الاحتلال الإسرائيلي.. وتعدد جبهات المقاومة

نضال بركات:
مع اقتراب عملية طوفان الأقصى من عامها الأول فإن العملية البطولية في معبر الكرامة التي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي وأدت إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين أكدت أن “إسرائيل” لن تكون بأمان طالما أن القضية الفلسطينية لم تُحل، ومحيط هذا الكيان سيبقى معادياً له رغم أبشع الجرائم التي يقوم بها لإبادة وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وهذا ما لا يستطيع تحقيقه بعد أن اتسعت جبهات القتال ضده.
عملية معبر الكرامة كسرت الحصار المفروض على الضفة الغربية وأقلقت الكيان الذي يشترك بحدود هي الأطول مع الأردن وخشيته تحولها إلى عمليات أكبر من عملية الشهيد الجازي التي حركت مشاعر الأردنيين جميعهم، إذ إن المظاهرات التي شهدها الأردن احتفاءً بالعملية زادت من غضب الإسرائيليين الذين لم يتوقعوا حدوثها، ولفت المستشرق في صحيفة (هآرتس) العبريّة، د. تسفي بارئيل، إلى أنّ ما يقُضّ مضاجع صُنّاع القرار أنّ المنفّذ ليس من أصولٍ فلسطينيّةٍ، بل ينتمي إلى إحدى العشائر الأردنيّة، الأمر الذي يزيد الطين بلّةً، على حدّ وصفه، وقال بارئيل “حتى اللحظة ليس واضحاً فيما إذا كان انتساب منفّذ العملية لإحدى العشائر الكبيرة في الأردن هو الذي دفعه للقيام بالعملية”.
أما شالوم بن حنان، وهو مسؤولٌ إسرائيليٌّ سابقٌ ورفيعٌ، كان يخدم في منصب رفيعٍ في جهاز الأمن العام (شاباك) فقد قال للقناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّ إسرائيل لن تُسامِح الأردن على ما أسماها بالعملية التخريبيّة، مُضيفاً: “أنّه يتحتّم على قادة هذا البلد العربيّ أنْ يزحفوا على أربعةٍ أمام (إسرائيل) ويُطالبون بالعفو عنهم”، طبقاً لأقواله.
وزير الأمن الإسرائيليّ، يوآف غالانت، قال: سنزيد إجراءاتنا في الضفة في مواجهة محاولات إيران نشر الإرهاب نحو حدودنا حسب قوله، علماً أنّ الحدود الأردنيّة ، هي الحدود الأطول للكيان، وتزعم “إسرائيل” أنّ تهريب الأسلحة من الأردن إلى الضفّة الغربيّة المُحتلّة، بات مشكلةً عويصةً، لأنّ هذه الأسلحة تصِل إلى التنظيمات الفلسطينيّة وضبط هذه الأسلحة باتت مهمة شبه مستحيلة.

هذه العملية وتدفق الأسلحة إلى المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية تدل على عمق المأزق الإسرائيلي وتؤكد دعم الأردنيين للمقاومة في غزة والضفة إلى جانب جبهات الإسناد في لبنان والعراق واليمن، وتعدد جبهات القتال هذه لم تكن منذ قيام الكيان قبل ستة وسبعين عاماً وبالتالي فإن المقاومة في الضفة هي نتيجة قوة عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في السابع من أكتوبر العام الماضي وأكدت أنه بالإمكان إلحاق الهزيمة بهذا الكيان ومقولة جيشه الذي لا يقهر ليست سوى أكذوبة كبرى وما قامت به المقاومة منذ ما يقارب العام أكد هذه الأكذوبة، ولكن هذا الاحتلال الذي يرتكب المجازر اليومية لم يكن ليتمادى في جرائمه دون الدعم الأمريكي اللامحدود وصمت دولي وتواطؤ أطراف دولية وإقليمية مع هذا الكيان المجرم وقبل ذلك كله ما تقوم به بعض الدول العربية من تطبيع مع الكيان.
بعد الخسارة التي مني بها الاحتلال في عملية طوفان الأقصى ليس غريباً على قادته التصعيد لإحداث ثغرة يمكن أن يحقق النصر من خلالها وهو ما يسعى له نتنياهو عبر تهديداته حفاظاً على مصالحه السياسية التي يسعى من خلالها إلى إطالة أمد الحرب إلى حين الانتخابات الأمريكية في الخامس من نوفمبر المقبل ويقينه بفوز صديقه ترامب الذي سينقذه من مأزقه، ولم يكن إعلان جيش الاحتلال بأنه يستعد للتحرك هجومياً في الداخل اللبناني إذا استدعت الحاجة إلا بعد تهديدات نتنياهو وتعليماته للجيش بتغيير الوضع في الشمال على الحدود مع لبنان”وهو ما أشار إليه مصدر أمني إسرائيلي للقناة 12 الإسرائيلية بأن الوضع في الشمال يقترب من الانفجار وقال: أمامنا خياران إما التوصل لاتفاق في غزة أو انهيار المفاوضات وحرب ضد حزب الله، أما رئيس بلدية (كريات شمونة) فقد قال: إنّ حكومتنا هدّدّت بإعادة لبنان للعصر الحجريّ، ولكن عملياً نحن الذين عُدنا للعصر الحجريّ .
وخشية انفجار الوضع في المنطقة كانت الزيارة العاجلة التي قام بها رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال سي كيو براون، إلى الكيان التقى خلالها مع  وزير الحرب الإسرائيلي ورئيس أركان جيش الاحتلال، وقال الجنرال الأميركي لصحيفة «فايننشال تايمز» إنه يفكّر في ما «إذا تعثّرت المحادثات أو توقفت تماماً، وكيف سيؤثّر ذلك على التوتر في المنطقة، والأمور التي يتعيّن علينا القيام بها للاستعداد». وأوضح أنه يدرس كيفية استجابة الفاعلين الإقليميين إذا فشلت المحادثات، «وما إذا كانوا سيزيدون من نشاطاتهم العسكرية، الأمر الذي قد يؤدّي إلى مسار من سوء التقدير ويتسبّب في اتساع الصراع».

