الثورة – ترجمة رشا غانم:
منذ ثماني سنوات، قضى باراك أوباما عدة أيام في فترة ولايته في مدينة لاوس، مستمتعاً بمنظر الغروب وزيارة الأماكن المقدسة هناك وحضر القمة آنذاك، ولكن عندما سيجتمع قادة آسيا مرة أخرى في مدينة لاوس في الحادي عشر من شهر تشرين الأول لهذا العام، فإن الرئيس الأمريكي-جو بايدن- لن يكون حاضراً، فهو سيفوت قمة شرق آسيا، الاجتماع السنوي لـ18دولة، للعام التالي على التوالي، وسيكون وزير خارجيته -أنتوني بلنكن- حاضراً بالنيابة عنه.
مثل الوعد بانضمام الرئيس الأمريكي السابق -أوباما- لقمة شرق آسيا من كل عام، الجزء الأساسي والأهم من استراتيجية وسياسة أوباما الجديدة تجاه آسيا، وباستضافة طاقم دوري من قادة جنوب شرق آسيا، تمنح القمة سياسيي المنطقة الفرصة لتشكيل أجندة وإخبار الرئيس الأمريكي عن رأيهم بسياساته، فهي تجسيد لفكرة مزعومة بأن أمريكا ستنصت إلى الدول الصغيرة.
إن فك ارتباط أمريكا بأكبر مؤسسة متعددة الأطراف في آسيا هو خسارة لها، ولكنها أيضاً تعمدت الموقف، حيث توقفت إدارة بايدن في الغالب عن محاولة إقناع المنطقة بموقفها من الصين في متاجر الحديث مثل قمة شرق آسيا، وبدلاً من ذلك، تركز على العمل مع الدول التي تشارك وجهة نظرها بالفعل، مثل أستراليا والهند واليابان، والتي تشكل مع أمريكا المجموعة الأمنية الرباعية، والذي استضاف بايدن قادتهم في منزله الشهر الماضي.
ولكن جنوب شرق آسيا لا يزال في القلب الجغرافي والاقتصادي للمنافسة بين أمريكا والصين، لذا فإن تجاهلها ينطوي على مخاطر، فلأول مرة هذا العام، وجد استطلاع سنوي للسياسيين، بأنه إذا أُجبر المواطنون على الانحياز إلى أمريكا أو الصين، فإن نخب جنوب شرق آسيا ستختار الصين، فإلى جانب الدبلوماسية، هناك ثلاثة أسباب لذلك.
أولاً، فإن الحمائية الأمريكية والسياسة الصناعية تنفران جنوب شرق آسيا، فلا توفر أمريكا وصولاً جديداً إلى سوقها في اتفاقيات التجارة الحرة، حيث تقلب التعريفات أنماط التجارة الراسخة، وتؤدي إجراءات “رفع الخطر” إلى ارتفاع التكاليف حيث تنقسم سلاسل التوريد إلى قسمين.
وثانياً، بدأ سكان جنوب شرق آسيا في التساؤل عما إذا كانت السياسة الأمريكية بشأن تايوان تزيد من مخاطر الصراع، فهي دائماً تستفز الصين بشأن الجزيرة، فقد أثارت زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة، لتايوان في عام 2022، التوترات بطرق وجدتها دول جنوب شرق آسيا خطيرة.
وبدوره، قال مايك بومبيو-الذي كان وزيراً للخارجية في عهد دونالد ترامب:” إن أمريكا يجب أن تدعم استقلال تايوان، وإذا عاد ترامب إلى الحكومة، فسيقلق المسؤولون الآسيويون أكثر”.
وثالثاً والأهم، دعم أمريكا للكيان الإسرائيلي، حيث يرى الكثيرون ازدواجية في المعايير بين إدانة أمريكا لما تدعيه من اضطهاد الصين للأويغور ودعمها، بالمقابل، لحملة قصف الكيان الإسرائيلي في غزة، فلقد أصبح بايدن غير محبوب للغاية بين الماليزيين لدرجة أن زعيمها، أنور إبراهيم، يشعر بالارتياح لأن الرئيس الأمريكي يتخطى القمة في لاوس.
المصدر – ذا إيكونومست