الثورة – ترجمة ختام أحمد:
تزعم صحيفة نيويورك التايمز أن استعراض “إسرائيل” للقوة العسكرية والتكنولوجية ساعد على الأرجح في إعادة تأسيس نفسها، وأن الجيش الإسرائيلي استعاد “مكانته”.
هل من الممكن استخدام كلمة “مكانة” عندما تواجه طبيعة حملة الإبادة الجماعية والأرض المحروقة التي تشنها “إسرائيل” في غزة، حيث قُتل أكثر من 42 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال؛ واستخدام الطائرات المقاتلة ضد الأراضي المحتلة في الضفة الغربية، وهو ما ينتهك سلسلة من اتفاقيات جنيف؛ والآن القصف الشنيع لبيروت، والذي بدأ يشبه حملات القصف الإسرائيلية في غزة على مدى العام الماضي.
لقد حولت “إسرائيل” غزة إلى أنقاض، مما أدى إلى نزوح ما يقرب من مليوني شخص داخلياً. وتهدد “إسرائيل” بفعل الشيء نفسه في لبنان في عمليتها “المحدودة” و”المستهدفة” التي شردت بالفعل أكثر من مليون لبناني.
هذه هي الإنجازات المزعومة التي جعلت من “إسرائيل” منبوذة دولياً، وكشفت عن نفاق الولايات المتحدة في إدانة حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية.
دعونا ننظر عن كثب إلى “المكانة” العسكرية لإسرائيل من حيث الأرواح البريئة التي أزهقت، بما في ذلك الأطفال الرضع الذين لم يبلغوا عيد ميلادهم الأول.
اعتباراً من 4 تشرين الأول 2024، أظهرت التحقيقات الأولية التي أجرتها لجنة حماية الصحفيين أن ما لا يقل عن 127 صحفياً وعاملاً إعلامياً كانوا من بين أكثر من 42000 قتيل منذ بدء الحرب، مما يجعلها الفترة الأكثر دموية للصحفيين منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين في جمع البيانات قبل أكثر من 30 عاماً. قُتل أكثر من 885 عاملاً في مجال الرعاية الصحية في غزة والضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول 2023.
ويشمل ذلك الممرضات والمسعفين والأطباء وغيرهم من العاملين الطبيين. قُتل العديد من الأطباء في منظمة أطباء بلا حدود، الذين اضطرت فرقهم إلى الفرار من 14 منشأة صحية مختلفة وتحملوا 26 حادثة عنيفة منذ بدء الحرب.
في حادثة شنيعة بشكل خاص في شهر نيسان، أصابت صواريخ أطلقتها طائرات إسرائيلية بدون طيار تعمل في غزة قافلة تحمل علامات واضحة لمنظمة “وورلد سنترال كيتشن” التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، وهي واحدة من المنظمات القليلة القادرة على توصيل الإمدادات للمدنيين الجائعين.
وقُتل سبعة أشخاص، بما في ذلك عمال إغاثة من الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا وأستراليا، إلى جانب سائقهم الفلسطيني. وكانت القافلة قد أبلغت قوات الدفاع الإسرائيلية عن مسارها وإحداثياتها، وهو أمر معتاد في مثل هذه القوافل الإغاثية.
وقال الرئيس جو بايدن الغاضب مرة أخرى إن “إسرائيل” “لم تبذل جهداً كافياً” لحماية عمال الإغاثة والمدنيين من هجماتها.
وأكدت إدارة بايدن لإسرائيل أنها يجب أن تتبع المعايير الدولية في حماية المدنيين، لكن حكومة نتنياهو أثبتت أنها غير قادرة أو غير راغبة في القيام بذلك.
صرح وزير الخارجية أنتوني بلينكن أنه لا يوجد دليل على أن “إسرائيل” تمنع وصول المساعدات إلى غزة، على الرغم من أن التقارير الداخلية لوكالة التنمية الدولية وثقت عرقلة “إسرائيل” للغذاء والوقود.
مرة أخرى، يتعين على “إسرائيل” أن تواجه مهمة تحويل انتصاراتها العسكرية المزعومة إلى تسويات دبلوماسية طويلة الأجل، لكن نتنياهو لم يكن مهتماً قط بالتسوية الإقليمية أو الدبلوماسية.
ولم تعترف “إسرائيل” قط بحق العودة الفلسطيني، على الرغم من أنه جزء من القانون الدولي، ويضمن القرار 194 للأمم المتحدة للفلسطينيين هذا الحق على وجه التحديد. وكانت هذه هي المشكلة التي واجهتها “إسرائيل”، لكن “إسرائيل” لم تتمكن من تحقيق نجاح دبلوماسي منذ عام 1967، وهي الآن أبعد من تحقيق الاستقرار الإقليمي.
الواقع أن القيادة الإسرائيلية الحالية غير مهتمة بشكل خاص بالنجاح الدبلوماسي، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن هناك خلفاء لبنيامين نتنياهو على استعداد لمعالجة مسألة السيادة الفلسطينية.
فقد ركز نتنياهو على إطالة أمد الحرب في غزة، وتوسيعها إلى لبنان، وتجنب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس ــ حتى على حساب التخلي عن الرهائن المتبقين في غزة.
إن الولايات المتحدة تقدم ضمانات دفاعية لإسرائيل وتحذرها من التصعيد، ولكن القوات الإسرائيلية تنفذ عمليات ضخمة دون تحذير الولايات المتحدة. ولقد أصبحت “إسرائيل” منبوذة لسبب وجيه، وقد أدت هذه العملية إلى إضعاف مصداقية الولايات المتحدة ونفوذها.
المصدر ـ كاونتر بانش