ليس كل ما يلمع ذهباً، وليس كل ما لا يلمع ذهباً فالبلاتينيوم اغلى من الذهب ولا يلمع، والتقليد يلمع وبشدة كما الزجاج ولكن لا قيمة له، وعلى هذا الأساس تنفق الكفاءات أيامها في انتظار فرصة قد تأتيها، كما ننفق نحن أيامنا بانتظار تحقق أمنية اختلقتها صفحات التواصل أو خبر طرح خلال سهرة في القهوة، كنوع من المخدر الإرادي لاحتمال قادمات الأيام.
رغم كل النزيف الذي حاق بالكفاءات السورية في مختلف القطاعات بدءاً من الإعلام وصولاً إلى الطب مروراً بكل ما بينهما، إلا أن سورية ما زالت تزخر بكفاءات قل نظيرها، ولكنها مع ذلك لم تجد الفرصة لتضع إمكاناتها في خدمة قطاع ما لتنهض به.
حتى اليوم ورغم كل المعايير تجد نقاطاً غير مبررة ولا تفسر إلا بالمزاجية، فمؤسسة اقتصادية ما ينتهي ندب مديرها ويبقى موجوداً إلى حين بحجة إدارية، وذلك هو استنزاف الكفاءات لأن أحداً لن يغامر بانتظار فرصة قد تأتي وقد لا تأتي في حال كان من يليه مثله، فالكفاءة تنتظر لأن فلان سقط على كرسي الإدارة بالمظلة، في حين أن الكفاءة لا تنطبق عليها المعايير وكأن المعايير تنطبق على ذاك الساقط بالمظلة.
هي ليست مشكلة تتطلب حلاً، وليست معضلة يجب التفكير فيها، بل هي قضية وطن وهي مستقبل أجيال، فمن يوجد في قطاع الآن فإنما يؤسس لما سيتعامل معه العديد من الأجيال خلال السنوات المقبلة، فإن كان غير خبير وليس شخصية استقطابية وفارغاً من مشروع أو خطة قادر على تنفيذها فما الداعي لوجوده أصلاً، أما إن كان موجوداً لمزاجية معينة فلابد من محاسبة من أوجده في المكان لأنه هو سبب خراب القطاع بشكل أساسي وقبل كل شيء وأي أحد.
كلنا سمعنا وقرأنا عن ضعف الأداء، بعضهم أُعفي بعد سنة وبعضهم بعد أشهر وبعضهم بعد سنتين، فهل نضب معين سورية من رجالات العلم والإدارة الذين كانوا قادرين على معرفة ان ضعيف الأداء هذا إنما هو ضعيف الأداء قبل أن يعين في مؤسسة أو إدارة ويمعن فيها فشلاً بضعف أدائه..!!
ببساطة البلد تنزف أبناءها وحتى على وسائل التواصل الاجتماعي وهي ظاهرة مستفحلة في الفترة الأخيرة.. لماذا ليس لأسباب مادية لأن الأسباب المادية اعتدنا عليها منذ عشر سنوات، ولكن لأننا فقدنا العلة فباتت الهجرة بحثاً عن ظروف أفضل.. اللهم إلا إن تم تغيير العقلية.