عند افتراق “الرسمي” و”الموازي” الأسعار تعكس الأخير منهما “المركزي”: بعض البنوك تحافظ على أسعار صرف مبالغ فيها
الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
ناقش مصرف سورية المركزي فوارق سعر الصرف بين الرسمي والموازي، متطرقا الى وجوب وحدة سعر الصرف تأسيسا على سلبيات السعرين، مبيناً جدية الخطوات التي اتخذها المركزي لتقليص الفجوة التي خلقها الفارق بين السعر الرسمي والموازي.
عقابيل السعرين
ووفقا للمركزي فإن الأدبيات الاقتصادية أكدت أنه لا مناص من أن يكون للاقتصاد سعر صرف واحد بالنسبة لجميع معاملات الحساب الجاري لديه، ولكن في بعض البلدان يوجد أكثر من سعر لتسوية المعاملات، وغالباً ما يكون عبارة عن سعرين أحدهما سعر رسمي لا يتم عنده تلبية الطلب على العملات الأجنبية بشكل كامل، والسعر الآخر مواز (المقصود به سعر السوق السوداء)، الأمر الذي قد يتعارض مع التزامات الدول، ويتسبب في إنشاء أسواق منفصلة لصرف العملات الأجنبية مع فروق أسعار واسعة، ومن الممكن جداً أن يصعب معالجة فروق الأسعار في الأسواق الموازية غير القانونية، وعليه فإن وجود أسواق العملات الأجنبية الموازية والمشاكل المرتبطة بها من المرجح أن يتسبب بمشاكل متعددة، وقد شهد بالفعل ضعف موازين المدفوعات في الدول وضغوط أسعار الصرف والتبعات المتعلقة بجائحة كوفيد-19 زيادة في مثل هذه الحالات.
سعر مقاصّة السوق
وبحسب المركزي فإن إحدى الدراسات تناقش تأثير الفارق المتزايد بين أسعار الصرف الرسمية والموازية في السوق لأغراض تسوية المعاملات الحالية، وما يحدث عندما يتم القضاء على هذه الفجوة من خلال الانتقال إلى سعر مقاصّة السوق بعد التخلي عن السعر الرسمي من قبيل (الاعتراف بالواقع)، الذي لا يمكن لجزء كبير من الاقتصاد الوصول إليه، والتوجه إلى سعر موحد لمقاصّة السوق للمعاملات الجارية، ومن شأنه أن يزيل التشوهات وأوجه القصور التي يفرضها سعر رسمي لا يتماشى مع الواقع الاقتصادي، وتكون العواقب التضخمية المترتبة على هذا التحرك في أغلب الحالات صغيرة نسبياً، وذلك لأن الأسعار تنعكس وتعمل أساساً وفق السعر الموازي، ناهيك عن أن توحيد السعر في حد ذاته لن يؤدي إلى الحد من التضخم وانخفاض قيمة العملة، حيث أن أسعار الفائدة الداعمة والسياسات المالية تعد عوامل مهمة في تحديد معدل مقاصة السوق السوداء أكان ذلك وقت التعديل أو في المستقبل.
انعكاس السعر الموازي
تأسيساً على كل ما طُرِح آنفا، فقد بيّنت الدراسة أن بعض البنوك المركزية تحافظ على أسعار صرف رسمية مبالغ فيها، على الرغم من أنها غير قادرة على ضمان إمكانية تلبية المعروض من النقد الأجنبي والطلب على معاملات الحساب الجاري (النظامية) وفق هذا السعر، وعندها يتطور سوق سعر الصرف الموازي، وكذلك الحال عندما يكون الفارق بين السعرين الرسمي والموازي كبيرا ومستداما، فإن مستويات الأسعار في الاقتصاد تتجه لتعكس سعر الصرف في السوق الموازية، ناهيك عن أن الاعتراف بالواقع من خلال السماح باستخدام سعر مقاصّة السوق يفيد النشاط الاقتصادي دون أن يؤدي بالضرورة إلى مزيد من التضخم، ولكن سعر الصرف الموحد والمعادل للسوق لن يستقر في غياب سياق مالي ونقدي داعم.
الحالة السورية
محلياً. يمتلك الاقتصاد السوري سعرين لليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، أحدهما وفق النشرات الرسمية الصادرة عن مصرف سورية المركزي والمستخدم في كافة عمليات الحساب ضمن سياق المعاملات النظامية، والسعر الآخر هو السعر غير النظامي، وضمن جهود المركزي وبالاستناد إلى المعطيات المحلية والعالمية، فقد تم تقليص الفارق بشكل ملموس بين السعر الرسمي والسعر الموازي بعد اتباع سياسة جديدة لسعر الصرف أكثر مرونة، ناهيك عن أن الوصول إلى سعر موحد أو أسعار متقاربة والحفاظ على استقرارها من شأنه دعم الاقتصاد السوري، وكذلك التوجه في جميع المعاملات والتعاملات الاقتصادية نحو السعر الرسمي.