انتهى تقريباً موسم الحرائق – و للحرائق موسم في بلدنا – بعد أن التهمت النيران حوالي 14 ألف كم مربع من الغابات والحراج والأراضي الزراعية.
و نأمل أن يكون قد انتهى “الموسم” ليس من باب الثقة بيقظة ضمير فاعل آثم، ولا بإجراءات حيطة وجهوزية من النوع الذي تزعمه عادة دوائر الحراج ومديريات الزراعة سنوياً في بداية كل الصيف، بل لحلول فصل الشتاء باكراً، و زوال الظروف المناخية الملائمة ل “تراقص ” ألسنة اللهب وهي تحرق قلوب الجميع قبل أن تحرق الأخضر واليابس.
انتهى الموسم…إلى موعد أواخر الصيف القادم، أي بعد عام كامل، وهي مسافة زمنية كافية لنفعل مايجب فعله دون أن يدعي معني ما شخص أو مؤسسة أو وزارة، أن النيران كانت مباغتة ولم تكن الاستعدادات مكتملة كفاية للمواجهة.
عام كامل ..نظنه كافٍ لإعادة النظر بكل ماله علاقة بنزع فتيل أسباب الحرائق، أو مايحول دون إمكانية السيطرة على النتائج..أي إعادة النظر بأوضاع المعدات والآليات، ثم جاهزية وكفاية الطرقات وخطوط النار..ثم أدوات ووسائل الإنذار المبكر، التي لايوجد بين يدي أحد تقرير دقيق بشأنها…لدينا عام كامل ل “التشبيك” على كل ذلك، بشكل يجب أن يكون ممنوعاً بعده الشكوى من سبب أو تقديم عذر و ذريعة لتبرير حريق أو عدم التمكن من السيطرة عليه.
بالأمس كان تعميم رئيس مجلس الوزراء، لعدة وزارات ومعها المحافظون لاتخاذ مايلزم من “احترازات” وتلافي النواقص – النواقص كثيرة – في منظومة المراقبة والإنذار والإطفاء.
المهمة تبدو وطنية بامتياز، ولعلها تقع على كاهل المحافظين، لأنهم المعنيون أكثر بإغلاق بوابات الذرائع، والجهات الباقية هي مساعد ومؤازر في حال خرجت الأمور عن السيطرة.
إن كانت الجهات المعنية من هواة الدراسة، فلتدرس وتمحص وتجتهد…المهم أن تخرج في المحصلة برؤى…وأفكار قابلة للتنفيذ، وتبدأ بتنفيذها بلا تلكؤ كما جرت العادة.
ماجرى من حرائق مؤخراً ..يجب أن يكون آخر خط التسيب والترهل في منظومة المراقبة والإنذر المبكر، إن كان على مستوى التجهيزات أو الموارد البشرية.
وإن أحسنا حساب – ولن نحسن – تكلفة احتراق آلاف الهكتارات، سنستنتج أن كل ماترتبه الإجراءات الاحترازية، لا تساوي شيئاً أمام حجم “الكارثة” والخسائر التي نتمنى بها في “موسم حرائق واحد ..والكارثة تتكرر سنوياً، أي نحن أمام متوالية تقهقر موارد من ذلك الطراز الذي نسميه “ثروة”، فثروتنا تتلاشى أمام أعيننا.
إن لم تنفع سنة كاملة من تعميم رئيس مجلس الوزراء حتى اقتراب موسم الخطر، فهذا يعني أن ثمة مكنة محاسبة وقصاصا يجب أن تبدأ، لمن استرخوا وقصروا في الوقاية، وإن استنفروا عندما تندلع النيران، ولاينفع استنفارهم بشيء.
ختاماً نسأل، بعد كل حرائق السنوات الأخيرة هل تمت مساءلة أحد ..؟
أم أن الأمور تسجل في دفاتر الشيطان الذي لايضره بضع لعنات إضافية؟
نهى علي