الثورة – دمشق – جاك وهبه:
تعد المشاريع الصغيرة حجر الأساس لاقتصادات الدول وأحد محركات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتلعب دوراً محورياً في تحفيز النشاط الاقتصادي المحلي وخلق فرص العمل، خاصة في المناطق الريفية والمجتمعات التي تعاني من نقص فرص العمل المستدامة، فهي تسهم في توفير دخل ثابت لأصحابها، مما يعزز مستويات المعيشة ويخفف الضغط على أسواق العمل في المدن الكبرى، وتتيح هذه المشاريع لأصحابها فرصاً حقيقية للاستقلال المالي وتطوير مهاراتهم، كما تسهم في تنشيط التجارة المحلية وتقديم منتجات وخدمات متنوعة تلبي احتياجات المجتمعات.
ورغم هذا الدور الحيوي، تواجه المشاريع الصغيرة تحديات جمة، أهمها نقص التمويل وضعف الموارد المالية اللازمة للتوسع والنمو، فمن دون دعم مالي مناسب، قد تجد هذه المشاريع صعوبة في الاستمرارية أو في تطوير عملياتها، مما يهدد بفقدان الكثير من الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن توفرها، لذا، باتت الحاجة ماسة لتوفير قروض ميسرة ودعم مالي يساعد على استدامتها، ويضمن توسعها بشكل يسهم في النمو الاقتصادي.
وفي هذا السياق، بين نائب الرئيس التنفيذي لمصرف الوطنية للتمويل الأصغر، حازم الدويري، في تصريح خاص لصحيفة الثورة أنه لغاية الشهر السادس من العام الحالي، بلغ عدد المقترضين 92 ألف شخص، وتم دعم 32 ألف مشروع خاص بالنساء، و35 ألف مقترض عادوا لتجربة التمويل مرة أخرى مع المصرف، وهذا يعكس استقرار المشاريع الصغيرة وقدرتها على العودة للحصول على قروض جديدة للتوسع والنمو.
وأوضح أن المصرف يسير مع النهج الحكومي لتنمية القطاعات الزراعية والإنتاجية، التي تعد من الدعامات الأساسية للاقتصاد، وأشار إلى أن مصرف الوطنية للتمويل الأصغر يركز على خدمة شريحة العملاء التي لا تستهدفها البنوك التقليدية الكبرى، مع مراعاة تبسيط الوثائق والأوراق المطلوبة للعملاء، ومن أبرز أهداف المصرف تحويل المشاريع الصغيرة من الاقتصاد غير الرسمي (اقتصاد الظل) إلى الاقتصاد المنظم، من خلال منح قروض ميسرة بشروط مرنة تتيح لأصحاب المشاريع الحصول على سجل تجاري والدخول في الدورة الاقتصادية النظامية، مما يساهم في تطوير الاقتصاد بشكل عام.
وأضاف الدويري أن معظم المشاريع في سورية، وخاصة في الأرياف والمدن الصغيرة، هي مشاريع غير مرخصة، مما يعوق البنوك التقليدية عن تقديم الدعم لها، وهنا يبرز دور مصارف التمويل الأصغر مثل “الوطنية” في دعم هذه المشاريع، مشيراً إلى دور المصرف الكبير في فتح الحسابات الخاصة بالدعم الحكومي، حيث نجح المصرف في الوصول إلى شريحة واسعة من المجتمع في الأرياف التي يصعب عليها الوصول إلى مراكز المدن لفتح الحسابات.
وأشار إلى أن المصرف قام بإنشاء فرق جوالة تجوب الأرياف وتصل إلى المنازل والمواطنين الذين لا يستطيعون الوصول إلى المدن لدعم المشروع الحكومي وتحويل الدعم إلى شكل نقدي عبر المصارف، كما أكد أن مصرف الوطنية يسعى لأن يكون لديه قاعدة خدمات مصرفية متكاملة، حيث يقدم خدمات متنوعة تشمل الحوالات عبر نظام التسويات الإجمالي، أجهزة نقاط البيع، بطاقات الصراف الآلي، فتح حسابات الشركات، حسابات التوفير، وغيرها من الخدمات.
وفيما يتعلق بالخطط المستقبلية، كشف الدويري عن قرب إطلاق تطبيق “الوطنية أون لاين”، الذي سيسهل على المواطنين دفع الفواتير إلكترونياً، مما يسهم في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وخاصة في الأرياف، وأضاف أن التطبيق سيكون مزوداً بكافة المزايا التقليدية مثل التحويلات الداخلية، وكشوف الحسابات، بالإضافة إلى تسهيل عملية الدفع الالكتروني، ما سيساهم في تحسين الخدمات وتوسيع نطاق الوصول إليها.