رئيس فرع الإعلام في الإدارة السياسية لـ”الثورة”: حرب تشرين رسخت ثقافة النصر.. وأعادت تصويب حركة التاريخ
الثورة – حوار غصون سليمان:
في حديث الشجاعة والمآثر الكبرى يكاد يحار المرء من أين يبدأ وهو يقرع أبواب وعتبات فصول السادس من تشرين الأول عام ١٩٧٣ حيث تبدأ الحكايات ولا تنتهي بما فيها من قصص الكبرياء وبطولات الشرف وروايات المجد المعطرة بأنفاس العنفوان التي كتبت بدماء أبناء قواتنا المسلحة. ففي صيحتهم المجلجلة أطلق السوريون وأحرار العرب لذاكرتهم أن تعيد فتح سجلات العز والفخار على مصراعيها لتنهل ما تبارك فيها من تضحيات وصمود وكبرياء لوقائع وساعات وتاريخ فاصل بدقته، غير معالم المعركة ورياح أهدافها لصالح القضية العربية.
كيف لا ومنارات حرب تشرين التحريرية تعيد ثوابتها الأولى على كل الجبهات ومنصات الحضور ، صفحات الزمن المتجدد في روزنامة الانتصار المحقق بعيون وسواعد بواسل الجيش العربي السوري الأبي الذي يضخ ماء الحياة في شرايين الكرامة العربية هذه الأيام، رغم تداعيات الحرب الإرهابية والظروف الصعبة التي أرخت بظلالها الثقيلة على جميع المستويات.
هو الجيش العربي السوري المفدى، صاحب الإرث الوطني الكبير ..
هو تشرين الذي زرع في كل نفس غرسة أمل صانتها إرادة المقاتلين وعزيمتهم .. فما زال ارتجاج أديم الأرض يتحدث عن وقع خطوات أقدام الجيش العربي السوري بتشكيلاته المختلفة يوم خاض وما زال أعتى المعارك وأشرسها، ضد عدو غاصب متوحش متجبر بدعم غربي لا حدود له.
وإذا ما تنقلنا في رياض الذكرى الحادية والخمسين لحرب تشرين التحريرية الغالية على قلوبنا جميعاً لنضيء بعين الواثق الأمين، الرابض على الزناد الذي لم تثنه ورفاق الدرب والسلاح آلة العدو المتوحشة، كان اللقاء غنيا مع سيادة العميد غالب جازية رئيس فرع الإعلام في الإدارة السياسية الذي أثرى بحديثه نبض تشرين بمدلولاته المختلفة، وهو يتحدث بعظمة اللغة وبيان الصورة ورفعة الأدب وروح الثقافة عن أروع ملاحم الدفاع عن الوطن.
*بداية اسمح لي سيادة العميد أن نعايدكم ونبارك لكم ولجيشنا أمجاد وانتصارات حرب تشرين التحريرية في ذكراها الحادية والخمسين.
بداية نرحب بكم أجمل ترحيب في الإدارة السياسية وكل عام وأنتم وقواتنا المسلحة الباسلة حماة العرض والشرف والكرامة وشعبنا الصامد الأبي ورمز عزتنا وشموخنا السيد الرئيس الفريق بشار الأسد بألف ألف خير..
الرحمة لشهدائنا الأبرار.. والصبر والسلوان لأسرهم الكريمة, والشفاء العاجل لجرحى قواتنا المسلحة الذين بذلوا دماءهم الطاهرة فداءً لقدسية ترابه، ولرجال قواتنا المسلحة الباسلة صناع النصر ومصدر كل عزة وفخار.
إنجازات الميدان
* سيادة العميد بفضل عقيدته الراسخة وإيمانه بحتمية النصر على الأعداء، أثبت الجيش العربي السوري قدرته على الصمود والانتصار، ومن تشرين التحرير إلى اليوم حقق وما يزال يحقق إنجازات كبيرة في الميدان أذهلت العالم، حبذا لو تحدثنا عن دلالات هذه الانتصارات؟.
