سورية دولة شاطئية وهذه ميزة مهمة يفترض أن تشكل لها مورداً مالياً كبيراً من خلال المشاريع والاستثمارات التي على حكوماتها المتعاقبة أن تقيمها على امتداد شاطئها البحري من الحدود مع لبنان جنوباً حتى الحدود مع تركياً شمالاً، وأيضاً ضمن مياهنا الاقليمية وفي جزيرة ارواد وجزيرة الحباس والنمل، فهل حصل ذلك عندنا في فترات الأمن والأمان والرخاء أم لا ولماذا ؟وماذا عن مستقبل هذا الشاطئ ؟
في إطار الإجابة على هذا السؤال أشير إلى أن طول شاطئنا قصير جداً مقارنة بمعظم الدول المتشاطئة على المتوسط والبحار والمحيطات الأخرى، وهذا الأمر يفرض علينا استثماره أفضل استثمار وبما يعود بالخير على المواطنين وذوي الدخل المحدود منهم بشكل خاص، وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام، لكن بدلاً من ذلك نجد أن الاستثمار الصحيح لنسبة كبيرة من هذا الشاطئ في واد والواقع القائم عليه في واد آخر، والأسباب برأينا غير موضوعية وتتحمل مسؤوليتها الجهات المعنية بالتخطيط الإقليمي والمخططات التنظيمية إضافة للمسؤولين المتعاقبين والمفاصل الرئيسيّة في السلطة البحرية (الموانئ ) والوحدات الإدارية (البلديات) التي تم نقل الأملاك البحرية ضمن المخططات التنظيمية اليها..!.
وهنا أقول إن جولة ميدانية على امتداد هذا الشاطئ داخل وخارج المخططات التنظيمية والاطلاع على الإشغالات والاستثمارات القائمة عليه بشكل نظامي أو غير نظامي، إضافة للأماكن الشاغرة هنا وهناك كفيلة بأن تجعل كل من يقوم بها – إذا كان حريصاً وغيوراً وشريفاً- في مقدمة من يطالبون ويعملون على تغيير الواقع للأفضل وبما ينسجم مع أهمية هذا الشاطئ من جميع الجوانب.
لكن حتى تكون الجولة أكثر فائدة وأهمية أقترح مجدداً أن تشكل وزارت النقل والإدارة المحلية والبيئة والسياحة والمحافظة في كل من اللاذقية وطرطوس -كجهات مشرفة على الأملاك البحرية والأملاك المطلة عليها- فريق عمل متخصص يملك أعضاؤه معرفة جيدة وخبرة مميزة وذهنية منفتحة حول ما تشهده الشواطئ البحرية في الكثير من دول العالم، ومن ثم أن يكلف هذا الفريق خلال فترة زمنية محددة بوضع أسس تخطيطية وتنظيمية وجمالية واستثمارية لهذا الشاطئ، خاصة للمناطق الشاغرة عليه، وبعد ذلك يتم اعتمادها بقرار من مجلس الوزراء، يحظر على أي جهة معنية تجديد أو تمديد رخصة أو إصدار رخصة جديدة او مخطط تنظيمي ونظام ضابطة أو إقامة مشروع خدمي أو استثماري على امتداد هذا الشاطئ إلا بالإستناد اليها تحت طائلة المساءلة والمحاسبة.
هذا الاقتراح ليس بجديد فقد سبق وتم طرحه أكثر من مرة في اجتماعات رسمية ومقالات منذ أكثر من خمس سنوات ووضعه بتصرف مدير عام السلطة البحرية (الموانئ) عام 2019 أول تسلمه المهمة للمباشرة بدراسته والعمل بكل اهتمام بالتعاون مع المعنيين لوضعه موضع التطبيق دون تأخير حتى لا تستمر حالات الفوضى المترافقة مع الخلل والفساد وخسارة المال العام، لكن لم نلمس شيئاً على ارض الواقع، لذلك نأمل من إدارة السلطة البحرية الحالية دراسة هذا المقترح بكل حرص وجدية والعمل على وضعه موضع التطبيق بإشراف ومتابعة وزارة النقل.