لايجوز أن يعاني المواطن من فجوات في المعروض السلعي المنتج محلياً، وإن حصل نكون أمام خلل في التقديرات أو القرارات، أو الاثنين معاً، لأن التقديرات الخاطئة تفضي إلى قرارات مثلها.
في مشهد الإنتاج الزراعي، من الحقل وصولاً إلى بائع المفرق ثم المستهلك، الكثير من التناقضات والمفاجآت أيضاً، أي انتقال خاطف و مريب من وقائع فورة إنتاج إلى ندرة معروض في الأسواق، وغالباً يكون المتهم التصدير بقرار أو التصدير تهريباً، ويبدأ صراخ المستهلك .. وهو على حق.
زيت الزيتون مثال دقيق على ما سبق، وتستحق هذه المادة أن نفرد لها حيزاً من الاهتمام الرسمي ..اجتماع و اثنين وثلاثة.. وورشات عمل..وبحث ودراسة، للوصول إلى صيغة متوازنة في التعاطي مع هذه “الثروة” الهامة، والمادة الأساسية في اليوميات المعيشية لمواطني هذا البلد عموماً.
لابد من حل وتنظيم دقيق لمواسم زيت الزيتون بما يضمن حقوق الفلاح والمستهلك معاً، وإخراج التجار من المعادلة، لأنهم سبب أزمة سوق هذه المادة التي جعلوها عصيّة على شريحة كبيرة من مواطني هذا البلد، حتى في الأرياف المنتجة.
الإنتاج كبير ..هذا ما نعرفه بالعموم بعيداً عن أرقام وزارة الزراعة التي لم تعد موثوقة كثيراً، إنتاج كبير لكن بعد الموسم بشهرين تختفي المادة وترتفع أسعارها إلى معدلات غير معقولة.
لذا يجب أن تجد الحكومة عبر الوزارات المعنية..الزراعة والتجارة الداخلية والاقتصاد، صيغة لنزع أيدي التجار، وتولي إدارة تسويق زيت الزيتون، الزراعة مع اتحاد الفلاحين، يتفقان، و يقدمان تقديرات قريبة من الواقع للإنتاج، وتقدم “التجارة الداخلية” تقديرات احتياجات الاستهلاك المحلي، وتتولى “الاقتصاد” تصدير الباقي إن كان ثمة باقٍ، فالاحتياجات المحلية لها الأولوية.
وتتولى المؤسسة السورية للتجارة استجرار المنتج من الفلاحين وتسويقه في صالاتها عبر البطاقة الذكية، بعد بلورة معدلات سعرية معقولة منصفة للمنتج والمستهلك معاً.
أما التصدير فله حكايته الخاصة..لن ندخل في الحديث عنها، لكن ربما يكفي أن نعلم بالكميات الهائلة من مادة الزيت المخزنة في مستودعات التجار التي كانت تنتظر استثناءات وتمديد لقرارات السماح بالتصدير، هذه كلها جمعت من حصة المستهلك المحلي وعلى حسابه، و لا ندري مصيرها، هل مازالت في المستودعات أم تم تصديرها تهريباً…؟
نهى علي