مرشد ملوك – الثورة
لم تكن فكرة وقناعة محمد أحمد الشاب الدارس في السنة الرابعة هندسة طبية بعيدة عن تفكير وقناعة الكثيرين من الشباب السوري من أبناء جيله .. محمد يتحدث إلى زميله نوفل الدارس بنفس الاختصاص والسنة عن عدم قناعته بالجدوى النهائية للسفر خارج البلاد ، من خلال حسبة اقتصادية بتكاليف السفر وجدواه على المدى البعيد ومن حيث القدرة يوما ما لشراء منزل وتأسيس أسرة مستقبلا ، ويسترسل بطرح أفكارا مبدعة لمشاريع يمكن تحقيقها على أرض الواقع ، وهذا بطبيعة الحال ما تسميه هيئة المشاريع الصغيرة ” ريادة الأعمال” .\
إذ لم يصل مفعول اجتماعتنا وسياساتنا إلى بيئة العمل والشغل والسكن وحتى اقتناء سيارة وصولا إلى تأسيس أسرة ، فإن كل ما نقوم به هو كمن يحارب طواحين الهواء .. لكن للأسف لم تستطع سياستنا الحكومية من مواكبة هذه الحاجات الأساسية لطموح الشباب السوري .
وأد هيئة مكافحة البطالة
قد يكون مضى على وأد واستدارة هيئة مكافحة البطالة وتأسيس هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة قرابة الخمسة عشرة عاما وإلى اليوم رغم كل الجهود لم تستطع هذه الهيئة إخراج قناة اتصال واقعية للوصول إلى الشباب السوري المبدع المتعطش للعمل في كل شيء .
أعلم كل التفاصيل التي رافقت محاولة هذه الهيئة للخروج بصيغة وطنية لاحتضان المشاريع الصغرى ، وهي سياسات حكومية تعدت طيف الهيئة وصولا لتأسيس منظومة لعمل المشاريع الشابة في سورية .
السلسلة الأولى
من خمسة عشر عاما تبلور المشروع الحكومي للدعم وفق ما يلي :
*تسمية هيئة مكافحة البطالة باسم هيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة ونقل تبعيتها إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية .
* تأسيس هيئة تؤمن الضمانات والكفالات لمشاريع الشباب الوليدة وبالفعل بدأت عملها في السوق من قرابة أرربع سنوات ، وتسمى “مؤسسة ضمان مخاطر القروض” .
* تأسيس ما يسمى مصارف التمويل الأصغري .. وهي قامت بالفعل من حوالي الأربع سنوات .
ولأمانة النقل والطرح اطلعت على مشاريع الاحداث الأولى لهذه السلسلة من على مكتب الدكتور سامر خليل وكان يشغل في وقتها معاون وزير الاقتصاد ، وقد تحدث الدكتور خليل عن تفاصيل وملامح هذا المشروع الوطني المتكامل لدعم وقيام المشاريع الصغيرة .
هيئة التشغيل
بدأت هيئة المشاريع الصغيرة جهودها لإخراج المشروع الحكومي من خلال اللف والزيارة على كافة وزارات الدولة لفهم طبيعة المشاريع الصغيرة والصغرى المرتبطة بكل وزارة ، ومن ثم دخلت في قصة تعريف وتصنيف المشاريع الصغيرة والصغرى وكان الأمر، وهذه جهود غير شعبية .
من قرابة العام تولت إدارة هيئة المشاريع الصغيرة الدكتورة ثريا إدلبي ، وهي القادمة من هيئة تخطيط الدولة معززة بخبرة هيئة التخطيط كوعاء يحوي كل مشاريع الدولة وكذلك الأمر من دور مباشر كانت تقوم به هيئة التخطيط بدعم المشاريع الصغرى سواء بالتنسيق مع مؤسسات ومنظمات محلية ودولية
لكن الغريب أن الدكتورة إدلبي لم تستطع إلى اليوم إخراج أي صيغة أو فعل يقدم خطوة ولو صغيرة للمشاريع الصغيرة .. في لقاء تلفزيوني لها تحدث إلى جانب شريكها مدير مصرف الإيداع وهو مخصص للتمويل الأصغري عن أهمية الترخيص المؤقت وريادة الأعمال وتطوير موقع الكتروني لوصول خدمات هيئة المشاريع للناس والكثير من القضايا المهمة لكن الأثر غير ملموس ودون المرتجى ، رغم أنها من الشخصيات الحكومية التي تتمتع بحيوية وامكانيات كبيرة تستطيع أن تقدم الكثير لهذا القطاع .
بنوك التمويل الأصغري
في الحلقة الثانية من مشروع سلسلة دعم المشاريع الصغرى أحدثت الدولة بنوك التمويل الصغير جدا جدا ، لكن هذه البنوك انحرفت بشكل صارخ عن الهدف المأمول والمرتجى منها ، وتفاجئ أصحاب المشاريع بان فوائدها وعمولاتها ورسومها أكبر من البنوك التقليدية الربحية ، وهذا يخالف صكوك إحداثها ، أو ربما تكون الثغرة في صك الاحداث نفسه ، الأمر الذي يضع مصرف سورية المركزي الجهة المشرفة على بيوت التمويل هذه أمام مراجعة عملها وتقديم محفزات لها لتقوم بالدور المأمول منها بتمويل المشاريع الصغرى جدا .
مؤسسة الضمان
ولأمانة الطرح أظهرت في السنوات الأخيرة مؤسسة ضمان مخاطر القروض – الحلقة الثالثة في مشروع دعم المشاريع – جهودا واضحة في تقديم من يطلب الضمانات والكفالات ، وكذلك الأمر عبر التعريف بنشاطها وخدماتها لمن يطلب . لكن دورها يبقى مكملا للحلقات السابقة .
بدون طحين.. !!
أيها السادة الاهتمام الحكومي الرسمي بدعم المشاريع الصغرى واضح و قد خصصت رئاسة مجلس الوزراء من أيام اجتماع خاص لها ، لكن معادلة الزمن في عالم جنون الذكاء الصنعي لا تسمح لنا بمزيد من التأخير، وجهودنا هذه إن لن تصل إلى الأرض خلال أيام يسقطها جنون العالم في ساعات، لذلك علينا أن نلتقط “كيما” محمد أحمد ونوفل وعمر وزيد من شباب سورية الرائد المبدع والأخذ بيدهم الى حياة عملية صحيحة ومنتجة .
أختم ..
تفاجأت إحدى الشركات الكبيرة بأن مديرها التنفيذي يطلب الاستقالة ، وهو الشخص المبدع والرائد في الشركة ، فما كان من مجلس الإدارة الا أن قدم له شيكت مفتوحا بالأجر الذي يريد ، لكنه أصر على الاستقالة قائلا : ” اريد تأسيس مشروع اورثه لأبنائي “