الثورة – متابعة رولا عيسى – وفاء فرج:
أمام ما يشوب ملف المشتقات النفطية وتأمينها من صعوبات ناهيك عن مخالفات ومتاجرات فعاليات صناعية بها وفي وقت تزداد فيه الصعوبات لتأمين المادة، كل ذلك استدعى من الحكومة التفكير نحو توحيد سعر المادة حيث تشهد مادة المازوت حالات تشوه سعري وتشوه في حساب التكاليف، ولا يزال القسم الأكبر من المادة يوزع بسعر 2000 ليرة للتر الواحد.
على ضوء ذلك ناقش مجلس الوزراء خلال جلسته المنعقدة أمس توصية اللجنة الاقتصادية لزيادة سعر المازوت الموزع على القطاع الزراعي بالسعر المدعوم من 2000 ل.س/ل إلى 5000 ل.س/ل، وكذلك زيادة سعر لتر المازوت الموزع على المنشآت الصناعية الزراعية من 8000 ل.س/ل إلى سعر التكلفة.
وبعد نقاش مستفيض تباينت فيه وجهات النظر بين عدد من الوزراء توصل المجتمعون إلى جملة من الطروحات تركزت بشكل واضح على ضرورة الاستمرار بدعم القطاع الزراعي ومدخلات الإنتاج الزراعي حرصاً على تمكين المزارعين من الاستمرار بعملهم، باعتبار القطاع الزراعي هو الحامل للأمن الغذائي وتحقيق ما أمكن من الاكتفاء الذاتي في ظل الظروف التي يمر بها البلد.
زيادة أسعار المنتجات..
ورأت المداخلات أن رفع أسعار المازوت كما هو مقترح سيؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات النهائية في الأسواق وسترهق المستهلكين من ذوي الدخل المحدود.
الأمر المهم والضروري ضمن الطروحات ماجاء حول أنه لا بد أن تلحظ الحكومة ضرورة زيادة الرواتب والأجور تزامناً مع توجهها لرفع أسعار المشتقات النفطية.
تشوه سعري..
النقاشات لم تغفل الشفافية في الحديث عن حالات تشوه سعري وتشوه في حساب التكاليف بسبب وجود عدة أسعار لمادة المازوت تدخل في حساب التكلفة، وبالتالي لم يعد هناك فعلياً أي أثر يذكر للدعم في أسعار المنتجات.
تضييق هوامش التباين السعري..
وبسبب وجود أكثر من سعر، نشأت أسواق موازية للمازوت وأصبحت ذات جدوى اقتصادية بذاتها، بحيث أصبح أصحاب بعض الفعاليات يتاجر بمادة المازوت ولا يستخدمها للغرض المخصص له، إذ تم مؤخراً توقيف إحدى الفعاليات الصناعية التي تقوم بالمتاجرة بمادة المازوت بكمية تصل إلى ملايين اللترات وبلغت قيمة مخالفاتها المالية عشرات بل مئات مليارات الليرات، ومن الضروري بمكان تضييق هوامش التباين السعري لتقليل فرص وجود الأسواق الموازية للاتجار بهذه المادة.
العجز المالي..
أيضاً أشارت تداولات اللجنة الاقتصادية إلى أنه هناك واقع حالي حكومي صعب يتمثل بالعجز المالي المتراكم والذي تزداد صعوباته يوماً بعد يوم، ومن الضروري بمكان اتخاذ بعض الخطوات التي تضمن كفاءة إدارة وتخصيص المال العام، بما ينعكس كفاءة على المستوى الاقتصادي الوطني من منظور كلي.
الهدف ليس ربحي..
ومن ضمن الطروحات أن الحكومة لا تهدف من توجهها لرفع أسعار مادة المازوت إلى تحقيق أرباح مالية، فلا يزال القسم الأكبر والأغلب من مادة المازوت يوزع بسعر 2000 ل.س/ل.
وعن الهدف النهائي للإجراء الحكومي المقترح تقول اللجنة الاقتصادية أنه من أجل زيادة كفاءة الإنفاق العام على المستوى الوطني، والحكومة تضع في حسبانها دوماً كيفية توزيع الموارد -ليتم تقليص العجز- لإعادة ضخها في قنوات تنموية مناسبة، سواء في تحسين الرواتب والأجور أو غيرها من القنوات.
لكن وبعد كل هذه الطروحات توصل النقاش بين المجتمعين في مجلس الوزراء إلى الموافقة على توصية اللجنة الاقتصادية، وتكليف الوزارات المعنية متابعة ضبط الأسواق الموازية، وتقديم كافة التسهيلات الممكنة للإنتاج الزراعي، بما في ذلك تكليف وزارة النفط متابعة موضوع تأمين المازوت بأسعار التكلفة عن طريق الشركات الخاصة المعنية.
