحد الجنود: “كانت هناك أوقات يتم فيها إجبار كبار السن حقاً على دخول المنازل”.
إن قائمة الحوادث التي وردت في التحقيق وقعت في مختلف أنحاء غزة، ولكنها كانت متشابهة للغاية في طبيعتها ووصفها، الأمر الذي أعطى مصداقية للقصص.
وقال بعض الجنود إنهم شعروا بعدم الارتياح إزاء ما كانوا يفعلونه، ولكن المخاوف التي أثيرت أمام القيادة قوبلت بالتجاهل.
وقد أدت اللقطات التي تم نشرها إلى زيادة الدعوات لإجراء تحقيق رسمي.
وأصدرت وحدة المتحدث باسم القوات الإسرائيلية بياناً جاء فيه: “تحظر تعليمات وأوامر القوات الإسرائيلية استخدام المدنيين من غزة الذين يتم القبض عليهم في الميدان في مهام عسكرية تشكل خطراً متعمداً على حياتهم. وقد تم توضيح تعليمات وأوامر القوات الإسرائيلية بشأن هذا الموضوع للقوات”.
وتأتي هذه التقارير في الوقت الذي تتعامل فيه “إسرائيل” مع انتهاك مزعوم آخر لحقوق الإنسان. فقد اعترفت باستهداف مجمع مدرسة التابعين في مدينة غزة. وذكر مسؤولون في الدفاع المدني في غزة أن أكثر من 90 شخصاً قتلوا، بما في ذلك 17 امرأة وطفلاً على الأقل. ولم يتم التعرف على بعض الجثث بعد بسبب مستوى الدمار الذي أحدثته الضربة.
وتبرر القوات الإسرائيلية القصف بزعم أن عناصر المقاومة كانوا يستخدمون غرفة داخل مسجد المجمع.
ومع ذلك، فقد تم التشكيك في هذا، حيث تضمنت قائمة الضربات الإسرائيلية اسم طفل يقل عمره عن 12 عاماً.
قالت أنيل شيلين، الباحثة في معهد كوينسي، إن التحقيق الذي أجرته صحيفة هآرتس يكشف كذبة أن الجيش الإسرائيلي هو “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”.
وقالت إن “وسائل الإعلام تنتقد المقاومة بشكل روتيني لاستخدامها الفلسطينيين كدروع بشرية. وهذا ليس صحيحا في الواقع، لأن استخدام الدرع البشري ينطوي على الإكراه، ومجرد وجود المقاومة في غزة لا يعني أنها أجبرت الفلسطينيين على العيش في منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم”.
وتضيف، في مقارنة بين تصرفات القوات الإسرائيلية وتصرفات المقاومة، “على النقيض من ذلك، يوضح هذا التقرير وغيره أن الجيش الإسرائيلي يستخدم الفلسطينيين بشكل روتيني للقيام بأعمال تهدد حياتهم ضد إرادتهم. وهذا ليس جريمة حرب فحسب، بل يتعارض أيضاً مع قواعد القوات الإسرائيلية”.
وتأكيداً على هذه النقطة، تشير شيلين إلى أن “استخدام القوات الإسرائيلية للفلسطينيين كدروع بشرية، على الرغم من انتهاكها لاتفاقيات جنيف فضلاً عن قواعده الخاصة، يثبت فساد منظمة عسكرية لا تزال تحب أن تشير إلى نفسها باعتبارها “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”.
رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، على المخاوف بشأن الهجوم على المدرسة يوم الثلاثاء من قبل أحد المراسلين خلال المؤتمر الصحفي اليومي ، قائلاً إن إسرائيل لديها واجب أخلاقي لتقليل التأثير على المدنيين، مدعياً أن المخاوف تُثار عندما يكون ذلك ضرورياً وأن الردع موجود.
المصدرـ ريسبونسيبل ستاتكرافت