الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
تمثل العملة الوطنية الصينية حصة متزايدة من المدفوعات الدولية، ويعكس هذا تقدماً مطرداً في تدويل اليوان، مما يساعد على تنويع خيارات الدفع، ويمنح السوق مجالاً أكبر للتكيف مع مخاطر تقلبات الدولار، في وقت يواصل فيه المستثمرون تعزيز الرهانات على أن خفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قادم قريباً.
وأظهرت الأرقام التي أصدرتها منصة المدفوعات الدولية سويفت يوم الخميس الماضي أن حصة اليوان من المدفوعات العالمية ارتفعت إلى 4.74 في المائة في تموز، مما يعني أنها ظلت رابع أكثر العملات نشاطاً في المدفوعات للشهر التاسع على التوالي، وفقاً لتقارير إعلامية. وتضاعفت حصة اليوان العالمية تقريباً منذ تشرين الثاني 2022، عندما شكلت 2.37 في المائة من المدفوعات الدولية.
وكان هناك تدفق ثابت من التطورات الإيجابية لصالح الاستخدام الدولي لليوان، وتظل الأساسيات الاقتصادية للصين سليمة على المدى الطويل، فعلى الرغم من ارتفاع الفارق بين أسعار الفائدة بين الصين والولايات المتحدة، إلا أن سعر صرف اليوان ظل مستقراً بشكل أساسي في ظل ظروف خارجية معقدة.
لقد تعهد المسؤولون الصينيون بتعزيز تدويل اليوان بطريقة ثابتة وحكيمة، مع سياسات تهدف إلى زيادة فتح سوقها المالية أمام اللاعبين الأجانب. كما أن الجهود المبذولة لتعزيز تدويل اليوان وتنويع نظام المدفوعات الدولي من شأنها أن تعمل على تحسين التوازن النقدي الدولي وتساعد في الحفاظ على الاستقرار المالي الإقليمي.
إن الاقتصاد العالمي محفوف بعدم اليقين، فقد انخفض معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 2.9% في تموز الماضي.
ويعتقد الكثيرون أنه إذا استمرت المؤشرات الاقتصادية الأميركية في الظهور على النحو المتوقع، فمن المرجح أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في خفض أسعار الفائدة في أيلول. وإن السياسة النقدية الأميركية تؤثر على العديد من القرارات الاقتصادية والمالية التي يتخذها الناس في الولايات المتحدة، سواء الحصول على قرض أو إيداع المدخرات في أحد البنوك، وهذه القرارات، ككل، سوف تولد تأثيرات جانبية وتؤثر على السوق الدولية.
وإذا غير بنك الاحتياطي الفيدرالي موقفه من السياسة النقدية، فمن المرجح أن يجلب عدم اليقين والتحديات إلى الأسواق الدولية، وعلى هذه الخلفية، تحتاج الاقتصادات الآسيوية إلى تعزيز التعاون.
وينبغي للأسواق المالية أن تكون مستعدة للتقلبات، لأنه وفي ظل حالة عدم اليقين المتزايدة، فإن تنويع نظام الدفع في آسيا، مع تدويل اليوان كجزء مهم، من شأنه أن يساعد في تعزيز استقرار الأسواق المالية الآسيوية وتسويات التجارة.
ونظراً لأن المخاطر المالية الناشئة في الولايات المتحدة على وجه الخصوص أدت إلى تقلبات مفرطة في أسواق العملات وتعطيل تمويل التجارة، فإن تنويع نظام الدفع العالمي على المدى الطويل أمر لا مفر منه. وفي هذه العملية، ينظر بعض الغربيين إلى اتجاه التنويع من خلال عدسة جيوسياسية.
وقالوا إن مكاسب المدفوعات العالمية لليوان من المرجح أن تلقى ترحيباً من الحكومة، التي تحرص على زيادة مكانة العملة الدولية كجزء من حملة أوسع نطاقاً لتقويض هيمنة الدولار الأميركي طويلة الأمد على التمويل العالمي، ويعكس هذا حكماً متحيزاً ومشوهاً بشأن تدويل اليوان.
كان الدولار الأميركي العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، وهو العملة الأكثر استخداماً على نطاق واسع في التجارة الدولية، ولن يتغير هذا الوضع قريباً.
ويعتقد بعض المراقبين أن الاتجاه الحالي نحو إزالة الدولرة سيكون فرصة لارتفاع اليوان، وتضخيم المنافسة بين العملتين بدوافع خفية.
إن جهود الصين لتعزيز الاستخدام الدولي لليوان تستند إلى احتياجات التنمية الاقتصادية الصينية، وهي تتماشى مع الاحتياجات الموضوعية للتنمية الإقليمية والعالمية لاحتواء المخاطر المالية، وتنويع نظام الدفع العالمي، والحفاظ على الاستقرار المالي.
كما أن التزام الصين بالتنمية الاقتصادية عالية الجودة والانفتاح يعزز مكانة العملة العالمية. وإن تدويل اليوان عملية طبيعية مدفوعة بالسوق، ومع استمرار توسع التجارة الخارجية للصين، سيتم استخدام اليوان بشكل أكبر في التجارة الدولية.
ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، أظهرت الولايات المتحدة علامات متزايدة على محاولة تسليح هيمنتها المالية كأداة مساومة في الألعاب الجيوسياسية.
وهذا أمر مؤسف سيؤدي حتماً إلى تسريع عملية إزالة الدولرة العالمية وزيادة الوعي بالحاجة إلى تنويع أنظمة الدفع العالمية.
ليست الصين أو أي دولة أخرى بل إن الولايات المتحدة نفسها هي التي تسهل الدفع نحو إزالة الدولرة العالمية والتي كلما استخدمت هيمنتها المالية كسلاح، زاد قلق المجتمع الدولي.
المصدر- غلوبال تايمز