عياش لـ “الثورة”: زيادة سعر المازوت الزراعي سترفع كل الأسعار.. ولا بد من حلول أخرى
ما أعلن أمس في جلسة مجلس الوزراء عن التفكير بالتوجه لزيادة سعر المازوت الموزع على القطاع الزراعي والمنشآت الصناعية الزراعية، دفع بالكثير من الخبراء للتأكيد بأن الخطوة ستلهب أسعار جميع المواد بالأسواق وأن المواطن ينتظر من الحكومة تخفيض الأسعار وليس زيادتها وذلك من خلال تخفيض تكاليف مستلزمات الانتاج وليس السعي لرفع السعر فكيف هو الحال اذا كانت الزيادة على أهم قطاع اقتصادي وهو القطاع الزراعي الذي في حال اتخذ قرار الزيادة، سترتفع أسعار كل المنتجات.
في هذا الإطار استمعت “الثورة” لرأي الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش حول نية رفع سعر المازوت الزراعي فقال: من حيث المبدأ كل هذه الإجراءات لن تحقق غاياتها حسب ما ترمي إليه الحكومة، فالمنعكس الوحيد لهكذا إجراءات هو زيادة المستوى العام للأسعار، وبالتالي زيادة جموح التضخم.
ورأى أن الإجراء الصحيح، هو توحيد أسعار حوامل الطاقة عموماً، بل توحيد كافة الأسعار التي تتحكم بها الحكومة بما فيها أسعار الصرف.
فطالما هناك عجز في العرض -والكلام للدكتور عياش- ونمو أو حتى ثبات في الطلب، وبوجود أكثر من سعر، سوف تبقى السوق السوداء، وستنمو وتتوسع.. وبالتالي سيزداد هدر الموارد المحدودة أساساً، وستتغول المتاجرة بالمواد المدعومة.
ويتابع: هذا يقتضي بالضرورة حتمية الانتقال من دعم المدخلات، إلى دعم المخرجات في الإنتاج الزراعي، لدعم المحاصيل الاستراتيجية، ومحاصيل الأمن الغذائي، فهذا يضمن عدالة توزيع الدعم، ووصوله لمستحقيه الفعليين، ويلغي التشوه في التكاليف ومنعكسها في التسعير، ويحقق الريعية الكافية لتجديد رأس المال العامل، والاستمرار في الإنتاج وزيادة الإنتاجية.
ويختم الخبير الاقتصادي: للأسف فإن مشروع موازنة 2025 لا يوحي بالتغيير المنشود على مستوى موازنة الدعم الإنتاجي، وبالتالي يتوقع استمرار نفس المعاناة على مستوى الإنتاج الزراعي خلال عام 2025.
جنن لـ”الثورة”: لسنا مع رفع سعر المازوت.. وسيخلق سوقا سوداء
أكد رئيس غرفة زراعة دمشق وريفها محمد جنن في تصريح خاص لصحيفة “الثورة” أن الغرفة ليست مع قرار رفع سعر المازوت الزراعي، خاصة أننا نعمل لتشجيع المزارعين على الإنتاج، وزيادته وتوفير المنتجات، بالتزامن مع تخفيض التكاليف بهدف توفير المواد، وزيادة الإنتاج للتصدير وبأسعار منافسة داخلياً وخارجياً.
ولفت رئيس الغرفة إلى ضرورة دعم مستلزمات الإنتاج الزراعي، والمازوت يعتبر أحد المواد الأساسية في دعم الإنتاج الزراعي، آملاً من الجهات المعنية إعادة النظر وعدم إصدار القرار، وإنما العمل على تخفيض تكاليف الإنتاج، وتذليل الصعوبات التي تواجه المزارعين، خاصة أن القطاع الزراعي هو أساس الاقتصاد الوطني، مبيناً أن زيادة السعر حتماً ستخلق سوقا سوداء، وسيرتفع السعر أكثر ويؤدي ذلك الى عواقب سلبية وكبيرة على المزارعين .
وطلب الأخذ بعين الاعتبار عند إصدار أي قرار متطلبات الحلقة الأضعف، وهم المزارعين والمربين.
ولفت إلى أنه لايمكن أن نقول هناك سوق سوداء في ظل وجود الأتمتة لدى وزارة الزراعة في عمليات توزيع المازوت، حيث تم بالتعاون مع الوحدات الارشادية ومديريات الزراعة قوننة قرارات الوزارة، فأصبح لكل مزارع مخصصاته ونسبته وأن هذا الأمر يمنع وجود تلاعب في المادة بالسوق السوداء، وإنما على العكس -ومشكورة جهود وزارة الزراعة- عملت على تنظيم توزيع المازوت، وعليه رفع سعر المازوت الزراعي لايتوافق مع هذه الجهود.