تشرين التحرير ملحمة بطولية في وجدان كل مواطن سوري
تشرين التحرير ملحمة بطولية في وجدان كل مواطن سوري.. كتبها رجال الجيش العربي السوري بدمائهم لتجسد إرادة الشعب الرافض لكل صور الذلة والانكسار, والمتيقن من امتلاك القدرة على اجتراح المعجزات, واستبدال ثقافة الهزيمة بثقافة الانتصار, وهكذا جاءت حرب تشرين التحريرية وبعدها حرب الاستنزاف لترسخ في ذاكرتنا أهم المعارك التي أعادت تصويب حركة التاريخ، وغدت أنموذجاً وطنياً لتربية جيل مؤمن بعدالة قضيته، قادر على صنع المستقبل المنشود، وقد جسدت قواتنا المسلحة الأنموذج الأمثل للبذل والعطاء، وسطرت أروع ملاحم البطولة في مقارعة العدوان, فكانت حاضرة في كل ساح، ورمزاً للصمود والمقاومة والانتصار, حيث عززت النجاحات العسكرية والإنجازات التي حققتها سورية ضد التنظيمات الإرهابية النهج الممانع لسياسات الدول التي تسعى لبسط الهيمنة وكسر إرادة الشعوب التي ترفض الخضوع لإملاءاتها.
سورية أثبتت للعالم قدرتها على تحقيق النصر مهما بلغت التضحيات
ويتابع سيادة العميد بقوله: نعم.. تعيش سورية اليوم أمجاد حرب تشرين التحريرية مثبتة للعالم أجمع قدرتها على تحقيق النصر مهما بلغت التضحيات, فسورية التي انتصرت في تشرين ١٩٧٣ بعزيمة شعبها وإرادته وبإيمان جيشها وتضحياته بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد طيب الله ثراه.. قد خلقت نهجاً جديداً للدفاع والتصدي لشتى أنواع المؤامرات والمخططات الاستعمارية والاحتلالية عماده الجيش العربي السوري بعقيدته الراسخة التي استطاع بفضلها قلب الموازين وهزيمة المشاريع الاستعمارية في المنطقة.
لقد أذهل جيشنا الباسل العالم عندما استعاد زمام المبادرة, وانطلقت جحافله تدك تحصينات العدو الصهيوني التي توهم أنها لن تنكسر، لكن جيشنا الباسل خاض هذه الحرب في أشرس صورها، رغم الدعم الغربي لجيش الكيان الصهيوني، وحقق الانتصار على الغطرسة الإمبريالية والاستهتار الغربي بالحق العربي، لقد انتصر في زمن الخنوع والارتهان، وحطم مزاعم التفوق الصهيوني بفضل عقيدته الراسخة وإيمانه العميق وإرادته المقاومة.
تلاحم الجيش والشعب
وأضاف: لقد فاجأت حرب تشرين التحريرية العدو ورعاته وأتباعه, وقلبت الطاولة على المخطط الصهيو- أمريكي، وأرست النهج المقاوم للمشاريع الاستعمارية، في صورة جسدت تلاحم الشعب والجيش والقيادة لخوض معارك التحرير وتحطيم صلف العدو الصهيوني وغطرسته المدعومة من الغرب الاستعماري الذي أسقط في يده وهو يرى بأم العين كيف تتفولذ العزائم وتتبلور إرادة الشعب السوري المتمسّك بأرضه والمؤمن بقضيته والمتفهم لحقيقة المخططات المعادية, والمصمم على تحرير أرضه رغم أنوف المعتدين.
واليوم يعيد الجيش العربي السوري للأذهان أمجاد تشرين عبر الانتصارات التي يحققها على الإرهاب وداعميه في سبيل الحفاظ على سيادة الوطن وكرامة الإنسان وصون تاريخه وحضارته..
إسقاط الأهداف العدوانية
*سيادة العميد، ما هي مقومات العقيدة الراسخة للجيش العربي السوري التي استطاع بفضلها قلب الموازين وهزيمة المشاريع الاستعمارية في المنطقة؟.
