الثورة- ترجمة- ميساء وسوف:
في حين تعمل “إسرائيل” على عزل نفسها بشكل متزايد على الساحة الدولية، تعمل دول مجموعة البريكس، إيران وروسيا والصين، بهدوء على تنسيق الجهود على نطاق واسع لدعم فلسطين دبلوماسياً وعسكرياً.
إن الأغلبية العالمية تدرك تمام الإدراك أن مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في تل أبيب يحاولون قدر استطاعتهم إثارة حرب نهاية العالم، بدعم عسكري أميركي كامل، بالطبع.
إلا أن وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري كني قد أشار مؤخراً إلى أن طهران تحاول جاهدة منع “حلم النظام الإسرائيلي بإشعال فتيل حرب إقليمية شاملة”.
ومن المؤكد أن إيران لن تتدخل في حين تبذل الولايات المتحدة وأعضاء مجموعة الدول السبع قصارى جهدهم للتوصل إلى اتفاق يشبه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لمنع أي رد عسكري خطير من جانب إيران ومحور المقاومة. وإيران لن تدخل أي مفاوضات توفر الغطاء لنتنياهو وحكومته المتطرفة.
وعلى هذا فإن لعبة الانتظار، التي تشكل في واقع الأمر درساً في الغموض الاستراتيجي لزعزعة أعصاب” إسرائيل”، سوف تستمر. فخلف كل هذه الدراما الرخيصة المتمثلة في توسل الغرب الجماعي إلى إيران حتى لا ترد، هناك فراغ حيث لا يتم تقديم أي شيء في المقابل.
والأسوأ من ذلك أن أتباع واشنطن في أوروبا، المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، أصدروا بيانا مستوحى مباشرة من “صف اليأس”، حيث “دعا إيران وحلفاءها إلى الامتناع عن الهجمات التي من شأنها أن تزيد من تصعيد التوترات الإقليمية وتعريض فرصة الاتفاق على وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن للخطر. ولن تستفيد أي دولة أو أمة من المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط”.
ولقد سارعت الدبلوماسية الإيرانية إلى الرد على هذه المحاولات، مؤكدة على “حقها المعترف به” في الدفاع عن السيادة الوطنية وخلق الردع ضد “إسرائيل”، المصدر الحقيقي للإرهاب في غرب آسيا وهي لا تطلب الإذن من أحد” لممارسة هذا الحق.
ولو فرضت واشنطن وقف إطلاق النار في غزة العام الماضي، لكان من الممكن تجنب خطر اندلاع حرب كارثية تهز غرب آسيا.
لكن بدلاً من ذلك، وافقت الولايات المتحدة مؤخراً على حزمة إضافية من الأسلحة بقيمة 20 مليار دولار إلى تل أبيب.
وكانت الاستفزازات الإسرائيلية، وخاصة اغتيال هنية، بمثابة إهانة مباشرة لثلاثة من كبار أعضاء مجموعة البريكس: إيران وروسيا والصين.
وبالتالي، فإن الرد على” إسرائيل” يتطلب صياغة متناسقة للثلاثي، انطلاقاً من الشراكة الاستراتيجية الشاملة المتشابكة.
وفي وقت سابق، تلقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي مكالمة هاتفية حاسمة من القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، أعرب خلالها عن دعمه القوي لجميع جهود طهران لضمان السلام والاستقرار الإقليميين.
كما يشير هذا إلى دعم الصين للرد الإيراني على” إسرائيل”، وخاصة أن اغتيال هنية كان بمثابة صفعة لا تغتفر لجهودها الدبلوماسية الكبيرة، حيث جاء بعد أيام قليلة فقط من توقيع هنية، إلى جانب ممثلين سياسيين فلسطينيين آخرين، على إعلان بكين .
ثم التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في مقر إقامته في نوفو أوغاريوفو في موسكو.
إن موقف موسكو معقد ، فهي تحاول تعزيز العملية السياسية الجديدة في فلسطين باستخدام أدواتها السياسية،
ولكن هناك بعض الجوانب الإيجابية. ففي موسكو، قال عباس : “لقد توصلنا إلى اتفاق شفوي على دعوة فلسطين للمشاركة في إطار صيغة “التواصل الخارجي”، وأعرب عن أمله في أنه يمكن تنظيم صيغة محددة للاجتماع، ويخصص حصرياً لفلسطين، بحيث تتمكن جميع البلدان من التعبير عن آرائها بشأن التطورات التي تجري، وسيكون كل ذلك ذا صلة قدر الإمكان، بالنظر إلى حقيقة أن بلدان هذا التجمع (البريكس) كلها صديقة لفلسطين.
وهذا في حد ذاته انتصار دبلوماسي روسي كبير وذلك لأن فكرة وضع فلسطين بين دول مجموعة البريكس لإجراء مناقشات جادة سوف يكون لها تأثير هائل في مختلف الدول الإسلامية والأغلبية العظمى من دول العالم.
حتى أن اللواء باقري كشف عن حقيقة مجموعة البريكس عندما قال: “إننا نرحب بالتعاون الثلاثي بين إيران وروسيا والصين”. وهكذا تتحد الدول الحضارية في الممارسة العملية لمحاربة روح الحرب الأبدية التي بنيت في أذهان النخبة “الديمقراطية” الغربية.
وبقدر ما تدعم روسيا والصين فلسطين وإيران على عدة مستويات، فمن المحتم أن يتحول تركيز الحروب الأبدية الآن ضدهما جميعاً. فالتصعيد مستشرٍ على نطاق واسع ، في أوكرانيا وفلسطين وسوريا والعراق واليمن، فضلاً عن الثورات الملونة من بنغلاديش إلى جنوب شرق آسيا.
وهذا يقودنا إلى الدراما الرئيسية في طهران: كيف يمكن معايرة الرد بعناية بحيث يجعل” إسرائيل” تشعر بالندم، ولكن دون أن يؤدي إلى جروح نازفة تمتد من إيران إلى روسيا والصين.
المصدر – ذا كريدل