الملحق الثقافي-غسان شمة:
بعيداً عن طريقة استخدم الكتاب، التي أثارت جدلاً واسعاً عبر وجهات نظر يمتلك كل منها مشروعية النقاش، وربما قريباً منها، باعتبارها الدافع لهذا الجدل في بعديه الفكري والمادي خاصة لطبقة ينصب اهتمامها الأساس على الكتاب كونه رافعة قيمية وأخلاقية للوجود الإنساني في عمقه المشتهى دون أن يبتعد كثيراً عن واقع «السراب» في مسيرة الواقع بتفاصيله التي تُصدر الكثير من السطحية والغثاثة إلى الواجهة..
حقيقة هذه «الإثارة» تدفعنا لاستعادة سؤال لا ينفك يطرحه المهتمون، وعبر أجيال مختلفة وعقود متتالية، حول دور الكتاب وأهميته، وموقعه الحقيقي في المنظومة القيمية للأفراد والمجتمعات عبر تاريخ طويل من الجدل حول دور المعرفة والثقافة في الحياة، وتالياً دور الكتاب باعتباره منجزاً فكرياً و»تجارياً» في سياق تراكم تاريخي كان سؤاله المستمر يتمحور حول تقدير الكتاب في المجتمعات التاريخية..
من حيث المبدأ لا نختلف، في تقديرنا، على تلك الأهمية في بناء الحضارة البشرية، فالكتاب يمثل حجر الأساس، تاريخياً، في بناء المعرفة الضرورية لذلك عبر مخاطبة العقل وتوظيف إمكانياته للوصول إلى مرحلة تحتفي بالإنسان بوصفه القيمة الأسمى في الوجود ومغزاه أيضاً.. ولكن هل تحول هذا الحلم إلى وقائع حقيقية عبر هذه المسيرة الموغلة في القدم لاكتشاف الإنسان لأهمية المعرفة أم كان الواقع يمضي في دروب أخرى تصنع حاضرها بطريقة أخرى جارفة الأحلام والأوهام خلال شقها لدروبها بالآلام والحروب وغيرها؟
لا شك أن التاريخ شهد حالات وأمم قدرت الكتاب، بالمعنى الحرفي والمجازي، حق قدره ومنحت صناع الثقافة والمعرفة ما يستحقون لكن ما نسبة ذلك؟ وما نسبة الذي تعرضوا لأشكال واسعة من الاضطهاد من العلماء وأصحاب الرؤى المعرفية؟ وهل انحصر الكتاب ضمن فئات ومستويات معينة أم كان حضوره واسعاً داخل المجتمعات؟
لا تبغي هذه الأسئلة التقليل من أهمية الكتاب، كقيمة جليلة، بأي شكل لكن مجرد إشارة إلى أن الحلم كان في واد والواقع على خلافه في كثير من الأوقات.. وما سبق لا يعدو أن يكون أكثر من توصيف سريع ولا يفي، لكنه مجرد إشارة لافتراق مثير، يدفعه عقل تجاري ما، في لحظة مأزومة بكل المستويات، ليكون هذا النمط من التعبير الإعلاني تعبيراً «مباشراً وفظاً» عن إفراز واقعي، مؤسف في محتواه ومآلاته..!!
العدد 1202 – 27 -8-2024