** لا ينكر منصف في العالم أهمية التضحيات التي قدمها رجال الجيش العربي السوري في مواجهة هذه الحرب الشرسة التي فرضت على الدولة السورية، وقد استطاعت قواتنا المسلحة الباسلة إسقاط الأهداف العدوانية لهذه الحرب المدمرة، وكعادته خاض جيشنا الباسل هذه الحرب في أشرس صورها، ومنع عشرات الآلاف من الإرهابيين العابرين للحدود من تحقيق أهداف أسيادهم ومشغليهم، ومن الجدير بالذكر هنا الإشارة إلى التضليل الإعلامي الذي استخدم في هذه الحرب حيث كان قوامها الكذب والنفاق في المنابر الأممية وبمشاركة دول عربية وإقليمية ووسائل الإعلام المشاركة في سفك الدم السوري، ورغم كلّ ذلك أثبت الجيش العربي السوري قدرته على الصمود والانتصار بفضل العقيدة الراسخة والفكر الاستراتيجي الذي يمتلكه وثوابت الدولة وقيادتها الحكيمة وأركانها الأخرى من مبادئ وطنية وقومية جامعة, فقد نشأ من رحم شعب مقاوم زرع في فكره ووجدانه الحسّ الوطني والقومي، والأهم هو النهج المعتمد لبناء سورية القوية، سورية عنوان المقاومة والقلب العروبي النابض، ومن هنا فقد تصدى للمخطط الصهيو ـ أمريكي بفكر استراتيجي مقاوم لهذه المشاريع، وثقة مطلقة بعقائدية الجيش العربي السوري وقدرته على الصمود والانتصار، فحقق ومازال إنجازات كبيرة وهائلة في الميدان أذهلت العالم وغيرت سياسات ورسمت معادلات جديدة لا يستطيع أحد إنكارها، والأهم من ذلك كله هو تلاحم الشعب والجيش والقيادة في معركة ضارية قادتها ومولتها ورعتها دول الهيمنة والاستعمار في العالم، لكنّ إرادة الشعب السوري المتمسّك بأرضه والمؤمن بقضيته والمتفهم لحقيقة وطبيعة المؤامرة كانت أقوى من كل مخططاتهم وأسقطت أهدافهم العدوانية الشريرة واحداً تلو الآخر.
سورية عريقة بحضارتها
*يؤكد السوريون اليوم بجميع شرائحهم أنهم دعامة الوطن في مواجهة العدوان والإرهاب والحصار، فكيف تنظرون إلى المقاتل السوري بوصفه عاملاً رئيساً من عوامل الصمود والانتصار؟
**يشير رئيس فرع الإعلام في الإدارة السياسية أنه لا يمكن الحديث عن المقاتل السوري من دون الحديث عن الإنسان السوري بعامة، فسورية بلد عريق بحضارته الإنسانية التي تمتد جذورها بعيداً في التاريخ.. إنها بلد الأبجدية الأولى والحضارات العريقة التي شعّ نورها على الدنيا أجمعها، والسوري ـ تاريخياً ـ كان مشبعاً بالفكر الإنساني الحضاري بما فيه من مشاعر الولاء والانتماء للأرض والوطن، والفخر والاعتزاز بالقيم والمبادئ الأخلاقية والوطنية، ومن هنا فقد قاوم كل أشكال العدوان ومحاولات الهيمنة والسيطرة والاستعمار، والتاريخ مليء بالشواهد على ذلك،
وإذا ما عدنا قليلاً إلى الوراء نتذكر وطنية وشجاعة هذا الإنسان والمقاتل السوري في معركة ميسلون حيث كان قرار مواجهة الجيش الفرنسي المتطور من قبل قلة قليلة من الجنود الذين أرادوا تجسيد حقيقة السوري الوطنية والإنسانية بكل ما فيها من قيم رفيعة من خلال هذه المعركة، حيث انتصرت الإرادة على العدوان، وبالتأكيد فإن بسالة وشجاعة المقاتل السوري هي من حققت الانتصار ودفعت قوى الاستعمار إلى جرِّ أذيال الهزيمة.. هذه البسالة ذاتها أبدعت النصر في تشرين التحرير عام 1973م وفي مواجهة الحرب العدوانية الإرهابية الحالية.. إنها امتداد لإرث المقاتل السوري ولشجاعته منذ فجر تاريخ سورية العريق.
وكما أن الانتصار دائماً هو من نصيب الشعوب المناضلة ضد العدوان، التي تمتلك إرادة الحياة والمقاومة والانتصار، فإن سورية منتصرة بشعبها وبجيشها وبقيادتها لأنها صاحبة حق راسخ في الدفاع عن وجودها ووحدة أرضها وكرامة شعبها.