تصريحات الجنرال الأميركي، إضافة إلى ما نقلته «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصدر أمني بأن «عدم إبرام صفقة سيؤدي إلى حرب في الشمال لن تكون على الشكل الذي نريده»، وهو ما تخشاه واشنطن في حال انفجر الوضع لأن المعركة ستتوسع وتشترك فيها جميع جبهات الإسناد ليزيد ذلك المأزق ليس على “إسرائيل” وإنما الولايات المتحدة التي ستتضرر مصالحها في المنطقة بأسرها والمعركة  إن وقعت ستختلف عن جميع المعارك السابقة فهل سيتحمل الكيان وداعموه هذه الخسائر؟
بالتأكيد لن يتحملوا الخسائر في ظل الوضع الإسرائيلي الداخلي المتهالك والجيش المنهك، وهذا ما أكده غاي أفياد، الباحث في شؤون «حماس» والضابط الإسرائيلي السابق لـ«وول ستريت» فقال: إن الجيش اليوم منهك، في نهاية المطاف لدينا مجموعة محدودة للغاية من جنود الاحتياط الذين يحملون ثقل القتال فكيف يمكن لهذا الجيش المنهك أن يقاتل رجال المقاومة على جبهات القتال المتعددة دفاعا عن أرضهم وحقهم المغتصب.
لم تكن عملية معبر الكرامة إلا تأكيداً على ضرورة مواجهة الاحتلال وهو ما أكدته قبيلة الحويطات الأردنية، التي ينتمي إليها الشهيد وقالت إن العملية كانت رداً طبيعياً على جرائم الاحتلال المتواصلة ضد الفلسطينيين، وبالتالي فإن توسيع جبهات القتال ضد الكيان الغاصب يزيد من قلق الصهاينة الذين لن تفيدهم كافة الاتفاقات التي وقعت من كامب ديفيد إلى أوسلو ووادي عربة والتي كانوا يعولون عليها لحماية كيانهم بينما عمد قادة الكيان إلى اعتبار هذه الاتفاقات خطوة نحو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم ولكن طوفان الأقصى أفشل مخططاتهم، وبالنتيجة فإن الوضع السلبي هو السائد حالياً دون أي أفق لإنهاء حمام الدم، بينما فرص التصعيد تتقدم على فرص التهدئة خاصة مع حالة الستاتيكو السياسي في الولايات المتحدة لانغماس المسؤولين فيها في التحضير للانتخابات الرئاسية.. فهل يمكن لهذه الحرب أن تطول إلى ما بعد الانتخابات؟
بالفعل فإن الحرب ستطول ولا يوجد في الأفق أي أمل لوقفها وهو ما يريده نتنياهو إلى حين وصول الرئيس الأمريكي الجديد للبيت الأبيض، ولكن الأهم من ذلك كله هو قوة المقاومة وجبهات الإسناد وانعكاس طوفان الأقصى طوفاناً عالمياً ضد الكيان وداعميه.

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم