الثورة – حلب – جهاد اصطيف وحسن العجيلي:
حكايا الأجداد وقصص الحضارة على مر التاريخ سمعها ضيوف حلب وأبناؤها وهم يسيرون في أسواق المدينة التي تستعيد ألقها التاريخي وتستمر بكتابة أبجدية الحضارة والأصالة التي تتميز بها حلب وتواصل أسواقها حمل لواء تفردها الاقتصادي الذي تميزت به كأطول سوق تجاري مسقوف في العالم.
حلب شهدت مجدداً عودة ٤ أسواق جديدة بعد ترميمها وهي سوق الأحمدية وسوق الحدادين وسوق الحبال وسوق السقطية الشرقي، مع استمرار ترميم وتأهيل باقي الأسواق ليعود الألق إليها.وخلال حضوره افتتاح الأسواق قال ممثل السيد الرئيس بشار الأسد- أمين عام رئاسة الجمهورية منصور عزام: إن العمل بترميم أسواق حلب القديمة تم بجهود أبناء حلب والأمانة السورية للتنمية ودعم من رئاسة الجمهورية، مضيفاً أن العامل الأهم في ترميم الأسواق وعودتها للحياة صمود أبناء حلب ومشاركتهم في الترميم والأهم أهالي الأسواق وإرادتهم التي غيرت حال الأسواق من أسواق مدمرة إلى أسواق تضج بالحياة.
بدورها وزير الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أكدت أن السيد الرئيس بشار الأسد أعطى عناية فائقة لهذه الأسواق، مشيرة إلى جهود كل الجهات التي عملت ليل نهار ورممت ودعمت العمل لإعادة الحياة لهذه الأسواق الجميلة التي يحكي التاريخ عنها ولها بصمتها الاقتصادية على مستوى المنطقة كلها كتجارة وصناعة وحرف.
وبينما كنا نجول في ميادين المدينة القديمة، التقينا السبعيني الحاج ربيع شوا، بلباقته وحسن ضيافته، من سوق الحدادين، وفي نفسه حديث يطول ليبوح قائلاً: أسواق حلب القديمة، صور جميلة، وذكريات رائعة، عشت فيها طفولتي وبلغت ذروة شبابي، عندما أجول في ميادينها أشعر بالغبطة والدهشة والمتعة، وذكريات وقصص الزوار والسياح: وأضاف: لمدينة حلب مكانة تجارية مهمة، فقد كانت عبر التاريخ وجهة القوافل التجارية من دول العالم، وكانت مقصد من يملك رأس المال ويريد توظيفه في التجارة والصناعة، ومن يبحث عن عمل يكسب فيه لقمة العيش، وتميز تجار مدينة حلب بالصدق في العمل، وإتقان تقاليد البيع والشراء واعتدال الأسعار والتقيد بالمعايير التجارية، داعياً التجار إلى عودتهم الميمونة للمدينة القديمة بعد تأهيل أسواقها، وترك المحال الجديدة التي اشتروها أو استأجروها بالأحياء الجديدة.
فيما عبر الحاج جمال حبال من سوق الحبال بالقول: تُعَد أسواق حلب الأولى في جميع أنحاء العالم من حيث كبرها، وسعتها، وتعدد الفعاليات الاقتصادية التي تمارس فيها، وهي من أجمل أسواق الشرق العربي والإسلامي، وكون أسواقها تتلاصق مع بعضها البعض، وسوق الحبال معروف على مدى السنين بأهميته بين التجار والزوار على حد سواء، اليوم فرحتنا لا توصف ولا يمكن أن نعطيها لأحد، لأننا عدنا إلى سوقنا، إلى محلنا في مدينتنا القديمة بحلب.
الحرفي عمر رواس – رتي السجاد، من سوق السقطية ٢، أشار إلى أن المدينة القديمة تعد من أطول الأسواق القديمة المغطاة في العالم، وإن ما كان يباع في أسواق العالم في شهر كامل، كان يباع في أسواق حلب القديمة في يوم واحد، فأسواق حلب القديمة تجذب الزوار بعبق الزعتر وصابون الغار وروائح العطور كل هذه الأمور جعلت أسواق مدينة حلب جزءاً من التراث الحلبي، الذي يحمل عبق الماضي وأصالة الحضارة السورية وعراقتها.
ولفت رواس إلى أن هذه الأسواق تحمل أسماء ىوفقاً للحرفة المتداولة فيها أو ما يختص به السوق من البضاعة مثل: سوق السقطية، سوق الحبال، سوق الحدادين، سوق الأحمدية، التي افتتحت اليوم، يقصدها الزوار، والسياح، والتجار، والمتسوقون من الأرياف والمحافظات السورية.
وعلى جانب آخر، وفي محطة أخرى من أسواق حلب القديمة،استقبلتنا غنوة عاشور – أعمال يدوية وقالت: صحيح أنا جديدة في ميدان العمل، وآلمني ما تعرّضت له من تخريب وتدمير منذ مطلع عام 2012 على يد العصابات الإرهابية المسلحة، ما أدى إلى تخريبها وتدمير المحال فيها، وسلب ونهب الممتلكات والمحتويات، وأصبحت ساحة مواجهة، وتوقف العمل فيها حتى نهاية عام 2016، موعد فك الحصار وإعلان انتصار حلب على الإرهاب، بفضل صمود أبطال الجيش العربي السوري، ووعي أهالي حلب الشرفاء، إلا أن لذلك كله ولد لدينا الأمل من رَحِم الأَلم، وبدأنا نُلَملِم جراحنا وبتعاون أصحاب المحال فيما بينهم وبرعاية الجهات المعنية وإشرافها، انطلقت عملية إعادة الترميم والتأهيل وانتهى قسم منها، وعادت تنبض بالحياة أحلى وأجمل مما كانت في سابق عهدها.
وأكدت أن العمل لا يزال مستمراً لترميم الأسواق وتأهيلها، أما عن حركة التسوق والبيع والشراء قالت إنها ضعيفة وليست على مستوى طموحنا وتطلعاتنا، نتابع المشوار ونسابق الزمن لتنشيط الحركة التجارية فيها، إرادتنا اليوم أقوى وبأسنا أشد كي تستمر الحياة، وتبقى أسواق حلب القديمة تلبي حاجة المتسوقين والزائرين، تزهو وتزدهر حلب بأهلها الشرفاء المخلصين وتعود هذه
الأسواق إلى ألقها واستعادة مجدها، أفضل وأجمل مما كانت عليه في سابق عهدها.
وفي سياق متصل وانطلاقاً من أهمية مدينة حلب القديمة كأحد أهم مواقع التراث العالمي المسجلة على قوائم اليونيسكو، تم إطلاق منارة حلب القديمة وتفعيلها بكامل مكوناتها رسمياً.
تصوير – خالد صابوني