الإعلام الوطني وصناعة النصر
*كان للإعلام الوطني بشكل عام والإعلام الحربي بشكل خاص دور أساسي في مواجهة حملات التضليل الإعلامية المعادية ومشاركة رجال جيشنا في صناعة النصر، حبذا لو تحدثنا عن هذا الموضوع.
**قبل أن تشن الحرب الإرهابية على سورية تعرض شعبنا بشكل عام وجيشنا العربي السوري بشكل خاص لحرب إعلامية نفسية لا سابق لها جُندت فيها الكثير من وسائل الإعلام المضللة بأنواعها المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة، الفضائية والالكترونية وغيرها من أساليب تنفذها الغرف السوداء كالدعايات المغرضة والشائعات والأفلام المفبركة التي تاجرت وتتاجر بدماء السوريين دون حسيب أو رقيب وفي مشهد تضيع فيه كل معايير الموضوعية والمهنية فتضيع الحقيقة وينخدع المتلقي حسب الطلب المحدد.
لقد استطاع إعلامنا الوطني رغم إمكانيته المحدودة أمام الإمكانيات الإعلامية المعادية التصدي لهذه الحرب الإعلامية المضللة وتعرية مخططاتها أمام شعبنا العظيم، كما استطاع الإعلام الحربي أن يواكب انتصارات وتضحيات جيشنا الباسل وأن يعمل على التصدي لكل الحملات الإعلامية التي تستهدف قواتنا المسلحة عن طريق فضحها وكشف زيفها بالأدلة والبراهين وتقديم المعلومات الصحيحة من أرض الميدان عن حقيقة الحرب التي يخوضها جيشنا ضد الإرهاب وداعميه، واستطاع الإعلام الحربي أيضاً إذكاء روح القتال والبذل والتضحية التي يتمتع بها رجال جيشنا الباسل وتحصين المقاتل من التأثيرات الإعلامية المعادية عبر تسليحه بالمعلومات الدقيقة الواضحة، وترسيخ الوعي الدائم لديه وإبراز أهمية ما يقوم به في الدفاع عن الأرض وحماية الشعب ورد كيد العدوان والحفاظ على سورية بلد التاريخ والحضارة والأبجدية.
وتابع سيادة العميد جازية حديثه بقوله: لقد نجح الإعلام الحربي في تأدية مهامه على أكمل وجه وكان مع المقاتلين في مواقعهم الأمامية، وبين بطولاتهم وتضحياتهم وقدم معهم الشهيد تلو الشهيد دفاعاً عن كرامة سورية وطهر ترابها فكان بحق مثالاً للإعلام الوطني الملتزم بعقيدة الشعب المدافع عن قيم الحق والعدالة.
النضال المشرف
*سيادة العميد هل من رسالة توجهها في هذا اليوم المبارك؟.
**نؤكد دائما أننا سائرون بقيادة السيد الرئيس الفريق بشار الأسد على طريق العزة والكرامة، لتعلو راية الوطن خفاقة، ويستمر النضال المشرف لأجل علياء الوطن وسموه، وتطهير كل ذرة تراب من رجس الإرهاب ورعاته وبناته، وهذا هو خيارنا الوطني وهو خيار الشعب ومصلحة الوطن، متمثلين قول السيد الرئيس الفريق بشار الأسد: «إن قواتنا المسلحة التي سطرت ملاحم البطولة بتماسكها وصمودها وبلحمتها الوطنية كانت انعكاساً لصمود الشعب وتماسكه, فحافظت على المواطن عزيزاً كريماً آمناً».
وإننا على يقين تام بأننا أكثر قوة مما قد يخطر على ذهن المعتدين, وأكثر تصميماً على الاستمرار في مواجهة ما نتعرض له من محن وتحديات, ويقيننا مطلق بالنصر لأننا أصحاب حق وندافع اليوم عن حقنا في الحفاظ على وحدتنا الوطنية تحت راية قائد الوطن ورمز شموخه السيد الرئيس الفريق بشار الأسد.
أخيرا نؤكد بدورنا كشعب عربي سوري أننا على عهد الوطن باقون كما أقسم الجيش العربي السوري العقائدي “وطن- شرف- إخلاص”.