أبي وقانون العقوبات

عاش أبي تسعين عاماً، كانت من التعب والشقاء والعمل، كما كل أبناء جيله، لم يترك مكاناً من أرضنا يمكن أن يكون فيه حبات تراب صالحة للزراعة إلا وعمل على استصلاحها بيديه، ومن يزر الساحل السوري ولاسيما القرى ويتمعن فيما أنجزه أولئك الرجال الجبابرة، فلن يستغرب أو يسأل كيف بنى الفراعنة الإهرامات، وكيف رفعوا أطناناً من الحجارة، ولتغدو معالم  لا تحول ولا تزول.
في القرى الساحلية وأظن ذلك في معظم القرى الريفية السورية ذات التضاريس الجغرافية الوعرة، ستجد إهرامات بالطول وليس بالارتفاع وتتساءل: من أين استمد هؤلاء القوة والعزيمة، كيف بنوا سلاسل من الحجارة، ربما يفوق طولها في بعض القرى طول سور الصين العظيم، الذي ظل الصينيون يبنون فيه قرناً من الزمن.
هؤلاءالرجال، لم يكونوا من عزيمة وإرادة صلبة فقط، إنما كانوا  من قيم وندى ومحبة وتفان  وقدرة على اجتراح ألوان الحياة، غير مسموح أن يخطئ أحد ما، وإذا ما حدث فالأمر يستوجب العقوبة، لم تكن تسمع بسرقة أبداً، هل كان أحد ما يأتي متسللاً ليفك رباط بقرة أو ماعز، أو يقطف ثمار شجرة ليست له؟
أبداً لم يكن يحدث ذلك، لأن التربية تبدأ من البيت، يتابع الأهل الأبناء على الرغم من كل أثقال وأعباء العمل، والحصيلة مساء تكون في سرد ما جرى، من أخطأ من الأبناء يعاقب والعقوبة حسب الجرم، أذكر أن أبي في ليالي الصيف كان يحضر لنا من الكرم مساء العنب والتين بعد العشاء المتميز باذنجان أو بطاطا طهيا على نار التنور، نتناول ما لذ وطاب.
وبعد أن ننتهي تبدأ جلسة سرد ما جرى وما سمع الأهل عنا، وكثيراً ما كنت أنال نصيبي من لسعات قضيب التوت المخبأ وراء ( العنبر)، ولكن بعد أن أكون قد تناولت عشائي، يسرد أبي علي ما ارتكبته من أذى أوخطأ  بحق أحد ما، كأن أكون تركت بقراتنا تقطف وهي عائدة من المرعى رؤوس الذرة قرب الطريق، لأني أضرمت النار بشجرة (الشوشاف اليابسة) ولمن لا يعرفها هي شجيرة صغيرة اسمها الفصيح نبات السنط، سريع الاشتعال أخضر أو يابساً.
أو لأني تشاجرت مع أحدهم وشتمته، صحيح أن السفاهة أمر مرفوض ومنبوذ، ولكنها أقل  أذى من سرقة لقمة العيش، أقل سوءاً ممن يكدس المال في حزائن لا يعرف أين يضعها، وبعد أن يصاب بالترف والشبع بعد وجبات العشاء الدائمة يتم إعفاؤه لينعم بما (لهط)، رحم الله أبي لماذا لم يكن يفعل كما تجري الأمور هذه الأيام، ماذا لو تركنا ننعم بعشائنا بعد ما فعلناه؟

آخر الأخبار
سوريا تستقبل العالم بحدث مميز تفاقم الانتهاكات ضد الأطفال عام 2024 أكثرها في فلسطين جناح وزارة المالية ..رؤية جديدة نحو التحول الرقمي خطوط جديدة للصرف الصحي في اللاذقية  رغيف بجودة أفضل.. تأهيل الأفران والمطاحن في منبج معرض دمشق الدولي.. الاقتصاد في خدمة السياسة قافلة مساعدات إغاثية جديدة تدخل إلى السويداء "دمشق الدولي".. منصة لتشبيك العلاقات الاقتصادية مع العالم رفع العقوبات وتفعيل "سويفت ".. بوابة لانتعاش الاقتصاد وجذب الثقة والاستثمارات سوريا تستعد لحدث غير مسبوق في تاريخها.. والأوساط الإعلامية والسياسية تتابعه باهتمام شديد سوريا تحتفي بمنتجاتها وتعيد بناء اقتصادها الوطني القطاع الخاص على مساحة واسعة في "دمشق الدولي" مزارعو الخضار الباكورية في جبلة يستغيثون مسح ميداني لتقييم الخدمات الصحية في القنيطرة معرض دمشق الدولي.. انطلاقة وطنية بعد التحرير وتنظيم رقمي للدخول برنامج الأغذية العالمي: المساعدات المقدمة لغزة لا تزال "قطرة في محيط" "المعارض".. أحد أهم ملامح الترويج والعرض وإظهار قدرات الدولة العقول الذهبية الخارقة.. رحلة تنمية الذكاء وتعزيز الثقة للأطفال وصول أول باخرة من أميركا الجنوبية وأوروبا إلى مرفأ طرطوس شهرة واسعة..الراحة الحورانية.. تراث شعبي ونكهات ومكونات جديدة